Monday 8th November, 1999 G No. 9902جريدة الجزيرة الأثنين 30 ,رجب 1420 العدد 9902


خللٌ في تعليمنا الجامعي 4 / 4
د/ عبدالله ناصر الفوزان

اذا اتفقنا على أن الإعانة النقدية التي تصرف للطلبة والطالبات في المرحلة الجامعية ليست من أجل الأمور المعيشية، بدلالة أنها لم تصرف لجميع المواطنين وإنما من أجل المتطلبات الدراسية الخفيفة كتوفير وسائل الكتابة والقراءة وشراء المذكرات وغيرها من الأمور المماثلة,,فكم يا ترى يفترض ان تبلغ نسبة تلك المتطلبات الخفيفة إلى متطلبات الدراسة الأساسية كعضو هيئة التدريس ومقر الدراسة والمعامل والمكتبات والأجهزة العلمية ووسيلة التنقل بين البيت والكلية بالنسبة للطالبات وغيرها من متطلبات الدراسة الرئيسية التي توفرها الدولة بالمجان، هل المفروض ان تبلغ تلك النسبة 20% أم 30% أم أنها قد تصل الى 40%,,؟؟ لقد شعرت بالذهول حين اكتشفت بعد تأمل الأرقام الواردة في بيانات معالي وزير التعليم العالي وميزانيات مؤسسات التعليم العالي ان نسبة الإعانة النقدية لجملة تكاليف الدراسة في كليات البنات التابعة لرئاسة تعليم البنات مختلفة جداً وأنها لا تخطر على البال ولا حتى في الأحلام.
الإعانة النقدية كما تعرفون تبلغ عشرة آلاف ريال في السنة للطالبة الواحدة في المعدل المتوسط، والمفروض طبعاً حسب التقدير التقريبي أن تكون تكلفة المتطلبات الأساسية للدراسة الجامعية خاصة في المجالات العلمية للطالبة الواحدة أكثر من ضعف هذا المبلغ، ولكني وجدت أن تلك التكاليف بالنسبة لطالبات كليات البنات كما عرضت في مقالي السابق، ليست ضعفه ولا مثله ولا حتى نصفه، بل في حدود ربعه، أي في حدود ثلاثة آلاف ريال فقط، أي أن النسبة معكوسة ويا للعجب، فبدلاً من أن تكون الإعانة النقدية الخاصة بالمتطلبات الخفيفة للدراسة تشكل 30% من المتطلبات الأساسية، أصبحت تلك المتطلبات الرئيسية هي التي لا تشكل إلا نسبة 30% تقريباً من الإعانة النقدية المخصصة أصلاً للأمور الخفيفة البسيطة,,,, وهكذا فقد انعكس الأمر تماماً فأصبح الأصل أصغر بكثير من الفرع، فهل هذا معقول,,,؟ وكيف حصل هذا الخلل,,؟ وأين يكمن الخلل بالضبط,,؟
إن الانسان ليعجب أيما عجب كيف يوفر للطالبة الجامعية إعانة نقدية في حدود عشرةآلاف ريال في العام لمواجهة التكاليف الخفيفة ولا يوفر لها من أجل التكاليف الرئيسية إلا ثلاثة آلاف ريال وظنّي أنه لو تم عرض الأمر على متأمل محايد خالي الذهن من أي خلفية لقال دون تردد إن هذا التعليم لا يتّسم بالجديّة، ولكن لأننا نعرف الخلفية فلا يمكن أن نقول ذلك، بل نقول إنه تحوّل تدريجياً إلى ما يوحي بذلك نتيجة لأن الإعانة لها من يطالب بها ويدافع عنها بينما الحد الأدنى من التكلفة التعليمية المقبولة لم يوجد من يقتنع به في الأصل ثم يطالب به ويدافع عنه، أي أن الخلل قد حدث نتيجة للكيفية التي تمّ بها التعامل مع هذا التعليم في مجالي القبول والبنود المالية.
فمن ناحية القبول من الواضح ان رئاسة تعليم البنات ظلت ترفع معدلات القبول سنوياً في ظل بقاء البنود المالية على وضعها وفي ظل غياب للمعايير الجامعية السليمة فيما يبدو، أما الجامعات التي لا شك أنها تتحمل بالنسبة لتعليم المرأة مسؤولية كبرى، فقد تركت الحمل الثقيل المسؤولة هي عنه ليحمله الطرف الأضعف المشترك معها في المسؤولية لذلك الحد الذي وصل إلى أن ذلك الطرف الأضعف الذي هو كليات الرئاسة قَبِل في العام الماضي خمسين ألف طالبة من خريجات الثانوية العامة اللاتي بلغ عددهن خمسة وسبعين ألفا حسبما تؤكده بيانات معالي وزير التعليم العالي، فإذا افترضنا أن الخمسة والعشرين ألفاً اللاتي بقين خارج نطاق قبول كليات الرئاسة قد تخلف منهن عن الدراسة الجامعية عشرة آلاف طالبة بسبب الزواج أو الإقامة في أماكن بعيدة عن المدن التي تتواجد فيها الكليات وافترضنا أن من بين الخريجات عشرة آلاف طالبة أخرى لم يقبلن في الدراسة الجامعية لضعف معدلات التخرُّج، فهل بقي من العدد الاجمالي ما يمكن أن نعتبر قبوله في الجامعات مساهمة مقبولة منها في تحمُّل واجباتها حيال تعليم المرأة,,,,؟؟
أما بالنسبة للبنودالمالية فمن الواضح ان وزارة المالية أسهمت مساهمة واضحة في دفع الأمور إلى هذا الحد غير المرضي نتيجة لعدم استخدامها معايير سليمة عادلة تعتمد عليها في تقديرها للبنود المالية في مؤسسات التعليم الجامعي، ونتيجة كذلك لذلك الازدواج في تعاملها مع الزيادات في الطلبة المستجدّين باتباعها سياسة بالغة الصرامة فيما يتعلق بتجميد البنود المالية الرئيسية لمؤسسات التعليم العالي، وإعطائها في الوقت نفسه لتلك المؤسسات شيكاً على بياض بالنسبة لبند إعانة الطلبة، وأنا أتفهم تماماً تجميد وزارة المالية للبنودالمالية وأتفهم صرامتها خلال السنوات الماضية لأني أدرك مثل غيري أن هناك أسباباً جوهرية وجيهة تفرض التصرف، ولذلك يحيرني موقفها المناقض بالنسبة لبند اعانة الطالبات،وأتعجب كيف تغص الوزارة بحبة الزيتون فلا تستطيع زيادة بعض البنود الرئيسية الهامة ببضعة ملايين لمواجهة بعض الاحتياجات المتعاظمة والطارئة ثم تبلع الجمل بما حمل فتقوم بزيادة بند إعانات الطالبات بمئات الملايين، ولا شك أنه لا ينبغي ان تصرف الإعانات للبعض دون البعض كما لا شك أن رئاسة تعليم البنات معنيّة بالدرجة الأولى عن التأكد من وجود مقومات الدراسة الكافية لأي طالبة قبل قبولها في الدراسة ولكن على اعتبار أن وزارة المالية معنيّة بالتأكد من مشروعية اعتماد المبالغ وبالتالي مطلوب منها التوصل إلى معايير منطقية وعادلة فإنه يصعب استبعادها من أي مسؤولية تنجم عن تردّي المستوى التعليمي بسبب طغيان أعداد الطلبة المقبولين نسبة إلى الإمكانات المالية الموفرة, أي أنني لا أعاتب وزارة المالية على توفير المبالغ الاضافية لإعانات الطلبة، فهذا أمر حسن مادام أنه قد تأكد للوزارة أنه ممكن ولكن أقصد أنه طالما أنها وجدت أن هذا ممكن، أفلا يفترض أن تكون البنود الرئيسية التي تمول احتياجات التعليم الأساسية أولى بالدعم في ظل الخشية من تضرر المستوى التعليمي الذي تتلاشى معه في تلك الحالة أي فائدة لتلك الإعانة النقدية ما دام أن الأصل الذي وجهت لخدمته يتعرض للمرض,,,؟؟
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الادارة والمجتمع
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتـي الجزيرة
ساحة الرأي
الريـــــــاضيــــة
الطبية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved