وإن كانت الولايات المتحدة لا تحظى بالكم الوافر من القبول والشعبية على المستوى العالمي، ولا سيما وهي تمثل في وقتنا الحاضر الوجه الأبرز للهيمنة والسيطرة العالمية للدول القوية على الدول المتخلفة.
ولكن هذا بحد ذاته لا يمنع من ان الولايات المتحدة قد اضافت رصيداً كبيراً من النقاط الايجابية لسمعتها العالمية وذلك عندما قدمت أعلى سلطة تنفيذية لديها وهو رئيسها الحالي للمحاكمة بعد قضية لوينسكي مبرزة من خلال هذا أن شعارات الديمقراطية والليبرالية التي ترفعها الولايات المتحدة في وجه العالم ليست شعارات منابر او خطب حملات انتخابية بل هي مادة حية مكونة من دستور قوي يهيمن فوق الجميع.
وقد توقف الكثيرون امام هذه الحادثة ما بين مفسر ومعلل بل ان البعض أرجعها إلى طبيعة الصراع بين الحزب الجمهوري والديمقراطي هناك.
وبعيداً عن هذه التفسيرات او سواها الا اننا نخلص في النهاية إلى اننا امام نظام دستوري قوي ومتين حيث يستمد قوته وحيويته من المنطلقات والأسس الليبرالية التي انبثق عنها، تلك الليبرالية التي اعطت الجذوة والشرارة الاولى للتجربة والاختراع والابداع والعلم,, لكن هذا الجانب او السياق المضيء يتوازى مع سياق آخر يمثل الجانب البشع من الليبرالية والذي يظهر فيه الانحلال الخلقي والتفكك الأسري ومظاهر العنف الجسدي والمادي المنتشر في كل مكان هناك.
ناهيك عن التشرذمات والتحزبات الرافضة للمجتمع هناك والتي تنمو على اطرافه فتبنى افكاراً وفلسفات تحمل في مضمونها فهماً كاملاً للتيار الذي يسير فيه المجتمع الكبير وتمثل في تبنيها لكل ما هو غريب وشاذ في المجتمع خروجاً عن القوانين والنواميس العامة في الكون والطبيعة.
مثل جماعة (الشواذ وعبدة الشيطان والبانك والماتليك) وسواهم ممن انحدروا إلى طبقات دنيا لم تصلها البشرية عبر تاريخها الطويل وتظهر المفارقة البائسة هنا عندما نكتشف بأن دول العالم المتخلف عندما خيرت بين (التمر والجمر) اختارت الجمر، فهي بعجزها عن صناعة انظمة ليبرالية قادرة على احترام الشعوب وارادتها وآمالها، لم تستطع ان تمنع ظهور الجانب البشع للعملة من (بانك وعبدة شيطان وشواذ,, وسواهم) حتى ان احد المفكرين العالميين قال هناك اماكن كثيرة في العالم قد تحولت إلى مستنقعات تصب فيها جميع قاذورات العالم، بعد ان سدت عنها منافذ انهار الحرية والكرامة الانسانية!!).
وشيء مفزع أن يكون نصيبنا من النسيج الحضاري العالمي ثقوبه السوداء وبقعه الملوثة!! فقط.
|