هل تصدق يا صديقي بأن الانتظار للحصول على قرض من صندوق التنمية العقاري يصل لمدة تزيد عن عشر سنوات,, فقلت له: لا يا أخ ذيب بل ان الانتظار يصل لخمسة عشر عاماً بل ربما يزيد عن عشرين عاماً.
فقال ذيب: إذاً لماذا يطالبون من يتقدم بأرض وبفسح بناء ومخطط لها وغيرها من الطلبات التعجيزية ما دام الانتظار لهذه المدد الخيالية؟ ولو أنهم طالبوا المتقدم بأرض يضعها باسم ابنه أو حفيده لكان ذلك منطقياً,, أليس كذلك؟!!
فقلت له: لقد تغير الوضع فهم لا يطالبون الآن بفسح بناء ولكنهم مازالوا حتى الآن يطالبون بتقديم أرض ليتم وضع اسمك في القائمة حتى ولو كانت هذه الأرض في رماح أو في الربع الخالي ما دام انها في المرحلة الثانية أو الثالثة أو التاسعة من النطاق العمراني!.
فقال ذيب: اذاً فالأرض المقدمة ليست الأرض التي سيتم بناء المنزل عليها؟
فقلت له: لا ليست الأرض والقائمون على الصندوق يعلمون ذلك علم اليقين وهذا مجرد للتعجيز ولزيادة الثقل على كواهلنا يشترطون على كل من يتقدم ان يبقي على الأرض محجوزة مع انها وهمية، ولم أستطع أن افهم إلى الآن السر العجيب في عدم سماحهم بوضع اسم المتقدم في قوائم الانتظار طويلة المدى ومن يصله الدور بعد عمر طويل ولم يلتزم بوجود الأرض المنطبقة عليها شروطهم في مدة محددة يسقط حقه في القرض؟
فقال ذيب: يظهر أنهم لهم أهداف تخطيطية بعيدة المدى لا يمكن ان نفهمها وعلينا أن نرتقي في مستوانا التفكيري حتى نستوعبها.
فقلت له: يا أخ ذيب لماذا تستعجل الأمور وتود ان تنهي أمورك بلمحة بصر فيجب أن توسع بالك حتى لا تنصدم وأنت في مقتبل شبابك,, فرغباتك متباينة وغريبة فمرة ترغب في وضع اسمكم في قوائم الانتظار المارثونية لصندوق التنمية العقاري بدون أن توفر أرضا وهمية,, كما تود أن يتم تعيينك بوظيفة محاضر في احدى الجامعات مع ان من يشغلها أخ من بلد عربي شقيق له مساهماته العلمية والبحثية المتميزة لصالح من لديه النفوذ والصلاحيات الادارية!!,, ومرة ترغب في شراء سيارة بالتقسيط بالأسلوب الذي تعودت عليه في أمريكا ولا تود أن تشتريها بتقسيط بعض الشركات لدينا والتي تستخدم أسلوب التيس المحلل,, كما تود أن تجدد رخصة قيادتك قبل أن يرتد إليك طرفك أو من خلال المراسلة بالبريد مع أننا ليس لدينا بريد في المفهوم الصحيح!!,, ومرة ترغب في تغيير اسمك من ذيب الى رامي وتود أن يتم ذلك في أقل من سنة,, ومرة تود أن تستخدم النقل الفجاعي آسف الجماعي كما تريد وتود منهم أن يضعوا محطات للباص أمام منزلك,, فيظهر أنك مازلت في صراع مع النفس بين الواقع والتطلعات وعليك أن تتنازل عن هذه الرغبات المثالية وأن ترتب أمورك بشكل جيد وعملي.
فقال ذيب: كيف تود مني أن أرتب أموري وأنا لم أعمل بعد في أي عمل كان؟,, وجميع الجهات التي قدمت عليها سواء حكومية أو أهلية يقولون ان عليّ أن أنتظر ولابد أن أنتظر إلى أن تلد الأمة ربتها!!
كما أن المؤسسات الأهلية ترميني على مكاتب العمل والذين يرمونني مشكورين من مؤسسة إلى أخرى ومعظمها تتهرب من التعاقد معي بحجة انني لن أقبل براتب مماثل لما يقبل به الهندي والباكستاني والفلبيني وغيرهم، وإن قبل أي شاب من أبناء هذا الوطن بهذا الراتب القليل فسوف يضايقونه ويضغطون عليه حتى يترك العمل ويرتاحون منه.
فقلت له: ألم أقل لك يجب أن تتوجه الى التعليم ان كنت ترغب في أن تتعين بأسرع وقت ممكن؟!!
فقال ذيب: أرجو أن لا تعيد هذا الموضوع للطرح فلن يتم ذلك على الاطلاق فقد سبق ان قلت لك انني غير مؤهل للتدريس وسوف أجد العمل الذي يناسبني فأنا متخصص في الحاسب.
فقلت له: الله يرحم حالك رافع رأسك بسبب انك متخصص في الحاسوب فنحن هنا نعامل الحاسب على أنه كالمسطرة فبعد أن يتم العمل بالطريقة التقليدية ندخله في الحاسب لقياس دقة العمل فقط ومن هنا فان العمل أصبح مزدوجا تقليديا وحديثا.
فقال ذيب: ولماذا لا يتم العمل بالحاسب مباشرة بدلاً من هذه الازدواجية التي تعني ان العمل التقليدي في السابق أسرع من الآن؟
فقلت له: لأننا لا نثق بحاسبكم هذا!!
فقال ذيب: اذاً ربما أنهم لا يثقون بنا لعدم ثقتهم بالحاسب ولهذا فقد تأخر تعييني.
فقلت له: هذا احتمال كبير وخاصة انك مواطن!!
فقال ذيب: يظهر أن تغيير اسمي لرامي كان خاطئاً فلو انني غيرت اسمي لاسم خواجة لكان ذلك أفضل.
فقلت له: نعم، فلو غيرته الى اسم خواجة لكان تعيينك بأسرع من لمح البصر!
فقال ذيب: ما هذا يتم التعيين للأجنبي بسرعة والمواطن حسب الفزعة؟!!
قلت له: لا يا أخي ويجب أن لا تكون بهذا الفهم السطحي ولا تفهم الأمور بهذه الصورة الخاطئة فان الاجنبي يتعاقدون معه أما السعودي فيوظفونه.
فقال ذيب: المهم العمل وأطلق عليه ما تشاء ولكن الا تعتقد بأنهم لو لم يتعاقدوا مع الأجنبي لكان بالامكان توظيف المواطن ولكنهم جزاهم الله خيراً يفضلون التعاقد مع الأجنبي على حساب المواطن.
فقلت له: اذاً فسوف تتوجه الى التدريس.
فقال ذيب: لا وألف لا وسوف أخبرك عن العمل في لقاء قادم ان شاء الله ولابد ان يبقى الأمل لنبقى معه والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
عبدالله بن إبراهيم المطرودي
واشنطن