Saturday 6th November, 1999 G No. 9900جريدة الجزيرة السبت 28 ,رجب 1420 العدد 9900


لغة الإبداع,, والخلاف

وضع تعريف جامع مانع لاي شيء محفوف بصعوبات بالغة وقد ادرك ذلك المناطقة العرب وغيرهم في القديم والحديث ولكن هذا لا يعني عدم القدرة على ممارسة ذلك الشيء بل يمكن التعامل معه برغم كون الرؤية غير واضحة تماما واحسب اني لمست جوانب من ذلك عند حديثي عن تعريف الشعر وما ينبغي ان يتصف به ليستحق ان يسمى شعرا ومن نافلة القول ان ما يمس الجانب الفصيح يطال الاخر العامي لان عملية الابداع متقاربة في الاتجاهين والخلاف كما هو معروف حديثا يكون في الانجاز النهائي وهو جانب اللغة اما ما يسبق ذلك من عمليات فواحدة او تكاد لان كلا منهما يركب اللغة بطريقة مخصوصة تبتعد عن الدلالات المباشرة والمعروفة للالفاظ لتثير عاطفة المتلقي وانفعالاته اما ما لا يتوافر على هذا الشرط الجوهري فينبغي ان نكون اكثر جرأة في طرده من دائرة الابداع الشعري ووضعه حيث ينبغي ان يكون.
وقد عرف المؤرخ ابن خلدون الشعر بانه الكلام المبني على الاستعارة والاوصاف المفصل باجزاء متفقة في الوزن والروي وهذه مطالب رئيسة في الشعر وهي ظاهرة في الانماط المتميزة بوضوح في الشعر بنوعيه رغم ان هناك من ينكر المعايير الوزنية في الشعر العامي! فهل هؤلاء ممن قال فيهم المتنبي:
ومن يك ذا فم مر مريض
يجد مرا به الماء الزلالا؟
لابد اذن من اختيار الالفاظ والتراكيب المؤدية لتعبيرات منزاحة عن المألوف وهكذا فعل الشاعر العامي عندما اراد أن يصف زمانه الذي اذاقه الويلات بقوله:
واركى بعازي بسرة القلب رمحين
وانساني اللي قبل ذا فاطن له
وكذلك عندما تتملكه الغرابة ممن لم يتعرض لمثل تلك المواقف فيقول:
ما خاف من عمس الليالي بتبيين
ومن غارة الدنيا وكونه وذله
فقد وضع للقلب بسرة اركى عليها الزمن بمتغيراته حتى اذهله وقد اضاف عمس الى الليالي وغارة الى الدنيا بطريقة موفقة رائعة وهنا تبرز خصائص الرسالة الادبية في اكبر سماتها واهمها وهي التمرد على لغة التفاهم الدارجة.
ويرى بعض المعاصرين ان للشعر سمات لابد منها بالاضافة لما سبق ومنها ان تتوافر في الفاظه سمة التجانس بين اللفظ والمعنى وذلك بان يكون اللفظ رقيقا في موضع الرقة كالغزل مثلا وان يكون قويا عنيفا في موضع القوة كما في الفخر على سبيل المثال فمثلا لفظة اركى السابقة قد لا تصلح في موطن الرقة وهكذا كانت ردة فعل جرير عندما سمع قصيدة عمر ابن ابي ربيعة:
امن آل نعم انت غاد فمبكر
غداة غد ام رائح فمهجر
وكان قد ألفه صاحب لغة رقيقة تناسب غرض الغزل الذي قصر شعره عليه اذ دفعه ذلك ليقول: لا زال هذا القرشي يهذي حتى قال الشعر.
أحمد المطرودي

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
منوعــات
لقاء
تقارير واحداث
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved