Tuesday 9th November, 1999 G No. 9903جريدة الجزيرة الثلاثاء 1 ,شعبان 1420 العدد 9903


بيننا كلمة
المسافة والمساحة
د , ثريا العريّض

سألتك مرة عن المسافة بين من يستحق الاحترام وعاشق الاعجاب, الآن أعرف الجواب: هي المسافة بين امتلاك الجوهر والانشغال بالمظهر, الأول ينتمي الى الندرة التي تمتلك الأصالة,, والثاني الى الأغلبية التي تظن ان الاصالة تتحقق عبر ضمان صخب التصفيق ولو بافتعاله.
مأساة الأول انك تحتاج الى زمن طويل من التعامل الحميم لتكتشف وتحترم حقيقة تميزه وقد تصفق له أو لا تصفق,, ولا أهمية عنده لخيارك هذا، فهو غالبا لا يحب الصخب.
ومأساة الثاني انه لا يرتوي من التصفيق، مصاب بعطش سرمدي لتمري نفسه في الصدى الصاخب حتى لو كان حفيف حجارة يقذفه بها السامعون.
انه يعزي نفسه عندها ان الاشجار المثمرة هي التي تقذف بالحجارة، وينسى ان الاسوأ اداء يقذفه الجمهور بالبيض الفاسد.
***
خارج دائرة الاحترام للمراكز وليس لانجاز من يملأنها؛ خارج دائرة التهليل لأخوة الشلة وليس لكل من يبدع جديدا يستحق التهليل,, لكل منا مساحته الصغيرة في الحياة؛ مساحته الذاتية الحقيقية التي تتسع او تضيق بأنفاسه وانجازه الذاتي, مربعه الصغير الذي يحمل حقيقة أدائه سواء جاء مقروءا أو مسموعا او مرئيا أو كلها معا,.
لو ان كل من ملأ مربعه تأكد انه يملؤه بشيء يستحق المساحة لما كان هناك اختلاف على اولوية هذا أو ذاك.
كلهم، عندها يستحقون الاحترام والاعجاب,, والذي يسعد عطاؤه الآخرين سيجد كم هو سعيد.
هل هذا طموح حقيقي قابل للتحقق؟.
ام هي طوباوية البحث عن مدينة فاضلة لا توجد الا بحلم مثالي؟
أليس واقعا ايضا؟ ان بعض العيون لا ترى الا القذى؟ بعض القذى يتأصل فيها وبعضه تبحث عنه في الآخرين.
وان بعض القلوب لا تحس الا مشاعر الغضب من ذواتها ومن الآخرين؟ ومهما طالعتها المساحات وراء جدرانها بما يسعد ويفرح فلن يكون رد فعلها الا صوتا ناشزا يفيض غضبا طافحا؟
صحيح ليست القمة موقع كرسي صغير يتنافس الطامحون المتسلقون اليه ولو باسقاط غيرهم, الا ان من يملك اجنحة لا يحتاج الى التسلق,, فهو يصل القمة تحليقا.
وصحيح ليس النجاح موقع كرسي واحد لفرد واحد فقط,, ولكنه صف من الواقع في المقدمة الصف الاول يمتد طويلا وواسعا ومليئا بالكراسي منذ بدء الزمان,, انما لا يصله الا من تحمله اليه خطاه.
المضحك هو من يأتي في مؤخرة الركب ويصرخ بأعلى صوته لكي يلتفت اليه الآخرون.
لا احد يلتفت لانهم كلهم مشغولون بالنظر الى الامام.
النظر الى الخلف يؤخر الخطى,, والانشغال بلفت انظار الآخرين يؤخر اكثر, بل ربما من ينشغل كالبهلوان او كالممثل، بمحاولة اجتذاب الآخرين الى ملاحظته ومتابعته هو من لا يصل ابدا لانه يتوقف عن تحقيق اي خطوة حقيقية.
وعلى ذلك الاداء؛ المخرج قد يفرض الممثلين ولكن الجمهور ينتقي متى يصفق, وعلى هذا قد تمنح ذات المساحة ثم لا تتساوى المسافة ابدا.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
منوعــات
تغطية خاصة
تقارير
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved