عبد الله صايل
كثيرة هي الدروب التي يمكن ان يسلكها أدعياء القصيد، ولكن درب واحد ضيق يصل بقلة منهم إلى منصة الإبداع، وبما ان الجميع (تقريباً) يكتبون عن آهات العشق وويلات (الغرام)، فإليك هذه البشرى: من الممكن أن تكون شاعراً اليوم بل الآن!! كل ماعليك القيام به هو شراء احدى مجلات الشعر الشعبي لتتناول عبارة من هذا وكلمة من ذاك لتجد نفسك وقد كتبت قصيدة ستكون ثمرتها نشر صورتك بالألوان في أحد أعدادهم مع قصيدتك العصماء ,, وبالنسبة لعملية اللطش لامن شاف ولامن درى!!
واسمحوا لي ان اقتاد قلمي للكتابة عن قضية الشعر الغزلي والذي مافتىء يدخل في كل شاردة وواردة من كلمات الأغاني والتي تعتبر المرفأ الأول لاستقبال مثل هذا العك !! مع أن الشعر كان في بداياته للحماس والتسجيل والمديح والهجاء والوصف إن لم اكن مخطئاً!! صحيح أن قيساً قد شذّ عن القاعدة,, وأن عنترة قد قفز إلى ساحة الغزل مرة أو اثنتين ومعمها نفر قليل لتخلد اسماؤهم في ذاكرة الشعر العربي!! ولكن أن يكون الغزل مسرحاً للجميع وبوحي ممن يظهرن على شاشة الفضائيات,, فهذا شأن آخر!! فلا صدق شاعرنا ولاعلمت هي بعشقه وهيامه لبلورات الشاشة التي تحوّل مايرسل إليها إلى صورة متحركة!! زمن العشق العذري قد ولى إلى غير رجعة تاركاً لنا مساحة شعرية لاتليق بقدرات هؤلاء المتواضعة!! نحن بحاجة إلى شاعر يرصد مأساة الإنسان العربي، بحاجة لمن ينسج قصيدة عن طفل المستقبل الذي لن يجد قطرة ماء يروي بها زرعه، هذا إن وجد ما يشربه !!، وبحاجة لمن ينصف أمهاتنا، وبحاجة لمن يرصد آلامنا قصيداً ونثراً!!
حتى بعض أولئك الذين حاولوا الخروج عن المألوف في امسياتهم، كانت النتيجة شتات واستجداء معانٍ ورجاء بالتصفيق لما قالوه من لاشيء !!
اعذروني,, فسوادهم الأعظم مفلس حتّى العدوى ! لقد رضينا بالنجومية من نافذة برامج المنوعات الفضائية التي تنشر أغانينا القاصرة متفائلين بحصول تلك على المركز الأول وتلكم على المركز الخامس,, وهكذا!! إنه سباق حميم بين آليات تدور في مارسم لها من فلك الأغاني العاطفية وعجبي لهذه التسمية كونها قد قصرت العاطفة على عشق رجل لامرأة!! أليست الأبّوة عاطفة، والأمومة عاطفة، وعشق الوطن عاطفة,, عاطفة,, عاطفة!!
(TOp10) و(TOp20) لسباق بين شخص واحد ومن معه من صور كربونيّة !! إنه عجز ثقافي تؤكده الحصيلة اليومية لإنتاج هؤلاء الشعراء والمستطربين!!
ولو علم عنترة بأنه سيكون قدوة لهؤلاء لترجّل عن حصانه واكتفى باحتراف كرة القدم مع فريق بني عبس !! ولعاد قيس عن جنونه قائلاً الحمد لله!! أيعقل ان يكون سبب جنوني امرأة!! سأتزوج ممن هي أجمل من ليلى وأعيش في ثبات ونبات وأخلف صبيان وبنات!!
وسيكون لحديثنا هذا بقيّة (إن شئتم!!) وأترككم الآن مع ال (TOp10) لأفضل العكّاكين!!