عزيزتي الجزيرة
لقد جاء الاسلام ليغير نظرة الجاهليين الخاطئة للعمل الشريف فحث على العمل ووعد بالأجر العظيم عليه ونهى عن الكسل بل تعوذ منه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله اللهم اني اعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل,, الحديث ,, ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ما من حال يأتيني عليها الموت بعد الجهاد في سبيل الله أحب الي من أن يأتيني وأن التمس من فضل الله ثم تلا قول الله تعالى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله ، ولهذا جاءت آيات كثيرة تذكر طلب الرزق مع العبادة وأن العبادة مفتاح الرزق كما في قوله تعالى (وما خلقت الجن والأنس الا ليعبدون، ما أريد منهم من رزق وما أريد ان يطعمون، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين).
وفي مثل قوله تعالى وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً، نحن نرزقك والعاقبة للتقوى وفي الحث على العمل بعد الفراغ من صلاة الجمعة مع الاكثار من الذكر فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون .
والمتأمل لنصوص القرآن والسنة يجد انها مليئة بالحث على العمل وفضل التجارة والصناعة والرعي وغيرها من المهن الشريفة, وأن صناعة السفن مثلاً من عمل اول الرسل نوح عليه الصلاة والسلام, وأن نبي الله داود عليه السلام كان حداداً وأن الرسل جميعاً عليهم الصلاة والسلام كانوا رعاة للغنم, وفي الحث على الزراعة والغرس كما في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يغرس غرسا او يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو انسان او بهيمة الا كان له به صدقه أو كما قال: وقد ادرك اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اهمية العمل والكسب وأثره في عزة الأمة واستغنائها بأبنائها فتنافسوا على العمل الصالح أولاً ثم سعوا للتجارة والزراعة فمنهم أبو بكر رضي الله عنه الذي ما ترك البيع والشراء في السوق حتى تولى الخلافة وفرض له الصحابة من بيت المال وكان له مال كثير في صدر الاسلام يعتق منه من أوذي في سبيل الله, وفي الجهاد في سبيل الله يتصدق بماله كله, ومنهم عمر رضي الله عنه الذي كان يحث على العمل ويبين مفهوم العمل في التنظيم الاداري البديع حينما أسس الدواوين في خلافته ومنهم عثمان رضي الله عنه الذي تصدق بثلاثمائة من الابل بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله وهي جزء من تجارته وتصدق ببئر معونة وكان سخياً كريماً على أقاربه وعلى الضعفاء والمساكين من المسلمين,, وحينما أكتب مثل هذه الحقائق وغيرها مما هو في بطون المصنفات كثير جداً فإنني اوجه رسالة الى فئتين من المجتمع الأولى فئة الشباب فهم عماد الأمة ومستقبلها الواعد وعليهم أن يتحلوا بالعزم والجد وان يسعوا للعمل وطلب الرزق والمنافسة الشريفة ويتحلوا بسلاح الايمان والعلم والتدريب وقد توفرت لهم اسبابه، فالدولة بحمد الله هيأت كل السبل للعلم والمعرفة والتعليم الفني والتدريب المهني ممثلاً بهذه المؤسسة المباركة التي يقوم عليها رجال ناصحون لأمتهم يسعون لرفعة شأنها وأن تكون في الصدارة والريادة بين الأمم, وفد فتحت لكم ايها الشباب المعاهد الفنية والكليات التقنية لطلب علوم مباحة ونافعة كعلوم الحاسب الآلي وعلم الكهرباء وهندسة الميكانيكا والعلوم الادارية والتجارية والعلوم الزراعية والعلوم المتعلقة بجميع انواع الصناعة, وهي مجهزة بكل الطاقات العالية التدريب والآلات المتطورة,, وهو مجال عظيم ومهم لكم ايها الشباب لأن مجال المنافسة فيه والمزاحمة في هذا الوقت قليل من أبناء هذا البلد,, ومعظم هذه المهن في القطاع الخاص يقوم بها وافدون لربما ان فئة كثيرة منهم لم تعرف هذه المهن او تزاولها الا حينما قدمت لبلادنا.
الرسالة الثانية: لكم معاشر رجال الأعمال فإن لكم فيمن صدرنا هذا المقال بهم من عظماء الاسلام القدوة الحسنة بألا يكون المال غاية وهدفا بل يكون وسيلة لعز الأمة وعز شبابها اعطوا فلذات أكبادكم مجالا تجدوهم رجالاً، انقلوا خبراتكم وتجاربكم الكبيرة لهذا الجيل المتطلع,, وانتم يا اهل المال والأعمال خير من يدرك عظم المسؤولية وجسامتها,, ولقد قامت المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني بالترخيص ل35 معهدا تجاريا أهليا تدرب الطلاب وتعلمهم على مجالات خمسة هي المحاسبة الأعمال المكتبية ادارة حركة المواد التسويق العلاقات العامة منها ثلاثة عشر معهداً أهلياً بالرياض فقط بالاضافة الى المعاهد التي ترعاها الدولة في جميع مناطق ومحافظات المملكة وهي ستة عشر معهداً تجارياً وغيرها من المعاهد العالية او العليا التي تشرف عليها المؤسسة، اشرافاً مباشراً.
ان ابناءكم يا رجال الأعمال يقولون بصوت واحد: امنحونا أعمالاً تجدونا رجالاً .
وفي الختام نسأل الله ان يسدد الخطى ويكلل الجهود بالنجاح وأن يثيب كل عامل للاسلام واهله خيرا وان يبارك في جهود الجميع, انه سميع مجيب.
عثمان بن أحمد الدويش
مدير معهد الأوائل الثانوي التجاري