بالرغم من ذلك ضرورة المرحلة د, محمد الكثيري |
يحق لنا ان نتغنى بتلك الانجازات التي تحققت لهذه البلاد بقطاعيها العام والخاص خلال الثلاثين عاما الماضية, وهي انجازات انعكس اثرها ايجابا على تلك الخدمات التي تقدم للمواطن سواءً كان مقدم الخدمة جهازا حكوميا او مؤسسة خاصة, فما تحقق خلال تلك الفترة القصيرة نسبيا في مفهوم التنمية يفوق ما تحقق لدول اخرى خبرت التنمية وشرعت في ممارستها قبلنا بسنوات, الا ان ذلك الانجاز الذي تحقق خلال تلك الفترة خلق لدينا خطابا اعلاميا يسوده الاطراء والاعجاب بل والمبالغة احيانا في وصف المنجز, وهذا الاسلوب الخطابي له ما يبرره في بعض الاحيان اذا كان الهدف هو شحذ الهمة وخلق الحماس لدى من يقف خلف ذلك الانجاز, بل هو قد يكون مطلوبا بهدف التوثيق والتدوين لما تحقق وكذلك من اجل المساهمة في البناء والاضافة والتخطيط لما هو ابعد مما تم انجازه.
الا ان ما لا يجب اغفاله هوان تلك الطفرة التنموية ونتيجة للفترة الزمنية التي مرت بها من جانب ورغبة اصحاب القرار في اختصار السنوات من اجل الوصول الى الهدف في اسرع وقت ممكن من جانب آخر خلفت وراءها بعض السلبيات التي ليس من الحكمة تجاهلها, بل ان المرحلة الحالية بمعطياتها وظروفها قد تتطلب طريقة اداء مختلفة عن تلك المتبعة في المرحلة الماضية مما يعني ليس فقط ضرورة مراجعة ما تحقق خلال تلك الفترة والاستفادة من ايجابياتها والحد من سلبياتها ولكن اهمية النظر بأسلوب مختلف والبحث عن طرق اخرى للتعامل مع المرحلة الحالية, فالبرغم مما قدمته لنا المرحلة الماضية من منجزات عدة ومما صاحبها من بعض السلبيات، الا ان الاولى يجب ألا تكون وسيلة للاسترخاء والتوقف والاعتقاد بالوصول الى الهدف المنشود، كماانه من المفترض ألا تكون الاخيرة مدعاة للتخاذل والتكاسل واتخاذ تلك السلبيات مشجبا وعائقا امام مواصلة البناء.
فبالرغم من ذلك، فإننا مجتمعا ومؤسسات عامة وخاصة مطالبون بمواصلة البناء، مستفيدين مما تحقق بشقيه الايجابي والسلبي وآخذين في الحسبان ظروف المرحلة وما تمليه من مستجدات ومتغيرات تتطلب طرقا ووسائل مختلفة للاستفادة منها والتعايش معها في نفس الوقت, فاذا كان الماضي هو مرحلة البناء، فان المستقبل هو عصر استمرارية البناء, واذا كان البناء تم في ظروف مختلفة كان من ابرزها توفر المصادر المالية للدولة وقلة المتغيرات الاقتصادية الدولية المؤثرة، فان الظروف المعاكسة هي السمة البارزة المصاحبة للمرحلة القادمة مما يعني اعادة النظر في طريقة الاداء وكذلك البحث عن وسائل مختلفة بل ومبتكرة للتعامل مع المعطيات الحالية وكذلك الاستغلال الامثل للمصادر المتاحة, وهذا يجب ان ينعكس على خطابنا الاعلامي الذي عليه ان يدرك هذه المتغيرات ويتعامل معها مع ضرورة تقدير المنجز بدون تضخيم او تحجيم وكذلك تقويم الحاضر واستيعابه والتعامل معه وفق شروطه وتداعياته للاستمرار في البناء من اجل هذا الوطن واجياله القادمة.
|
|
|