يعد الاول من اكتوبر من كل عام الذكرى السنوية لميلاد جمهورية الصين الشيوعية، وانتهاء حرب التحرير الدموية الطويلة التي قادها الشيوعيون بزعامة ماوتسي تونغ ضد قوات الكامانتانغ بقيادة تشان كاي تشيك .
وانجزت الصين ثورتها الحديثة بعد صراع مرير مع الاحتلال الياباني ومع سلطة تشين كاي تشيك فقد بدأت الثورة بحركة تحرير وطني قادها الحزب الشيوعي والجبهة الوطنية المتحدة ضد الاحتلال ومن اجل الاستقلال، ثم سرعان ما انتقلت الى ثورة اجتماعية لتحرير مئات ملايين الفلاحين من ربقة الاستغلال الاقطاعي.
خلال الخمسين سنة الماضية مرت الصين بمراحل عدة وتطورات كبيرة سواء في المجال السياسي اوالعسكري او التجارب وغيرها.
ففي المجال الاقتصادي وهو الذي يهمنا استطاعت الصين ان تحقق مستوى عاليا من النمو الاقتصادي وطبقا لاحصاءات البنك الدولي فقد نما الاقتصاد الصيني نموا سريعاً وارتفعت معدلات النمو في الناتج القومي من 6% خلال الفترة من عامي 1952/1978م الى نحو 9% في عام 1990م واستمرت هذه الزيادة حتى بلغت نحو 12% عام 1993م ووصلت عام 1994م الى 12,7% والى 10% خلال عام 1997م وترافق هذا مع حدوث معدل نمو سنوي في متوسط دخل الفرد من 3,6% في الفترة من عامي 1960م/1965م الى نحو 7,9 في الفترة من 1980/1990م ووصل متوسط دخل الفرد في الصين الى حوالي 1990 دولاراً سنوياً عام 1990م.
والصين تمتلك حاليا احتياطيا نقدياً اجنبياً هو الاضخم في العالم بعد اليابان وكانت الصين عام 1997م وللعام الخامس على التوالي ثاني اكبر دولة تتلقى الاستثمارات الدولية في العالم بعد الولايات المتحدة الامريكية ونتيجة هذه الامكانات اصبحت الصين تقوم بدور الزعيم الاقتصادي والجغرافي السياسي في القارة الآسيوية.
وعلى الرغم من ان الصين قد قطعت مشوارا طويلا على طريق الاقتصاد الاشتراكي المخطط إلا انها نجحت في اجراء تعديلات على سياستها الاقتصادية لمواجهة المستجدات التي طرأت على البيئة الدولية واتجهت منذ مايقرب من عشرين عاما نحو سياسة الاصلاح والانفتاح الاقتصادي ومرت في اطار عملية الاصلاح الاقتصادي بمرحلتين اساسيتين امتدت الاولى من عام 1978 الى عام 1992م واعتمدت على دمج الاقتصاد الصيني المخطط ببعض قواعد وآليات السوق تركزت بصفة أساسية في الملكية التعاونية اضافة الى انفتاح الاقتصاد الصيني على الاقتصاد العالمي وتشجيع فرص الاستثمار الاجنبي وتحرير القطاع الزراعي، ثم بدأت المرحلة الثانية عام 1992م بموافقة الحزب الشيوعي على الاسراع بعملية الاصلاح الاقتصادي وتأكيدها على ان اقتصاد السوق الاشتراكي هو الطريق الوحيد لتحديث الصين,وقد كان وصول الرئيس جيانغ تسه مين الى قمة السلطة في الصين ان اعطى عملية الاصلاح الاقتصادي دفعة قوية حيث وافق الحزب الشيوعي الصيني عام 1997م على برنامجه الاصلاحي الذي يقوم به على بيع النسبة الغالبة من الوحدات الصناعية المملوكة للدولة مع احتفاظ الدولة بسيطرتها على عدد من الصناعات الاستراتيجية وبموجب هذا البرنامج تم تخفيض عدد الوحدات الصناعية المملوكة للدولة 130 الف وحدة الى 512 وحدة فقط على ان يتم التخلص من باقي الوحدات سواء ببيعها الى الافراد او العمال او المستثمرين الاجانب,في العام 1998م احتلت الصين المركز 11 بين اكبر الدول التجارية بالمقارنة مع المركز 32 في 1978م.
اما على صعيد العلاقات السعودية الصينية فقد اقامت الرياض وبكين علاقات دبلوماسية على مستوى السفراء في 1990م بعد اجتياح الكويت, وقبل ذلك كانت السعودية والصين اقامتا اتصالات على الصعيد العسكري واستوردت المملكة العربية السعودية بعض العتاد العسكري وقد قام الرئيس الصيني مؤخراً بزيارة للمملكة بدعوة كريمة من صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني والرئيس الاعلى لمجلس ادارة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة القى الرئيس جيانج زيمين رئيس جمهورية الصين الشعبية محاضرة عن العلاقات السعودية الصينية والعلاقات الصينية العربية وذلك في قاعة المحاضرات بمكتبة الملك عبدالعزيز العامة ظهر يوم الثلاثاء 24/7/1420ه, تحدث فيها عن جوانب العلاقات السعودية الصينية والتاريخ الصيني الحضاري والعلاقات الصينية العربية ومواقف الصين من القضايا الدولية والسياسة الصينية الجديدة قد حققت نجاحات كبيرة و تمثل في الواقع انقلابا سياسيا واقتصادياً على السياسات الشيوعية الصينية التي كانت من الثوابت والمحرمات التي لايمكن الاقتراب منها والتي جعلت من الصين دولة منغلقة على نفسها,.
ومن المؤكد ان ماحدث في الاتحاد السوفيتي السابق والتي أدت الىتحلله وتفككه قد اعتبرها الصينيون دروسا مستفادة لابد من الافادة منها بوعي سياسي واقتصادي تحاشياً في ان تقع الصين فيما وقع فيه القادة السوفيت الذين تحولوا من قادة للاتحاد السوفيتي الى قادة في الظل وقد طواهم النسيان في دولة روسيا التائهة سياسياً واقتصادياً والتي تعيش اكبر المتاعب داخلياً وكذلك ومع جيرانها ومع العالم اجمع غير قادرة في ان تعيد العافية لروسيا وريثة الاتحاد السوفيتي بينما اسم الاتحاد السوفيتي تحول في ذاكرة الشعب الروسي الى مجموعة من الاحلام والآمال، والآلام.
وهذه الدورس مكنت الصين من تحقيق النجاحات على مختلف الصعد وقفز اقتصادها فوق توقعات المتفائلين واصبح لها علاقات حيوية وهامة مع دول العالم، مع اهتمام صيني بتنمية العلاقات مع الدول العربية وعلى وجه الخصوص مع الدولة الرائدة في المنطقة وهي المملكة العربية السعودية وقد انعكس ذلك الاهتمام الى تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية السعودية الصينية كمااشرنا الى ذلك من قبل، والصين في الواقع لم تصل الى هذا المستوى الجيد بضربة حظ كما يقول المثل وانما وصلت اليه نتيجة للسياسات القوية والمتابعة الدقيقة في تنفيذها على الرغم مما تعرضت له من حروب سياسية واقتصادية خفية تشنها الدول الكبرى في العالم عليها لايقاف نموها مخافة ان تتحول الى دولة كبرى بل وعظمى ومع ذلك فان هذه الحروب قد باءت جميعها بالفشل حتى ان الولايات المتحدة الامريكية التي تقود بما تسميه الحفاظ على حقوق الانسان المهدرة في الصين احنت لها رأسها لكونها ادركت ان مصالحها في التعاون معها على كل الصعد,اما العلاقات السعودية الصينية فقد تطورت منذ سنوات وقد حققت نتائج اكثر من جيدة للشعبين السعودي والصيني واعتبر انا شخصياً ان العلاقات مع الصين هي من اهم العلاقات التي ينبغي الحفاظ عليها من الجانبين السعودي والصيني والعمل للارتقاء بها لتصل الى المستوى الاستراتيجي, وقد كانت زيارة صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني للصين هي الانطلاقة الحقيقية للعلاقات السعودية الصينية,وتأتي زيارة الرئيس الصيني جيانغ زيمين الرسمية للمملكة العربية السعودية للفترة من 22 الى 25 رجب 1420ه لتعلن عن بداية العمل السعودي الصيني الاستراتيجي لخدمة مصالح الشعبين السعودي والصيني، والسلام الدولي,وبقراءة البيان المشترك الذي صدر عن الجانبين في 25 رجب 1420ه يتضح التطابق السياسي بينهما فانه يلاحظ اتفاق الطرفين والقضايا ذات الاهتمام المشترك دوليا واقليمياً وتوصلهما الى رؤى مشتركة مع رضاهما تجاه التطورات الكبيرة التي شهدتها علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين في كافة المجالات، واعربا عن الرغبة المشتركة والعمل بوصول علاقتهما الى المستوى الاستراتيجي في المجالات السياسية والاقتصادية,.
فالمملكة العربية السعودية بثقلها الاسلامي والعربي والاقتصادي ودورها الرائد، والصين كقوة سياسية اقتصادية عسكرية رائدة قادرتان بتحويل السياسات والرؤى المشتركة الى مشاريع تنموية عملاقة تأخذ بالعلاقات بين الجانبين الى مستوى يقدم كل منهما الأخرى الى المستوى الدولي عملاقاً، ينبغي مراعاة مصالحه بعين الاعتبار، وفق النظام الدولي الجديد الذي من سماته محاولة انفراد دولة عظمى واحدة بالقرارات الدولية.
ان استيعاب كل من المملكة العربية السعودية والصين لهذا النظام مع كيفية التعامل معه، سوف يهيء لهما الاجواء المناسبة التي تضفي على العلاقات السعودية الصينية بعداً ايجابياً يرتقي بعلاقتهما الى المستوى الاستراتيجي ويجعل منهما ركيزتين أساسيتين في بناء النظام الدولي الجديد عندما تستقر صورته النهائية.
1 المعلومات عن الصين مستقاة من الانترنت
للمراسلة البريد الالكتروني: j Khk * ayna.com: