بيننا كلمة حقائق حاكمة د , ثريا العريّض |
أتصور ان اغلب مسببات شقاء الانسان تنبع من عدم تفهمه لبعض الحقائق الجذرية الحاكمة وتعامله السطحي معها,, او عدم تقبله لها والإصرار على أن باستطاعته تغيير حتميتها أو إلغاءها.
للسعادة ابواب واولها احترام الحقائق الحيوية التي يشقينا تهميشها,, لان التعامل معها بعدم واقعية او بلا منطقية لا ينتهي الا بحلقات لا تنتهي من النتائج المحبطة او غير المرضية.
من ذلك مثلا اضفاء ثقل معنوي للماديات وامتلاكها الماديات في حد ذاتها لا تضمن السعادة وان خففت حدة مسببات الشقاء الممكنة.
ومن ذلك حقيقة انه ليس بالامكان ارضاء كل الناس لان ما يرضي بعضهم يتناقض كليا مع ما يرضي البعض الآخر ولذلك فالاجدى والاقرب الى التحقيق هو ان يركز الانسان على ارضاء ربه وضميره.
وكذلك يشقينا تهميش حقيقة ان لا شيء دائما، لاظروف الحزن والغم، ولا ظروف الابتهاج, الغنى والثروة والصحة والابهة وموقع الاهمية ممكن ان تزول مثلما ممكن ان يزول الفقر والعوز والمرض والمعاناة, ولذلك لا يجب ان نحمل وجود الظروف اكثر مما يحتمل من توقعات السعادة والشقاء اذ كلاهما عارض مهما امتد معرفة ان التغير من خصائص الحياة حقيقة تمنحنا قوة التعامل مع غدر الزمن.
وربما الاكثر انتشارا بين المنطلقات اللاواقعية، ولا منطقية التعامل هو عدم تقبل حقيقة ان العمر يمضي باتجاه معروف رضينا ام رفضنا وان الانسان يتغير والشباب لا يدوم والجمال الجسدي زائل, ولو اقتنع الناس بهذه الحقيقة وتوقفت المحاولات المضنية لارجاع عقارب ساعة الزمن والتشبث بمعطيات إزهار صبا انتهى موسمه لتوقف الشعور باليأس والاحباط حين الشخص المعني لم يعد يحلم بما عايشه يوما ما في اوجه كحالة مثالية يحاول اعادة اقتناصها مما يضطره الى التركيز على علامات تدهوره يرصدها ويحاول محاصرتها فيفقد الاحساس بمتعة اليوم, فالتشبث بحالة الاوج محاولة مستحيلة وقاتلة للسعادة على المدى الطويل, والافضل من ذلك طبعا ان يعيش الانسان حياته وحالاته بواقعية تمكنه من تذوق بهجة ومتعة كل فترة عمرية كما يجب في الطبيعة ولكل سن حقائقها الحاكمة.
ومن اللا واقعية عدم الاعتراف بأننا مسؤولون عن تقصيرنا الذاتي , لا يمكن ان يكون سبب الفشل دائما مؤامرات الغير وكيدهم وتدخلهم, حين نضع المسؤولية في موقعها نجد الشجاعة لتأمل ما حدث والتعلم من اخطائنا لنتفادى الوقوع في حفر الفشل مرة اخرى اما لوم الظروف والكائدين في الظلام فلا يعني سوى التهرب من مسؤولية النضج والتعلم من التجربة مهما كانت مرة الذاق.
ثم قوة الاعتراف بأخطائنا وصواب الآخرين من علامات النضج والنضج يمحو التوقعات اللاواقعية, التخلي عن الاصرار على اقناع الغير بأننا على حق وهم على باطل, وذلك هو ما يفقد العلاقات الحميمة فعاليتها، فسواء كان جهلهم حقيقة يرفضون الاقرار بها او كانوا يجهلون انهم مخطئون تبقى الحقيقة الاعمق ان لا احد يجد نفسه سعيدا باكتشاف انه جاهل مقارنة بالآخر، وان الآخر لم يكن فقط اعلم منه بل كان يصر على كشف جهله واعلانه ان اقصر طريق لفقد الاصدقاء هو محاولة اقناعهم بأنك افضل منهم في اي مجال, دعهم يكتشفون ذلك بأنفسهم ويقرون به من ورائك,, وتظل الصداقة قائمة على الاحترام.
|
|
|