رؤى وآفاق أول متنبي د, عبدالعزيز الفيصل |
أمية بن ابي الصلت الثقفي شاعر ثقيف المقدم، حوى شعره كثيرا من صفات الجنة والنار والنعيم والشقاء، وكان يتطلع الى النبوة بل يعتقد انه نبي ومن خلال اشعاره وما روي عنه من اخبار اعتقدت قبيلته ثقيف انه نبي بل ان تلك القبيلة في زمن بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وخروجه الى الطائف لا تشك ان النبي جاء لإقصاء امية عن نبوته وان امية في نظرها هو المقدم في هذا الشأن، اما امية نفسه فقد وقر في نفسه انه نبي فهو يعرف علوم الاوائل وقد دخل الكنائس فعرف النصارى واختلط باليهود وعرف دينهم ولم يبق عليه الا الاستماع الى خبر من السماء يؤيده ويدعم معرفته، وقد التمس ذلك الخبر بكل وسيلة توصل اليه فقرأ الكتب ورحل الى اليمن والبحرين والشام لعله يهتدي الى ما يريد وهو تحقيق النبوة والرجوع الى الطائف بخبر أكيد عن نبوته ولكنه في رحلاته تلك يعود بخفي حنين ومع ذلك فلم ييأس بل يواصل البحث والتحري ويأتي في شعره بما يشعر الاخرين بتفرده بمعان جديدة وألفاظ غريبة لم تعرف في مجتمعه بل ان العرب لا يعرفونها مثل (الساهور) في قوله (قمر وساهور يسل ويغمد) و(السلطيط) الذي ورد في قوله و(السلطيط فوق الارض مقتدر) ويقصد به الله عز وجل ويورد لله اسما آخر في شعره هو (التغرور) كما في قوله (وأيده التغرور) وقد اقنع قريشا بان تبدأ في كلامها ومعاهداتها بعبارة (باسمك اللهم) ثم ان امية طرق ابواب الكنائس لعله يجد عند اصحابها خبر نبوته فقد وقف على باب كنيسة فإذا برجل ابيض الرأس واللحية فخاطب الرجل امية بقوله: انك لمتبوع فمن أين يأتيك صاحبك؟ قال امية من اذني اليسرى قال فبأي الثياب يأمرك؟ قال بالسواد ، قال الشيخ هذا خطيب الجن كدت والله ان تكونه ولم تفعل ان صاحب النبوة يأتيه صاحبه من قبل اذنه اليمنى ويأمره بلباس البياض ويدعي امية ان من علامات نبوته مجيء طائرين اليه وهو نائم على سرير في ناحية بيت اخته وان اخته رأت الطائرين اللذين انشق لهما سقف البيت ووقع احدهما على صدره فشق الصدر واخرج قلبه فشقه فقال الطائر الاخر: أوَعى؟ قال: وعى.
قال: أقبل؟ قال: أبي، فرد الطائر قلب امية في موضعه, فانتبه امية واتبعهما طرفة وقال: لبيكما لبيكما، هأنذا لديكما واتبع قوله هذا بقول آخر هو: (لابريء فأعتذر ولا ذو عشيرة فأنتصر) فرجع الطائران إليه وعملا بقلبه فعلهما في المرة الأولى، وفي لحظة مغادرتهما أتبعهما بصره وقال: لبيكما لبيكما,, هأنذا لديكما، ثم قال: (لا مال يغنيني ولا عشيرة تحميني)، وقد عاد الطائران مرة اخرى ثم عادا بعدها، تقول اخته ثم انطبق سقف البيت وجلس امية يمسح صدره فقلت يا اخي هل تجد شيئا؟ قال لا ولكني اجد حرا في صدري وفي زمن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ثم هجرته كان امية شيخا قد هيأ نفسه للنبوة ولكن النبوة لم تصل اليه فحسد النبي صلى الله عليه وسلم على ما أوتي من فضل الله واصبح في صف قريش يحرضهم على قتل محمد ويرثي قتلاهم ومن اشهر قصائده قصيدته: (ماذا ببدر والعقد، قل من مرازبة جحاجح) وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن رواية هذه القصيدة التي تبين ميل امية الى قريش ونفوره من المسلمين ونبيهم وشاعرية امية رفعت منزلته في قومه ولدى قريش بل عند العرب عامة ولكنه لم يرض بمنزلة الشاعر فطمع في النبوة وكانت افعاله تدل على ذلك فهو منصرف عن الشعر على الرغم من تمكنه منه بل ان طبعه يهيىء له قول ما يريد من الشعر وقصائده الطوال تثبت شاعريته، ومن شواهد انصرافه عن الشعر انه ينتهز كل فرصة لابراز علمه فقد كان جالسا مع قوم فمرت بهم غنم فثغت منها شاة فقال للجالسين: أتدرون ماذا قالت الشاة؟ قالوا: لا! قال: انها تقول لسخلتها مُرّي سريعا لئلا يأكلك الذئب كما اكل اختك قبل عام فسأل القوم الراعي عن امر الشاة فأخبرهم ان لها سخلة وان الذئب قد اكل سخلتها الاولى في العام الماضي,
|
|
|