انتهاكات روسيا في الشيشان تتواصل والغرب لن يفعل أي شيء لوقف المأساة
** لندن رويترز
يصعد الغرب انتقاداته للهجوم العسكري الروسي في الشيشان لكن المحللين يقولون ان الدول الغربية ليس لديها وسيلة تذكر للضغط على موسكو وان محاولة معاقبة روسيا قد تأتي بنتائج عكسية.
وتحت ضغوط الرأي العام الناتجة عن الصور المروعة للاجئين الذين يفرون من الاقليم الانفصالي كثفت الولايات المتحدة وبريطانيا والمانيا دعواتها لروسيا لايجاد حل سياسي للازمة وتجنب كارثة انسانية.
وتأمل الحكومات الغربية ان تكون قمة منظمة الامن والتعاون في اوروبا المقرر عقدها هذا الشهر في اسطنبول فرصة لاقناع روسيا بالسماح للمجتمع الدولي بالاضطلاع بدور في الشيشان.
ولكن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين يستند الى تأييد شعبي لمكافحة ما تسميه روسيا الارهاب ويبدو ان الجنرالات الروس عازمون على مواصلة التقدم في الشيشان.
وقال وزير الدفاع الروسي ايجور سيرجييف الاسبوع الماضي ان القوات الروسية تعتزم السيطرة في نهاية المطاف على الاقليم الانفصالي الذي اجبرت على الانسحاب منه في حرب دموية بين عامي 1994 و 1997م.
واقتصر الموقف الغربي ازاء الشيشان حتى الآن على الخطابة والمواقف الرمزية مما اثار انتقادات اعلامية متنامية وكتبت صحيفة ليبيراسيون الفرنسية على سبيل المثال عنوانا في صفحتها الاولى يقول صمت والقتل مستمر احتجاجا على ما وصفته باللامبالاة الاوروبية الامريكية.
وربما تأثرا بهذه السخرية كتب رئيس الوزراء توني بلير لبوتين اليوم الخميس يحث روسيا على وقف تقدمها صوب العاصمة الشيشانية جروزني كما وجهت وزيرة الخارجية الامريكية مادلين اولبرايت ووزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر دعوة مشتركة لفتح حوار سلام مع زعماء الشيشان.
واتهمت واشنطن موسكو باستخدام القوة الغاشمة ضد مدنيين ابرياء.
وعلق البرلمان الاوروبي موافقته على مجموعة محدودة من المساعدات العلمية لروسيا تقل قيمتها عن 100 الف دولار في لفتة احتجاج رمزية.
ولكن الخبراء يرون ان التعامل مع روسيا افضل للتأثير على نتائج مشكلة الشيشان من اتخاذ اجراءات مثل فرض عقوبات عليها او محاولة عزلها.
ويقول اناتول ليفين من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية روسيا ملت الاستماع لمحاضرات الغرب.
واضاف ان وقف قروض صندوق النقد الدولي لروسيا لن يسفر عن شيء سوى دفع روسيا الى اعلان عدم قدرتها على الوفاء بديونها والتسبب في ازمة في النظام المالي الدولي.
وتابع ليفين افضل ما يمكن ان يقوم به الغرب هو تركيز الضغوط السياسية من اجل السماح للاجئين بالخروج والسماح للمنظمات الدولية برعايتهم مع بذل جهود لاشراك منظمة الامن والتعاون في اوروبا في اعمال اغاثة على ارض المعركة تقود في نهاية الامر الى جهود وساطة.
واشار الى ان الدول الاعضاء في المنظمة وعددها 54 دولة من المقرر ان توقع خلال اجتماعها يومي 18 و 19 نوفمبر تشرين الثاني الجاري في اسطنبول على اتفاقية معدلة تحد من الاسلحة التقليدية في اوروبا اخذا في الاعتبار تغيرات ما بعد الحرب الباردة.
ولكن روسيا تنتهك هذه الاتفاقية باعترافها عن طريق ارسال دباباتها وعرباتها المدرعة للشيشان وامتنع بوتين عن تحديد موعد للالتزام بالاتفاقية خلال اجتماعه مع الرئيس الامريكي بيل كلينتون في اوسلو الاسبوع الماضي.
ويشكك بعض المسؤولين الغربيين فيما اذا كان هناك اي معنى حقيقي لتوقيع هذه الاتفاقية في ظل الظروف الراهنة وهناك ضغوط دبلوماسية تمارس على روسيا من اجل تقديم بعض التنازلات لتجنب فشل قمة اسطنبول.
ولكن دبلوماسيا بارزا من حلف شمال الاطلسي قال ان اغلب اعضاء الحلف يريدون توقيع الاتفاقية لانها توفر للغرب آلية ضغط اكبر في اعطائه الحق على سبيل المثال في التحقيق في انتهاكات روسيا.
وقال دبلوماسي اوروبي بارز منظمة الامن والتعاون في اوروبا مهمة بالنسبة للروس لانهم يعتبرونها المنتدى الامني الاوروبي الاول في مواجهة حلف شمال الاطلسي وربما يمكننا انتهاز فرصة القمة لاقناعهم بالسماح للمنظمة بالقيام بدور في الميدان.
وحتى الآن ينتهج الوزراء والمسؤولون الروس موقفا متشددا تجاه اي انتقاد غربي مع اصرارهم على ان مسألة الشيشان مسألة داخلية وان موسكو لن تذعن للانتقادات.
لكن المسؤولين الغربيين قالوا ان قرار السماح للاجئين الشيشانيين بمغادرة الاقليم الانفصالي يوم الخميس جاء في جانب منه استجابة للانتقادات الدولية السياسية والمتعلقة بحقوق الانسان.
وقال المسؤول بحلف شمال الاطلسي ان روسيا وافقت على اجراء مناقشات استمرت ساعتين بشأن الشيشان خلال اجتماع غير رسمي مع سفراء الحلف في بروكسل الاسبوع الماضي.
ولكنها امضت اغلب الوقت في عرض فيلم فيديو يبدو انه ارسل من خاطفين شيشانيين الى اسر ضحاياهم يوضح ما يمكن ان يحدث للرهائن اذا لم تدفع الفدية.
ورد بوتين على الانتقادات بحث الغرب والدول الاسلامية على ان تمنح روسيا الدعم الدولي في كفاحها ضد الارهاب.