Wednesday 24th November, 1999 G No. 9918جريدة الجزيرة الاربعاء 16 ,شعبان 1420 العدد 9918


إسهامات رجال الأعمال؟
د. فهد سعود اليحيا

عندما يمرض شخص ما فهو بحاجة إلى علاج, ومن الناحية الاقتصادية فهذا بحد ذاته له تكلفته المالية, كذلك وبنفس النظرة فإن عدم استطاعة المريض على العمل يعتبر كلفة اقتصادية لأنه غير منتج كما يجب على الأقل طالما أنه ليس بكامل صحته, ولتوضيح المثال فإن مرض الموظف فلان في الشركة العلانية يكلف الشركة: رواتب أيام العمل التي يغيبها الموظف من جراء مرضه +تكاليف العلاج والفحوصات+ تعطل إنجاز الأعمال الموكولة إلى ذلك الموظف, ولايعرف كثيرون، في مختلف المواقع وعلى مختلف المستويات، مدى التكلفة الاقتصادية للاضطرابات النفسية, ومنذ بضع سنوات أنشئت اللجنة الوطنية للرعاية النفسية الأولية برئاسة مدير عام مراكز الصحة الأولية بوزارة الصحة.
والفكرة وراءها تدريب أطباء مراكز الرعاية الأولية على التشخيص المبكر للاضطرابات النفسية وعلاجها ضمن حدود قدرتهم كممارسين عامين وسرعة تحويلهم للأقسام والمراكز المتخصصة, وفي اوروبا وأمريكا يقوم أطباء الرعاية الأولية (أو طب الأسرة والمجتمع) بعلاج 75% من ذوي الاضطرابات النفسية ويقومون بتحويل 25% فقط من مراجعيهم إلى الاختصاصيين النفسيين.
وتنفذ اللجنة المذكورة خطة طموحة ومشروع جبار يهدف إلى تدريب ما يزيد على 2000 طبيب عام في أنحاء المملكة, والخطوات الأولى هي إعداد كتاب ليكون مرجعاً صغيراً لأولئك الأطباء وتدريب عدد من هؤلاء الأطباء ليكونوا مدربين يتعاونون مع أعضاء اللجنة في إقامة حلقات تدريبية في المناطق الصحية المختلفة، وخطة مثل هذه بحاجة إلى ميزانية ضخمة ولكن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة وكلفة المليون ريال تبدأ بريال واحد.
وصادفت اللجنة ما تصادفه كل المشاريع من عقبات مالية في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي بدأت ظلالها تمتد في السنوات القليلة الماضية, وكان هناك خياران إما ان يتوقف هذا المشروع بعد الحلقة التدريبية الثانية أو أن تحدث معجزة تدفع بهذا المشروع الوطني الإنساني الى الامام.
وحدثت المعجزة تكفل مستشفى الحمادي بالرياض بالعبء المالي الأكبر وفي الأسبوع الماضي عقدت الحلقة التدريبية الرابعة وعلى مدى ثلاثة ايام وكان محورها الصحة النفسية للمرأة, وأشهد أن دعم الحمادي لهذه الحلقة كان كريماً وإلى أبعد الحدود, وعلمتُ أن هذه هي الحلقة العلمية الخامسة التي تعقد في مستشفى الحمادي وأن هناك حلقة علمية أخرى ستعقد في ذات المستشفى هذا الأسبوع, أي أن مستشفى الحمادي دعم خلال أقل من سنة ست حلقات علمية في مختلف التخصصات الصحية, وهذا نموذج فذ لتعاون فريد بين القطاع الخاص ووزارة الصحة.
اقول إنها معجزة لأن كبار الأثرياء ورجال الأعمال لدينا مقصرون اللهم اجعل كلامنا خفيفاً عليهم في دعم المشاريع الوطنية والإنسانية, بالطبع لا أعني أنهم لا يفعلون شيئاً ولكني اقول إن تعاونهم أقل من المطلوب ودون المأمول, فأكبر مايفعله معظمهم ولا أقول كلهم هو تبرع مقطوع لجمعية خيرية, ولكن أن يجند مستشفى خاص إمكاناته لخدمة مشروع لن يحقق له دعاية (أو يختلف مع هدفه الاقتصادي) ويتحمل جزءاً كبيراً من التكاليف المالية له فهذا أمر جيد، في حدود معرفتي.
في الغرب يقوم رجال الأعمال والاثرياء والشركات الكبيرة بتبني مشاريع دائمة في مختلف المجالات الثقافة والصحة والخدمة الاجتماعية بل والطرق والمنشآت العامة, ونحن في المملكة بحاجة لأمور كثيرة منها على سبيل المثال مراكز تأهيل للمرضى النفسيين المزمنين ومراكز للأطفال التوحديين,, الخ.
ومن حق الحمادي علينا كمواطنين ونيابة عن اللجنة الوطنية أن نزجي له الشكر والتقدير وأن ندعو الله أن يحذو حذوه آخرون يتقاطرون تباعاً لدعم كل مافيه خير الوطن والمواطن ولتقديم نماذج رائعة عن التعاون بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي وأن يفتحوا آفاقاً جديدة في مجال التكافل الاجتماعي, فلعل كثيرين منهم لم يعرفوا أن هناك وسائل أخرى غير تقديم تبرعات وهبات لهذه الجمعية أو تلك , بارك الله في الحمادي وله وعليه وحمى هذا الوطن المبارك ومواطنيه الطيبين.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

ملحق جائزة المدينة

ملحق الحرس الوطني

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved