Wednesday 24th November, 1999 G No. 9918جريدة الجزيرة الاربعاء 16 ,شعبان 1420 العدد 9918


المثقف العربي ودوره في التحديات الثقافية القادمة

*تحقيق : مريم شرف الدين
توطئة:
تداخل الثقافات ودخول العالم في مرحلة أدت إلى توحد المنظومة الكونية وتحولها إلى محيط متلاطم الامواج نتيجة الافكار المتباينة وتفكك المحتوى الايديولوجي للثقافة التي اصبحت عبارة عن خليط ساعد على تشويه العديد من القيم وخلق واقعاً مليئاً بالاضطرابات حتى أصبحت مساراً خصباً لاجتذاب الكثيرين,, وتعبئة اذهانهم بتصورات جديدة من الاخلاقيات والثقافات التي ستكون أقرب إلى القنبلة الموقوتة التي تهدد أمننا العربي لابد لنا من ان نتساءل امام هذه التحديات وتعددية الاشكال الجديدة للثقافة وما يتطلبه الوضع من اشكال جديدة ايضا للمواجهة وتلافي الخلل والتهديدات التي ستقود وطننا العربي الى شفير الهاوية.
مادور المثقف العربي باعتباره يمثل لسان الامة وضميرها,, في تعزيز مواجهة العالم العربي للتحديات الثقافية ليست التي تهدد وانما التي بدأت تشكل قلقاً وهاجساً حقيقياً لواقع أمننا العربي والاقليمي والوطني ايضاً ومع تزايد المتطلبات الامنية في الوقت الحالي؟؟
بعد طرح الجزيرة لهذا التساؤل على عدد من المثقفين السعوديين والعرب استطعنا الخروج بهذا الرصيد من الاراء:
وفي مستهل هذه الآراء اشار الدكتور حسن بن فهد الهويمل/ رئيس نادي القصيم الادبي (بريدة) والاستاذ غير المتفرغ بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية وعضو مجلس امناء رابطة الادب الاسلامي الى ان الصراع والتحدي الحضاري قائمان منذ ان نشأت الحضارات سواء كانت انسانية ام ربانية فالانسان يصنع الحضارة وينتج القيم ممارسة وتنظيراً - والله سبحانه وتعالى يبعث الرسل ليرسموا للامم شرعة ومنهاجاً وعقيدة والرسل يرث بعضهم بعضاً - ويخلف بعضهم بعضاً يتحدون في الاصول ويختلفون في التشريع ويمتد التحريف إلى كفتهم ثم يكون الصراع والتحدي كما يوضح في هذا السياق/ان واقع الامة العربية واقع مؤلم لانه يخوض معركة غير متكافئة ومع قلة عدده وعتاده يستشري التنازع والتناحر.
مؤكداً.
ومن ثم فإن واجب المثقف ان ينهض بمهمة التصفية والتربية ولم الشمل وتوحيد الكلمة والتسامح وقبول تعدد الاراء واختلاف وجهات النظر ثم التضلع من مختلف المعارف والاهم من ذلك التأصيل المعرفي والشرعي فكثير من المثقفين لايملكون هذه الخصائص.
ويشدد هنا,,, على اهمية التأصيل للمواجهة,, ولكن حتى يكون الاستعداد للمواجهة حضاريا وعلمياً,, لابد من التخطيط والعلمية,, والاسلوب الحضاري ومعرفة الاخر.
* اما الدكتور/ علي بن فايز الجحني وكيل معهد الدراسات العليا اكاديمية نايف العربية قال من جانبه:
لاشك أن التحديات الثقافية التي تواجه العالم الاسلامي والعربي عديدة,, وهي تحديات لها تأثيرها المباشر وغير المباشر على كافة اوجه ومناحي الحياة المعاصرة .
موضحاً ان العالم اصبح مدينة صغيرة,, والتأثير والتأثر قضية مفروغ منها ، فالاقتحام الاعلامي لخصوصية الشعوب,, وثقافاتها من سمات هذا العصر,, واحسب ان كل مايؤثر سلبا على الثقافة العربية والاسلامية له انعكاساته ليس على واقع الامن فقط وانما على هوية الامة ككل.
كما يشير/ إلى ان المدخل الواقعي لمواجهة طبيعة التحديات الثقافية,,يتمحور في معرفة طبيعة التحديات التي اشرنا الى بعضها,, وحينئذ يسهل مواجهتها,, من خلال تحصين الشباب عبر مؤسسات التربية والتعليم مع التركيز على أهمية دور الاسرة في مقاومة الغزو الثقافي وكل مايهدد شخصيته.
*الدكتور/ قطب فهمي الجوابرة,, مؤسسة اسبار للدراسات والبحوث:
اوضح ما تحظى به الثقافة من اهتمام واسع سواء على مستوى السياسات العامة للدول العربية او الانشطة التي تقوم بها المؤسسات الاهلية والمنتديات ومراكز الابحاث والدراسات,, لمواجهة التحديات التي تواجه الثقافة العربية هذه الايام ومنها خاصة فيما يطلق عليه الثقافة العالمية او عولمة الثقافة التي تسعى الى هيمنة وسيطرة ثقافة حضارة القوي على حساب الضعيف وهي بالتالي تعمل على تكريس الاستشباع الحضاري لثقافة الغير,, ومن ثم التأكيد على مبدأ الثنائية والانشطار في الهوية الوطنية القومية.
ويلمح الى ان تطورات العالم الثقافية خلال السنوات الماضية قد شكلت انقلاباً على ثقافات العالم واصبحت تهدد هوية تلك الدول,,, مما نتج عنه استنفار واستنكار الكثير من الدول ولاسيما الدول الغربية منها,, اما نحن العرب فهويتنا العربية تكاد تكون مشوهة ومبتورة بتخليها عن الثقافة العربية الاصيلة.
موضحا ان التهديد الذي يواجه الثقافة العربية يكمن في هيمنة الثقافة الغربية لاسيما الامريكية منها من خلال السيطرة الكاملة على اقطار ومشاعر الشعوب العربية وترويج روح الانهزامية واليأس والتفسخ الاجتماعي وتسطيح الوعي وتزييفه من الحقائق التي تساعد على تكريس ثقافة الغير محل الثقافة العربية.
ويقترح هنا (رفع القيود) لتضييق الهوة بين الثقافات العربية المختلفة ورفع القيود المفروضة على السيولة, بين الاقطار العربية في شكلها الاعلامي الصحفي والسمعي والبصري او في صورتها الاكاديمية التي تتم عبر اولا نريد أن نتفق على تعريف كلمة (ثقافة) هل هي حسب التعريف القديم الذي كان جيل الاوائل يردده قائلاً:الاخذ من كل علم بطرف ,, أم أن الثقافة هي: الدفاع عن الانسان,, وعن الفكر الحر,, وعن التاريخ الناصع,, وعن الانسان عموماً.
ويتساءل هل (الثقافة) كلمة مكتوبة أم حركة ممسرحة,, ام نظرية نقدية,, أم صورة إبداعية باهرة؟!
هذا يتطلب فتح باب الاجتهاد والتشجيع على الاستفادة من المعارف العصرية (الحاسوبية وما يتعلق بها بوجه خاص) ثم الانفتاح على لغات العالم الاساسية,, أ ذ وعطاء ترجمة منها وإليها لنثري اللغة العربية بالمصطلحات العلمية والمعرفية المتطورة.
* اما الاديب والكاتب عبدالله الجفري/ فيطرح في مستهل رأيه عدداً من التساؤلات/
وفي الندوة التي نظمتها مكتبة الساقي,, ومجلة مواقف,, حول: الاسلام والحداثة,, استمعت طويلاً إلى الابحاث التي قدمت, ,وسألت عن: معنى الحداثة حين نتحول إلى شعب من اللاجئين؟!!
كما استوقفني على شاطىء آخر,, كاتب عراقي أمام عبارته هذه: إن ادباءنا العرب: لايحسنون الحديث بلغة الحياة,, فلا تزال لغة المصطلحات الادبية سائدة في احاديثهم !!
ويعود لتساؤلاته/ للجفري/
فهل المصطلحات التي عناها: ليست من الثقافة,, ام انها ثقافة مفروضة؟!
وهناك من يتحدث عن (خطر) الثقافة الوافدة,, اوما اصطلحوا على تسميته ب(الغزو الثقافي) وكيفية مواجهتنا له؟!
ويتساءل هنا عن ابعاد القضية المطروحة,, فهل قصدت في سؤالك مواجهة التحديات الثقافية : الثقافة الوافدة او الغزو الثقافي؟!
ويوضح هنا:(اننا نجد عقولنا قد فُقعت في هذه الثقافة الوافدة,, او الغزو الثقافي,, وذلك من عدة نوافذ,, وحقول,, واخطرها اليوم: الفضاء ونقصد به: الفضائيات ,, والانترنت,, ولم يعد الكتاب يشكل هاجساً حى لدى المتشبثين الان بالرقابة على الكتاب,, ولاحتى خوفاً امنياً على عقول القراء,,.
فلم يعد هناك من يقرأ اليوم الابنسبة محدودة,, ولكن النسبة الاكبر تشاهد وتجلس امام شاشة الانترنت بالساعات و,, تأخذ وتتأثر,, وتتغير!!
ويشير: اما ما هو موجود على الساحة الثقافية,, فاكاد أسميه :دكاكين ثقافية مثل تلك الدكاكين السياسية التي اشار اليها الشاعر البياتي رحمه الله,, والتي قال عنها :إنها تشجع ادعياء وانصاف المثقفين وغير الموهوبين !!
وبعض المثقفين: حولوا انفسهم الى زعماء سياسيين او الى مصلحين اجتماعيين,, بينما دور المثقف اكبر من هذا التحديد,, بل وارقى بكثير!!.
وعن تقديراته لدور المثقف العربي في تعزيز هذه المواجهة,, يقول:
ذات يوم ايضا,, صرخ كاتب عربي بعد ان حاول التحليل والتفنيد,, فقال عبارة قصصتها واحتفظت بها لليوم الذي سيأتي ولم يعد بامكاننا أن نقرأ فيه الابالمشاهدة عبر الشاشة تلفازاً وانترنتاً .
ويتساءل الجفري: تراهم ماذا سيقولون ويكتبون؟!لقد تكشفت (الواقعية) وانحسر نقادها,, صار لدينا نُقاد في الواقعية الاقتصادية ان جاز هذا التعبير!!
ولكن ,, حقاً: ماهو دور المثقف العربي اليوم؟!
فكرت أن اسال قبلك :أين هو المثقف العربي اليوم؟!, ولا أقصد السؤال عنه كاتبا يصول ويجول على صفحات الجرائد,, بل أبحث عنه: مؤثراً بالكلمة وبالثقافة في قضايا مجتمعه و (واقعه),, ولكن يتحول بعض الكتاب أو المثقفين إلى رسامي كاريكاتير,.
فيكتب أحدهم على سبيل المثال يقول بكل قسوة ربما,, او بكل واقعية احياناً,, أو ساخراً:
ويلمح هنا إلى/ إن اساطين الثقافة العربية ونجومها مستعدون دائما للمقايضة على الجوهر بالفتات,, متجاهلين ان العظام التي تدلل بها الكلاب لتكف نباحها وهياجها البلاغي,, هي في الغالب عظام الخراف التي يُفترض ان تكون حارساً عليها,.
ورغم قسوة هذه التصوير,, الا ان دور المثقف العربي مازال غائباً,, أو لعله مغيب,, خاصة اذا كان الوطن العربي يمارس حتى الآن مراقبة الكتب ومصادرتها,, ولانقصد تلك الكتب المغرضة التي تُجهّز لمحاربة الدين او إفساد حلم الإنسان.
تشابك الخيوط
الدكتور محمد صالح الشنطي:
يرى ان التهديدات التي تواجه الامة العربية متنوعة,, ومعقدة في نسيج تشابك الخيوط اجتماعياً واقتصاديا وسياسياً وعلمياً.
موضحاً/
وبالتالي فإن دور المثقف ليس حاسماً ازاءها ولكنه يستطيع ان ينهض بعبء نوعي في فض الخلط الناشىء بسبب ظروف المرحلة الحالية بين اوراق هذا الملف وترتيب اولوياته وفق رؤية شمولية عضوية,.
وتعزيته لذلك,, بان المثقفين شرائحهم ليست متماثلة مهما بدا ذلك لمن ينظر إلى الامور بسطحية, فعلى المستوى الافقي هناك المبدعون والنقاد والمفكرون والاعلاميون وما إلى ذلك.
وعلى المستوى الرأسي هناك تراتب منظور/ فثمة مثقف ذو رؤية بعيدة واخر لاتتجاوز رؤيته المنظور.
وهناك مثقف ملتزم واخر مزاجي,, وثمة من هو صاحب انتماء لفكر او طائفة,, واخر انتهازي متسلق,, إلى اخر هذه الثنائيات التي تبدو بلا حدود.
ولذلك فإنني اعتقد ان من الضروري النظر الى المسألة بحذر شديد وعدم تبسيطها وتحديدها.
فاصلة الختام:
بعد هذه المحصلة من الاراء,, حقيقة هل مازال يوجد المثقف العربي الذي يحمل هموم امته ويخوض حرب نضال سامية,, وتحويل تلك الاقلام التي مازالت تسكن في غياهب الرومانسية الى سلاح مؤثر له المقدرة على الدفاع عن قضايا امته ووطنه ومجتمعه,, ومحاربة الفساد الاخلاقي والجريمة ,, والارهاب,, وكل ماقد يهدد امننا العربي.
ايضا التوحد المشترك والتقاء احساس المثقف العربي والانصهار في بوتقة يجتمع فيها التألق الفكري والحسي سوف تجعله يعي هذا الدور والمسئولية إلتي ينبغي عليها ان يتحملها,, خاصة وان التمزق يبقى من المطالب الصهيونية اليهودية.
وباعتبار ان هذا مايحدث اليوم والواقع الذي تؤكده التداخلات الثقافية التي لعبت فيها وسائل الاعلام الدور الاكبر وباعتبار الصحافة تشكل جزءاً لايستهان به باعتباره لسان وصوت الشعوب هذا مما يجعلنا نؤكد على دور المثقف الكبير والذي من الممكن ان يتقلده ليس عبر الصحافة وحسب وانما اخذ الاعلام هو الوسيلة الند للند واستخدام المثقف لها كوسيلة وسلاح لدحر كل مايهدد امننا العربي في صورته المتكاملة وهويتنا العربية وقبل هذا وذاك مايهدد ديننا واخلاقياتنا وقيمنا، تلك الافرازات الهدامة التي بدأت تطفو على السطح.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

ملحق جائزة المدينة

ملحق الحرس الوطني

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved