خطا الهاتف خطوات واسعة إلى الأمام بفضل عناية جلالة الملك عبدالعزيز وحكومته الرشيدة المستمرة بتطويره وتحديثه وفقاً لما استجد في العالم في ذلك الوقت.
ونستطيع أن نحصر ملامح التطور وما استجد من خطوات واتخذ من اجراءات مهمة في هذه المرحلة في النقاط التالية:
1- صدور نظام التليفون.
2- انشاء المراكز والسنترالات والمحطات الهوائية الحديثة.
3- زيادة عدد الخطوط التليفونية وتحديثها.
4- التليفون الأوتوماتيكي ومدرسته.
5- شبكة التليفون اللاسلكي.
6- البعثات والاستعانة بالخبرات العربية والأجنبية.
وفيما يلي شيء من التفصيل لهذه النقاط:
1- صدور نظام التليفون:
صدرت الإرادة السنية برقم 52/1/4 وتاريخ 17/1/1356ه (مجموعة النظم 1358 : 80-84) بالموافقة على هذا النظام الذي يتضمن جميع ما يتعلق بالمخابرات التليفونية الداخلية والخارجية في ذات الوقت وهو يشتمل على ثمان وعشرين مادة منها ما يتعلق بمد الخطوط التليفونية وتوزيع العمل على المهندسين وكافة مأموري التليفون وأن يكون ذلك بمقتضى نظامه المخصص ومنها ما يتعلق بعدم مد الخطوط التليفونية لأي شخص خارج منزله إلا بواسطة ادارة التليفون ومن يخالف ذلك تصادر منه الأسلاك التي صار تمديدها ويدفع غرامة نقدية تتراوح قيمتها من مائة ريال إلى أربعمائة ريال سعودي وبعضها يتعلق بالأجرة التأسيسية للخطوط التليفونية والشروط الواجب توافرها في الأسلاك التليفونية ، وبعض المواد يتناول الاشتراك الشهري لكل تليفون وقيمة التأمين الذي يدفع للإدارة لكل من يرغب الاشتراك في الخطوط الخارجة عن بلدته وهناك تعليمات عامة يتعلق بعضها بكيفية استعمال التليفون وبعضها يتعلق بالآداب العامة وعدم استعمال الشتائم في حالة تأخر طلب المشتركين وإذا ثبت أن هذا التأخير كان متعمداً من قبل مأموري السنترال أو اهمالاً منهم فإن ذلك يعرضهم للتحقيق وما يترتب على ذلك من جزاءات وذلك طبقاً لنظام المأمورين العام وغير ذلك مما ورد مفصلاً في مواد هذا النظام الذي جرى العمل به من تاريخ تصديقه ونشره في الجريدة الرسمية.
ولعل من المفيد أن نشير هنا إلى ما طرأ على المديرية العامة للبرق والبريد والتليفون من تقدم من حيث صلتها بجمهور المشتركين حيث أصدرت دليلاً لمشتركي التليفونات الموجودة في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة والطائف وجازان في شوال 1357ه/1938م، وذلك لتعميم المخاطبات بالأرقام بدلاً من الطريقة القديمة التي كانت مستعملة من قبل وقد صدرت الدليل بالمعلومات اللازمة التي تسهل المكالمات وتشير إلى الأساليب التي يجب أن تتبع للتعاون على سهولة المخاطبات بحيث جاء الدليل واضحاً كل الوضوح فيما يحتاج إليه المشترك من معلومات وبيانات كذلك طبعت في هذا الدليل اعلانات تجارية رغبة في مساعدة التجار نتيجة نشر هذه الاعلانات وما سيترتب عليها من فائدة مزدوجة لهؤلاء التجار في داخل المملكة وخارجها.
2- انشاء المراكز والسنترالات والمحطات الهوائية الحديثة:
رغبة في تحسين المكالمات (الهاتفية) وتأمينها وانتظامها كان لا بد من تزويد البلاد بأحدث ما وصل إليه العلم الحديث وأنتجه الفكر العامل في ذلك الوقت لذلك صدرت الإرادة السنية بانشاء المراكز والسنترالات والمحطات الهوائية الحديثة حيث أن السنترالات القائمة كانت غالبيتها من الطراز القديم ومن ثم كان يجري تأمين العمل بواسطتها بصعوبة كبيرة حتى قيل إن من أسباب تأخير المحادثات التليفونية سوء التفاهم الواقع بين السنترالات والتليفونات فلا تكاد تتفاهم الآلات يعني السنترالات والتليفونات إلا بعد أن ترهق الموظف ومعنى هذا أن السنترالات نفسها في حاجة إلى نظرة طويلة عريضة من الناحية الفنية (البلاد 1366 - ع666).
وامتثالاً للأمر السامي قررت الحكومة استيراد سنترالين كبيرين على أحدث طراز من شركة سيمنس العالمية الشهيرة وأوفدت الشركة مهندسين اخصائيين من طرفها لتركيب هذين السنترالين أحدهما مهندس مسلم ويدعى فؤاد بك أويفور ويقوم بتركيب سنترال مكة المكرمة الذي كان يشتمل على سبعمائة نمرة (خط) تليفون ، أما المهندس الآخر فسويسري ويدعى أوجين روبرت ويقوم بتركيب سنترال جدة الذي كان يشتمل على أربعمائة نمرة فقط.
هذا وقد أوردت جريدة البلاد السعودية نقلاً عن جريدة الأهرام المصرية نبأ عن طرح المشروعات الخاصة بانشاء السنترالات التليفونية الأوتوماتيكية في مكة وجدة والطائف في المناقصة العامة وقد قدرت نفقاتها بنحو 200 ألف جنيه مصري كما قدر لتنفيذها نحو سنتين ، كذلك طرحت وزارة المالية مشروعاً بالمناقصة العلنية بشأن انشاء بناية لسنترال البغدادية بجدة وفق الشروط والمواصفات الفنية التي حددتها الوزارة ويرجع ذلك لاتساع حركة العمران في هذه الضاحية واعتياد لفيف من السراة والأعيان قضاء فصل الصيف فيها، وحظيت جدة أيضاً بجهود موفقة من قبل الشيخ صالح كيال مدير البرق والتليفونات بها لاحلال السنترالات الجديدة محل القديمة ولذلك تم استيراد ثمانية سنترالات جديدة تم تركيبها في عام 1371ه / 1952م وانتظمت باستخدامها المكالمات التليفونية بحيث انقطعت الشكوى تماماً من قبل الجمهور ، ومن المراكز التليفونية التي انشئت خلال هذه المرحلة المركز التليفوني بين مكة المكرمة والزيمة للمكالمات المحلية ولم يقتصر انشاء المراكز والسنترالات على مكة وجدة والطائف في هذه المرحلة فحسب وإنما شاركتهما في ذلك الرياض أيضاً حيث طرح مشروعاً لانشاء سنترالات يدوية جديدة من نوع الماجنيتو سعة ثمانمائة خط قابلة للزيادة مع تأسيس شبكة الخطوط الأرضية اللازمة لها تأسيساً كاملاً على أن ينفذ هذا المشروع من قبل احدى شركات التليفونات التي يستقر العطاء عليها في أقصر مدة ممكنة ، أما عن المحطات الهوائية التي انشئت في هذه المرحلة فإن لها قصة فحواها أن حكومة جلالة الملك المعظم قد اشترت في سنة 1358ه/1939م اثنتي عشرة آلة للتليفون اللاسلكي من أمريكا للاستفادة من تشغيلها والعمل بها في مكة المكرمة والرياض والمدينة المنورة وسائر أنحاء المملكة وعندما وصلت هذه الآلات وأجريت عليها التجارب الناجحة تقرر انشاء محطتين في كل من الطائف والرياض وافتتحت المخاطبة بين صاحب السمو الملكي الأمير فيصل النائب العام من قصر الرياض بالطائف وبين جلالة الملك المعظم في الرياض حيث تشرف الحاضرون جميعاً بسماع صوت جلالته الكريم من مسافات شاسعة بعيدة وصحب هذه المناسبة السعيدة اقامة حفل رسمي كبير لائق بها.
وحسبنا أن نشير إلى ما جاء في كلمة جلالة الملك المعظم بهذه المناسبة حيث قال :بسم الله نفتتح خط التليفون اللاسلكي بين الرياض والطائف وأن هذه مقدمة لفتح المخاطبات التليفونية اللاسلكية ان شاء الله بين سائر أجزاء هذه المملكة.
3- زيادة عدد الخطوط التليفونية وتحديثها:
نظراً لاتساع نطاق المخابرات التليفونية ولا سيما بين مكة والطائف في فصل الصيف وبين مكة وجدة في موسم الحج وعدم كفاية الخطوط الموجودة لتأمين ذلك صدرت موافقة المقام السامي على انشاء وتمديد خطوط جديدة بين كلا الطرفين وقد تم بالفعل مد خط جديد بين مكة والطائف عن طريق السيل لما في ذلك من الفوائد الجمة في تأمين راحة المسافرين من هذا الطريق كما تم مد خط آخر مزدوج بين البلدين زيادة في تأمين المخابرات التليفونية بين مكة والمصيف (الطائف) لانتقال دوائر الحكومة إليها في فصل الصيف كما هو معروف.
وبناء على موافقة المقام السامي أعلنت المديرية العامة للبرق والبريد عن رغبتها في انشاء خطوط تليفونية بطريق المقاولة على أن تكون جميع الأعمدة والأسلاك وما تحتاج إليه هذه الخطوط على الشخص المقاول وبيانها كالتالي:
1- عشرة خطوط مجوز (مزدوج) فيما بين مكة وجدة.
2- خمسة خطوط مجوز (مزدوج) فيما بين مكة والطائف.
3- ألفا خط مجوز (مزدوج) داخل بلدة مكة.
4- ألف خط مجوز (مزدوج) داخل بلدة جدة.
وفي العام نفسه (أي 1366ه/1947م) طرحت وزارة المالية بجدة عطاء لشراء أدوات تليفونية من أعمدة حديدية أو خشبية وأسلاك نحاسية مع ما يتبع ذلك من أذرعة حديدية وفناجين ومسامير وخلافه وذلك طبقاً للمواصفات.
هذا وقد تم بالفعل انشاء أربعمائة وخمسين خطاً (مزدوجاً) أسلاك مواسير مسلحة تحت الأرض وعمل جوامع رئيسية وفرعية للخطوط المذكورة بصورة فنية ومنظمة داخل بلدة مكة للجهات التالية:
- من مقر الادارة العامة في القشاشية إلى محلة الغزة
- من مقر الإدارة العامة إلى شارع رفيق.
من مقر الإدارة العامة إلى نهاية زقاق الشيش في المدعي.
- من مقر الادارة العامة إلى نهاية زقاق الكرات في شارع المسعى.
- من مقر الادارة العامة إلى أول خان المفتي في شارع المسعى.
وقد جرى تأمين مخابرات جميع التليفونات التي في المحلات المذكورة على خطوط مجوز (مزدوج) بواسطة المواسير المذكورة بصورة منظمة.
ويذكر المدير العام للبرق والبريد أن ما تم استيراده من هذه الأدوات التي وصلت بالفعل إلى جدة ألفا عمود ذات طول أحد عشر متراً من السويد وثمانون طناً من السلك النحاس من بريطانيا وثلاثون ألف عازل من أمريكا ويضيف قائلاً: ونحن باذلون الجهد في اكمال باقي النواقص الاخرى وفي حين اتمامها سنباشر في تأسيس الخطوط الجديدة إن شاء الله.
ولم تقف المديرية العامة مكتوفة الأيدي أمام هذا التأخير، لذلك أرسلت في استيراد هذه الأدوات من شركة سيمنس في لندن وتمكنت بواسطتها من تأمين ثماني مكالمات تليفونية في آن واحد بين مكة وجدة على الخطوط الحالية مقابل مكالمتين في السابق أي أربعة أضعاف ما كان قبل ذلك ، وبفضل هذا التصرف أصبح من الميسور تأمين المخابرات التليفونية بين البلدين بصورة مرضية ، هذا ولم يتم انشاء هذا الخط بصورة نهائية إلا في عام 1370ه/1951م أي بعد عامين ، ويتكون هذا الخط الجديد من ثمانية خطوط تتفرع إلى اثني عشر خطاً عدا الخطوط التليفونية السابقة ، كذلك تم تركيب جهاز (كارير) جديد على خط الطائف التليفوني وهذا الجهاز هو أحدث الأجهزة التليفونية التي تستعمل في توليد أربع مكالمات من خط تليفوني واحد ، وعلى ذلك أصبح من الميسور الاتصال بالطائف على ست مكالمات في وقت واحد، وهذا الجهاز هونفسه الذي سبق استعماله على خطي مكة وجدة وبواسطته تم تأمين ثماني مكالمات تليفونية في وقت واحد.
ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل أعلنت المديرية العامة للبرق والبريد والتليفون عن رغبتها في تمديد أربعة خطوط مجوز (مزدوج) جديدة فيما بين مكة والطائف عن طريق السيل ومثلها بين جدة ورابغ والمسيجيد والمدينة المنورة ومن المشروعات المتعلقة بالحج تم عمل خط تليفوني يربط الدوائر وفروعها ببعضها في عرفات.
4- التليفون الأتوماتيكي ومدرسته :
يعد التليفون الأوتوماتيكي (الهاتف فيما بعد) صورة متطورة من التليفون العادي ولذلك بدأ ينتشر بصورة كبيرة ويحل محل هذا الاخير لا سيما في المدن الكبرى والرئيسة لأنه يتسم بمزايا عديدة منها:
1- السرعة والدقة والاطمئنان إذ ان الزمن الذي يتطلبه الاتصال في مشترك الهاتف الآلي أقل بكثير من الزمن المطلوب للمراكز اليدوية العادية ، كما أن الأجهزة بالمركز الآلي مصممة على أن تعمل بدقة فائقة فنجد دائماً بجانب السرعة الدقة والاتقان وهما الصفتان الأساسيتان اللتان ينشدهما الجمهور الذي يهمه أكثر من ذلك أن يحصل على مخابراته واتصالاته بنفسه وبكامل حريته وهو مطمئن إلى سرية حديثه.
2- انعدام الاخطاء في نظام الهاتف الآلي والتي يمكن وقوعها عن طريق مأمور المركز وعدم انتباهه فلا يتشابه لفظ بعض الأرقام ولا تتشابه الأسماء كما لا يتسرب الخطأ إلى سماعه مما ينتج عن توصيل المشترك إلى مشترك آخر ما دام الحال في الهاتف الآلي هو أن كل مشترك يدير أرقام المشترك الذي يطلبه بنفسه بواسطة القرص.
3- الحصول على خدمة دائمة بشكل مستمر ومنتظم.
4- في المركز اليدوي يكثر استعمال لوحة التحويلات مما يسبب استهلاك مشتملاتها على حين أن المركز الآلي يمكن تغيير الأجهزة المستهلكة منه بأجزاء اخرى وبدون توقف المركز عن العمل.
5- ومن الناحية الاقتصادية فإن هناك وفراً عظيماً في رواتب وأجور مأموري المراكز وكذلك توفير أكبر قدر ممكن من المباني المتعددة.
6- في المراكز اليدوية توجد دائماً صعوبة اللغات خاصة في المدن التي يوجد فيها أجانب مختلفو اللغات ، مما يستلزم أن يكون مأمور المركز ملماً بهذه اللغات أو احداها في حين أن المراكز الآلية تمكن كل مشترك من استعمال الهاتف مهما كانت لغته.
وفي عام 1353ه / 1934م أهدت روسيا حكومة جلالة الملك عبدالعزيز خمساً وعشرين ماكينة تليفون أوتوماتيكي مع ماكينة سنترال ومعها مهندس روسي يدعى شنيف أخذ على عاتقه مهمة تركيب هذه التليفونات والسنترال من جهة وتدريب وتعليم بعض موظفي التليفون من قبل المديرية العامة للبرق والبريد والتليفون لمدة شهرين من جهة أخرى.
وقد تقرر تركيب هذه التليفونات بين القصر الملكي ودوائر الحكومة في مكة المكرمة وحيث انه يكثر اقامة جلالة الملك بالرياض فقد تقرر تركيب تليفون أوتوماتيكي هناك وقام بتركيبه الشابان اسماعيل كاظم والسيد محمد علي وهما من بين الشباب الذي تعلم وتدرب على يد المهندس الروسي المشار إليه.
وقد أوضح المدير العام للبرق والبريد والهاتف في عام 1365ه / 1945م ضمن التقرير السنوي أن قسم التليفون قد زادت أعماله في السنتين الأخيرتين وبالأخص في مكة وجدة سواء المختص منها بأعمال الحكومة أو بالأمور التجارية وأعمال الحجاج ولم تزل هذه الأعمال في ازدياد والطلبات عليها بكثرة وأن أي قسم كان من أعمال هذه الادارة لا ينتظم إلا إذا أعطي ما يستحقه من الموظفين والامكانات وأن الترتيب الجاري تنفيذه (آنذاك) لا يؤمن العمل على الوجه المرغوب ومن الضروري تطبيق ما هو جار في كل بلاد العالم ، وبالأخص البلدان المجاورة مثل مصر وفلسطين وسوريا والعراق والبحرين وهو استعمال السنترال الأوتوماتيكي لأنه لو لم يثبت صلاح هذا النوع لما اجتمعت عموم الحكومات على استعماله وأنه بالامكان وضع السنترال الأوتوماتيكي بجانب السنترالات الحالية ريثما يتعود الجمهور على استعمال الأوتوماتيكي، وقد دعم المدير العام طلبه هذا بمسوغات منها:
(أ) عدم طلب زيادة موظفين.
(ب) زيادة الواردات (الايرادات).
(ج) انخفاض المصروفات.
(د) تسهيل أعمال الجمهور.
وقد تمت الموافقة على انشاء السنترالات والتليفونات الأوتوماتيكية في كل من مكة وجدة والطائف وأعدت المواصفات الفنية لذلك ، وتمت الموافقة على انشاء التليفون الأوتوماتيكي لمدينة جدة في عام 1370ه ذلك لأن المشروع مفيد وصالح وطلب من المدير العام البدء في تنفيذه, وكان لا بد أن تتوافر الكوادر الفنية الوطنية التي تقوم بتشغيل هذه التليفونات وصيانتها لكي يتم تعميم انتشار التليفون الأوتوماتيكي ولذلك صدرت موافقة المقام السامي على فتح مدرسة لتعليم فن التليفون الأوتوماتيكي في عام 1373ه وقد أعلنت مديرية المعارف للطلبة الذين تقدموا لهذه المدرسة أنه يجب عليهم مراجعة مديرية البرق والبريد العامة لإجراء ما يلزم.
5- شبكة التليفون اللاسلكي:
يعد انشاء هذه الشبكة من المشروعات الضخمة التي صدرت موافقة المقام السامي في عام 1371ه / 1952م على الشروع في انشائها وكان الهدف من انشائها هو ربط البلاد السعودية بعضها ببعض واتصالها بالممالك الخارجية الأخرى وقد اختيرت مدينة جدة لتكون مركزاً لجميع هذه الاتصالات وطرحت وزارة المالية هذا المشروع في المناقصة العالمية، هذا وتجدر الاشارة إلى أن هذا المشروع الضخم قد تم الانتهاء منه في عهد الملك سعود - رحمه الله -.
6- البعثات والاستعانة بالخبرات العربية والاجنبية:
كان لا بد من ارسال البعثات والاستعانة بالخبرات العربية والأجنبية على السواء لكي تؤتي خطوات التطور التي سبقت الاشارة إليها ثمارها ومن تلك البعثات بعثة هندسة التليفونات التي قررت الحكومة بخصوصها ارسال عشرة أشخاص إلى مصر لتلقي فن هندسة التليفونات الأوتوماتيكية وذلك في عام 1366ه / 1947م.
وفي عام 1368ه / 1949م أرسلت بعثة أخرى إلى الولايات المتحدة الأمريكية للتخصص في الهندسة واللاسلكي ، أما الاستعانة بالخبرات العربية والأجنبية فكانت عن طريق ايفاد مهندسين من طرف الشركات الأجنبية التي تم شراء الأجهزة والسنترالات الجديدة منها لتركيب هذه الأجهزة وتلك السنترالات كما مثل شركة سيمنس, وأحياناً كانت المديرية العامة للبرق والبريد والتليفون تطلب من بعض المهندسين المصاحبين لتلك الأجهزة عند استيرادها ، القيام بتعليم وتدريب بعض موظفي التليفون بها مثل المهندس الروسي شينف الذي قدم مع التليفونات الأوتوماتيكية المهداة من روسيا.
وكانت المديرية العامة خلال هذه المرحلة تحرص أيضاً على انتداب بعض الخبراء الفنيين من البلاد العربية الشقيقة ، وبخاصة مصر للكشف عن آلات التليفونات ومعاينتها وتعهدها بالاصلاح ومن هؤلاء الأستاذ مصطفى النشلان أفندي الخبير الفني في أعمال التليفونات بمصر وذلك في عام 1357ه / 1938م والأستاذ عبدالحميد غنيم مراقب تليفونات مصر العام الذي قدم إلى المملكة لدراسة وسائل انشاء التليفونات الأوتوماتيكية بها ومحطة الاذاعة اللاسلكية ومكبرات الصوت في المسجد الحرام والمسجد النبوي ومسجدي منى وعرفة وعاد إلى مصر لاستكمال الترتيبات اللازمة لأخذ الخرائط لهذه المشروعات التجديدية وذلك في عام 1367ه / 1948م.
وانتدبت المديرية أيضاً لجنة من المهندسين المصريين لانشاء السنترالات الأوتوماتيكية في كل من مكة وجدة والطائف وذلك في عام 1368ه / 1949م.
هذا ولم يقتصر الأمر على الانتداب فحسب وإنما اختارت الإدارة العامة الأستاذ محمد سعيد حمزة المهندس الفني والمتخصص في أعمال التليفونات بمصر ليرأس القسم الفني للتليفونات بالعاصمة (مكة المكرمة)، وتعلق جريدة البلاد السعودية على عملها بقولها : هذا وقد أبدى نشاطاً ملحوظاً في اصلاح التليفونات وتلافي كل خلل فيها وقد عمل على ايجاد دورات لمراقبة الخطوط والتليفونات وإننا نراقب أعماله عن كثب ونرجو أن يعمل على تحقيق راحة الجمهور، ومما لا شك فيه أنه كان للخطوات والاجراءات السابقة أثر كبير في تطور الهاتف وتحسين الخدمة الهاتفية بصورة أفضل من ذي قبل.
وفي عام 1372ه / 1952م عندما كانت أعمال الدولة قد اتسعت وازدادت مما استدعى تجميع الأعمال المتشابهة في دائرة واحدة وربط الدوائر المتجانسة في جهة واحدة أصدر المقام السامي مرسوماً ملكياً كريماً بتأسيس وزارة جديدة باسم وزارة المواصلات وتعيين صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبدالعزيز وزيراً لها، وضمت هذه الوزارة البرق والبريد والهاتف والطرق والسكة الحديد.
وكان صدور هذا المرسوم الملكي في 28/12/1372ه الموافق 7/9/1953م أي قبل وفاة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بنحو ثلاثة أشهر.
|