* جيم اندرسون / د,ب,أ
وصف خبير بارز في الشؤون الروسية تلك الدولة المترامية الاطراف بأنها تعاني من حالة خلل حدية في الشخصية وانها في طريقها للاصابة بانهيار عصبي.
وما زال الخبير دونالد جنسن يتردد في اروقة الخارجية الامريكية وذلك بفضل النصيحة التي اسداها للحكومة الامريكية التي كانت تنتهج سياسة العلاج بالصدمة ازاء روسيا عام 1993م اذ كتب في برقية بعث بها الى واشنطن: روسيا تحتاج صدمات اقل ومداواة اكثر.
وكان جنسن يشغل منصبا في الخارجية الامريكية وهو متخصص في الشؤون الروسية ويتولى حاليا منصب المدير المساعد لاذاعة اوروبا الحرة اذاعة الحرية.
ولم يعر اصحاب القرار عندئذ اهتماما يذكر بالنصيحة وفي الوقت الحالي يرى جنسن ان روسيا تواجه عددا من الاحتمالات التي قد تتحقق خلال العام القادم كلها لا تبعث على التفاؤل.
وفي اشارة الى الاتحاد الفدرالي الروسي الذي يمر بأزمات متتالية والمتورط حاليا في عملية عسكرية اخرى من النوع الذي ينذر بوقوع كارثة في اقليم الشيشان الانفصالي قال جنسن في حلقة دراسية اشرفت عليها اذاعة اوروبا الحرة اذاعة الحرية اننا لا نكف عن الحديث عن مرور روسيا بمرحلة انتقالية ولكن قد لا تكون هناك اي مرحلة انتقالية فالتحول الى الديمقراطية ليس قضاء وقدرا قد تكون هذه هي حقيقة الاوضاع هناك.
ويرى الخبير البارز ان هناك اربعة سيناريوهات محتملة اذا كان ثمة تغيير سيحدث في روسيا.
* النموذج البولندي حيث توجد حكومة مركزية حرة بدرجة معقولة واقتصاد مشروعات شبه حر.
* النموذج الاوكراني حيث يدير البلاد نظام مركزي فاسد يحكم قبضته باستماتة على ادوات الحكم وينهار الاقتصاد تدريجيا بالرغم من كم المساعدات الدولية الهائل.
* النموذج الصيني حيث يتمتع الاقتصاد بالحرية الكاملة تقريبا ولكن الحزب الشيوعي الحاكم يحكم سيطرته السياسية على البلاد.
* وعلى اسوأ الفروض نموذج الكونغو حيث انهارت السلطة المركزية تماماً وسقطت البلاد في دوامة الحروب القبلية والعرقية.
ويرى جنسن ان النموذج الاوكراني هو المحتمل بدرجة اكبر في روسيا غير انه لا يستبعد النماذج الثلاثة الاخرى.
ولكن هل هناك ما يمكن للولايات المتحدة او اوروبا الغربية فعله من اجل توجيه روسيا نحو طريق الديمقراطية.
يشك جنسن في هذا لاسباب عديدة منها ان الدول الغربية نفرت منها المؤسسة السياسية الروسية بما في ذلك الجناح العسكري القوي بمضيها قدما في توسيع عضوية حلف شمال الاطلنطي الناتو رغم الاعتراضات الروسية وتجاهلها لروسيا بشن الحرب الجوية على يوغسلافيا.
ويعتقد الخبير الامريكي ان هناك علاجا واحدا وان كان لا يتوقع حدوثه الا وهو ضم روسيا للناتو ولكن هذه الخطوة ستتطلب درجة من الاصلاحات الديمقراطية لا يتوقع قيام روسيا بها في الظروف الحالية.
وهو على اقتناع بان الشيء الذي لن يكون مجديا بالمرة يتمثل في ضخ المزيد من الاموال من الخارج الى روسيا فهو يعتقد انه تمت سرقة الجانب الاكبر من المبالغ المالية التي سبق ضخها للبلاد على يد الاقلية المهيمنة الجديدة التي تدير الآن معظم الشركات والمشروعات المهمة في الاتحاد الروسي.
وقال جنسن ان القادة الغربيين كانوا على علم بأن المساعدات التي تمنحها دولهم لروسيا تتم سرقتها بالفعل الا ان برامج المعونات استمرت رغم ذلك وتابع لقد تعرضنا للخديعة.
ويرى جنسن ان المشكلة لا تكمن في كون روسيا دولة ذات اقتصاد متخلف بل انها ذات اقتصاد مشوه ويعتقد انه لن يكون هناك علاج بسيط لدولة يمكنها ارسال الاقمار الصناعية الى الفضاء ولديها اقلية فاحشة الثراء في حين لا يمكن الوثوق في قدرتها على اطعام سكانها.
ووفقا لتحليل اصدره اخيرا موراي فشباخ خبير الاحصائيات السكانية بجامعة جورج تاون فان عدد سكان روسيا الذي يصل حاليا الى 270 مليون سيقل عن 100 مليون في غضون خمسين عاما بسبب الامراض وانخفاض معدلات المواليد وشيوع حالات الوفاة المبكرة والهجرة.
ويعتقد جنسن ان الحكومة المركزية الروسية تسمح لسلطتها بالاضمحلال غير ان عناصر الحكومة الاخرى بما في ذلك حكام الاقاليم لا يتحركون لتولي السلطات التي تتخلى عنها الحكومة المركزية.
ثم هناك قضية الشيشان حيث يعتقد جنسن ان الجيش الروسي الذي ارسل بصفوة قواته الى هذه الحرب يريد محو صورة الهزيمة التي لحقت به في آخر حرب هناك قبل خمسة اعوام.
ويرى جنسن ان روسيا لن تكسب هذه الحرب وستعاني من انتكاسة جديدة ستحط معنوياتها وسيكون ثمنها باهظا.
ولكن هل سيكون لهذا تأثير على بقية دول العالم؟ يعتقد جنسن ان العالم اضحى اقل امنا بسبب ما يحدث الان في روسيا مقارنة بما كان عليه الوضع قبل تفكك الاتحاد السوفيتي.
واذا ما وقع انهيار جديد فان نتائجه ستتضمن ارتفاع معدلات الجرائم الدولية وتزايد انشطة الاتجار بالمخدرات وتجارة الاسلحة في عالم كثر فيه الزبائن الباحثون عن الصواريخ الباليستية وحتى الرؤوس الحربية النووية والتكنولوجيا النووية.
|