الدكتور عصمت عبد المجيد أمين عام جامعة الدول العربية في حوار خاص لـ الجزيرة المملكة منذ تأسيسها وضعت الأسس القوية لبناء تضامن عربي إسلامي قوي ,, وعلاقات دولية قائمة على الاحترام وعدم التدخل في شؤون الغير |
* القاهرة مكتب الجزيرة د, محمد شومان علي السيد:
اشاد الدكتور عصمت عبدالمجيد الامين العام لجامعة الدول العربية بحكمة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ودبلوماسية صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني ، في تحقيق الامن والاستقرار بالمنطقة.
وقال الامين العام في حديث خاص لالجزيرة ان استقرار الاوضاع في منطقة الخليج يتطلب إقدام العراق على مبادرات شجاعة لكسر الجمود الحالي في علاقاته مع جيرانه.
اكد الامين العام ان المصالحة العربية باتت ضرورة ملحة، مشيرا الى ان العراق يملك مفاتيح هذه المصالحة والتي يلمح الامين العام اليها عبر هذا الحوار الذي تطرق فيه الى الموقف العربي من التطبيع مع اسرائيل في ضوء القرار الموريتاني الاخير باقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع اسرائيل، وقدرة الجامعة العربية على الاستمرار في ظل غياب نظام عقابي فاعل، وفيما يلي نص الحديث.
* كيف تنظرون الى الدبلوماسية السعودية في المحيط العربي والدولي ,,, ؟
** ان الدور النشط والفعال الذي تقوم به الدبلوماسية السعودية على كافة الاصعدة القومية والاقليمية والعالمية بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ، يلقى منا كل التأييد والدعم، فالمملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود قد وضعت الأسس القوية لبناء تضامن عربي اسلامي قوي متين، وعلاقات دولية واقليمية اخذت تنمو يوما بعد يوم وسار ابناء الراحل العظيم على نهج مؤسس المملكة، وفي هذا الاطار فان دور المملكة تجاه القضايا العربية والاسلامية دور واضح ومشهود، فالقضية الفلسطينية منذ بدايتها تلقى كل الدعم والمؤازرة من المملكة العربية السعودية وعلينا الا ننسى الدور القومي الكبير الذي قامت به المملكة العربية السعودية اثناء حرب اكتوبر 1973م التي اعادت للامة العربية عزتها وكرامتها وكيف كان المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز تجاه موضوع استخدام النفط كعامل ضغط على القوى التي ارادت ان تظل امتنا العربية اسيرة النكسة والهزيمة، كما لا ننسى دور خادم الحرمين الشريفين من اجل احلال السلام العادل والدائم ومنطقة الشرق الاوسط وتقديمه لمبادرته في مؤتمر قمة فاس عام 1982م التي نادت بانسحاب اسرائيل من جميع الاراضي العربية المحتلة، وازالة المستعمرات الاسرائيلية، وضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الاديان بالاماكن المقدسة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.
لقد اعتبرت المملكة العربية السعودية هذه المبادىء من الأسس التي لا يمكن المساومة عليها او التراجع عنها.
كما كانت المملكة في طليعة الدول العربية التي شاركت في مؤتمر القمة العربية الذي عقد في القاهرة في شهر يونيو عام 1996م بهدف بلورة موقف عربي واحد تجاه سياسة التعنت الاسرائيلي الرافضة لاقامة السلام العادل والشامل في الشرق الاوسط.
وتؤكد القيادة السعودية في كل مناسبة حرصها الشديد على السلام العادل والشامل في الشرق الاوسط وفق الاتفاقات الموقعة والالتزام بها من الاطراف المختلفة على أساس مبدأ الارض مقابل السلام والانسحاب من جميع الاراضي العربية المحتلة.
وفي مجال العلاقات السياسية وضعت المملكة العربية السعودية نصب اعينها اربعة مرتكزات أساسية,, خليجياً وعربيا واسلاميا ودوليا,, ومثلت تلك المرتكزات أساس التحرك في علاقات المملكة مع غيرها من الدول، وبفضل حكمة وبعد نظر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد استطاعت المملكة العربية السعودية ان تتبوأ مكانة مرموقة في عالم اليوم، وذلك نتيجة لحرص المملكة على ان تكون علاقاتها مع الآخرين قائمة على احترام سيادة استقلال ووحدة اراضي الدول، وعدم التدخل في شؤون الغير، ومراعاة حسن الجوار، والالتزام بالاحترام والثقة المتبادلة، والتعاون البناء المثمر، والامتناع عن استخدام القوة والتهديد باستخدامها، وحل ماقد ينشأ من نزاعات بالطرق والوسائل السلمية، والتأكيد على ان التضامن العربي وترسيخ اركانه يعد ان من اهم الثوابت التي تحرص المملكة العربية السعودية على التمسك بها.
ان تلك المواقف الراسخة والثابتة للمملكة العربية السعودية تعبر بكل جلاء عن تمسك المملكة العربية السعودية بالنهج الذي وضعه مؤسس المملكة المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود والقائم على المحافظة على الثوابت الوطنية واعلاء راية التضامن العربي.
* وماهو تقديركم للجولات العربية الاخيرة التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الامير عبدالله ولي عهد المملكة؟
** لقد اكدت دائما على الدور الهام والايجابي الدي تلعبه المملكة العربية السعودية لتحقيق الوئام والتضامن العربي وتحقيق وحدة الصف ولم الشمل، وفي هذا الاطار كانت دائما جولات سمو ولي العهد الأمير عبدالله وآخرها جولة سموه الاخيرة الى كل من المغرب والجزائر وتونس التي تهدف بالتأكيد لتحقيق هذا التضامن وتقريب وجهات النظر وتوثيق العلاقات مع دول الاتحاد المغاربي، كما ان جولات سموه التي قام بها العام الماضي وقبله جاءت لتوضيح الموقف العربي تجاه قضاياه المصيرية وانني اؤكد دعمي وتقديري لاي تحرك سعودي للم الشمل ووحدة الصف وتحقيق اكبر قدر من التضامن الذي نحن في امس الحاجة اليه.
* ماهي رؤيتكم لمستقبل الترتيبات الاقليمية في الشرق الاوسط ,,, ؟
وهل يمكن ان تتم هذه الترتيبات على حساب الحقوق العربية في القدس,, وكذلك في البحر الاحمر؟
** في اعتقادي ان التحديات الراهنة التي يواجهها الوطن العربي في الداخل والخارج هي في جوهرها تحديات ذات طابع سياسي اقتصادي وتتطلب وعيا عربيا، ولاشك ان السلام الاقتصادي يرتبط ارتباطا وثيقا بالسلام السياسي، وفي هذا الاطار فان الطموحات المبدئية للتعاون الاقليمي التي راودت المجتمعين في مؤتمر الدار البيضاء في نوفمبر 1994م وعمان عام 1995م لدول الشرق الاوسط وشمال افريقيا كانت ترتبط ارتباطا وثيقا بطموحات مماثلة وموازية لحل كافة القضايا السياسية المتعلقة بالصراع العربي الاسرائيلي وقد شاركت في اول مؤتمر اقتصادي للشرق الاوسط وشمال افريقيا في الرباط في الفترة من 31 اكتوبر الى 1 نوفمبر 1994م وبحضور الراحل الملك الحسن الثاني واعلنت في كلمتي امام المؤتمر ان العلاقات الاقتصادية والسياسية وجهان لعملة واحدة ولا يمكن ان نسعى لتعاون اقتصادي دون حل للمشاكل السياسية، والا كنا كمن يضع العربة امام الحصان لان الرغبة في خلق كتلة اقتصادية لمنطقة الشرق الاوسط لم تستقر مصالحه المترابطة بعد هو امر مستحيل نظراً لتعثر المعالجة الصائبة والصحيحة لمشاكله السياسية، اذ كيف يستقيم التعاون الاقتصادي الاقليمي في ظل استمرار احتلال الاراضي العربية وسيادة مفهوم السلام المسلح المدجج بترسانة نووية لدولة منفردة في المنطقة نتيجة لذلك فان تحفظات الجامعة العربية بشأن هذا التعاون ماتزال قائمة فالجامعة لم تغير موقفها السابق بالربط بين التعاون الاقتصادي الاقليمي مع اسرائيل والتوصل الى تسوية سياسية شاملة وعادلة للصراع العربي الاسرائيلي والذي اذا ما تحقق ذلك فسيكون في صالح اسرائيل في المقام الاول فالسلام ليس هدية تقدمها اسرائيل للدول العربية، وانما السلام في المقام الاول هو لصالح اسرائيل.
وعليه فان موقف الجامعة العربية من الشرق اوسطية او أي مشروع اقتصادي اقليمي في المنطقة يقوم على ضرورة معالجة القضايا قبل الشروع او البدء في الدخول، في أية مشاريع اقتصادية، وحل كافة القضايا السياسية المتعلقة بالصراع العربي الاسرائيلي والقضية الفلسطينية والقائمة على تحقيق السلام الشامل والعادل وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ارقام 242،338،425،252 ومبدأ الارض مقابل السلام، وقد ترى الدول العربية ان يمتد هذا التعاون الى دول غير عربية في المنطقة مثل ايران، تركيا، وقبرص، والمسألة اولا واخيرا تتوقف نوعية هذا التعاون وعلى ارتباطه بمصالح كل دولة.
اما بالنسبة للحقوق العربية في القدس فإنني اؤكد ان القدس تمثل خطا احمر لايجب تجاوزه وانني اؤكد مجددا على حساسية موضوع القدس لدى كل من العرب والمسلمين والمسيحيين فالقدس مسألة مطروحة على الامم المتحدة وهناك قرارات واضحة بشأنها تبنتها الامم المتحدة ولن نقبل بأي تغيير في هذا الموقف القائم على الشرعية الدولية وأي شيء خارج تلك الشرعية هو غير مقبول من قبل الدول العربية وانني اؤكد ان مواصلة اسرائيل لتشويه الحقائق التاريخية عن القدس واستمرار تحديها لقرارات الامم المتحدة والرأي العام العالمي الذي اكد موقفه ببطلان اجراءات اسرائيل التعسفية لتهويد القدس وطمس هويتها الاسلامية والعربية وهو نوع من الابتزاز الاسرائيلي هدفه التأثير على مفاوضات الوضع النهائي ومحاولة لطمس التاريخ واغتصاب الحق العربي والاسلامي في القدس ولكنني اؤكد ان هذا الموقف لن يثني العرب عن تصميمهم في الحصول على حقوقهم كاملة وفق قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية الصادرة في هذا الشأن.
* ماهو المطلوب لاستقرار الاوضاع في منطقة الخليج؟
** ان استقرار الاوضاع في منطقة الخليج امر حيوي للغاية للامن القومي العربي الذي يعتبر ازمة الخليج من اكبر التحديات التي واجهته ورغم ان الموقف الآن بالنسبة للعراق اصبح اكثر تفهما عما كان عليه من قبل فان مسؤوليتنا القومية تحتم علينا السعي نحو استعادة العراق الى موقعه الطبيعي ضمن اسرته العربية، ولكن ذلك مرتبط بأمرين هامين:
الاولى: الالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الامن ذات الصلة بأزمة الخليج.
الثانية: ضرورة العمل بأقصى جهد ممكن لرفع الحصار والمعاناة عن الشعب العراقي.
وفي هذا الاطار فان الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب الذي عقد في الرابع والعشرين من يناير 1999م بالجامعة العربية لبحث الازمة العراقية كان بداية ايجابية نحو اقامة حوار هادىء وعقلاني يهدف الى رفع المعاناة عن الشعب العراقي ولاشك ان هذا الاجتماع رغم انسحاب وزير خارجية العراق منه، كان خطوة ايجابية ومدخلا نحو تقارب عربي عربي، وقد عبر بيانه الختامي عن حرص الدول العربية جميعها على ضرورة العمل على رفع المعاناة عن الشعب العراقي في اطار التزامه بقرارت الشرعية الدولية ذات الصلة بأزمة الخليج، والعمل على اعادة بناء العلاقات العربية على أسس سليمة، ومعالجة الشروخ في كيان الامة بالحرص على الالتزام بمبادىء ميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين دول الجامعة واحترام مبادىء ميثاق الامم المتحدة، ولاشك ان الالتزام بهذه المبادىء يساعد كثيرا في سعينا نحو رفع الحصار والمعاناة عن الشعب العراقي الشقيق والعمل على استعادة موقعه الحيوي في امته العربية، ومن جانبنا فاننا نتحرك في اطار معالجة المشاكل الانسانية الناجمة عن ازمة الخليج كمشاكل الاسرى والمفقودين وفي هذا الاطار آمل ان يشارك العراق في اعمال اللجنة الدولية للصليب الاحمر المقرر انعقادها في النصف الثاني من شهر نوفمبر الحالي، كما اغتنم هذه المناسبة لاشيد بمبادرة الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة حول جهوده الرامية الى ايجاد حل لمشكلة الاسرى والمفقودين الكويتيين.
وبالنسبة لاجتماعات الدورة الاخيرة لمجلس الجامعة العربية 112 التي تولى العراق رئاستها فلقد سادها مناخ ايجابي وظهر اتجاه لمعالجة الامور من خلال الحوار الصريح والايجابي والاستفادة من دروس الماضي والنظر الى المستقبل بثقة واطمئنان، لقد اظهرت المناقشات وجود رغبة عربية في رفع المعاناة عن العراق وعودته الى الصف العربي وانه ليس هناك تحفظ او اعتراض على ذلك صحيح انه توجد خلافات عربية بشأن العراق لكن بدأت اجواء جديدة تظهر في هذه الدورة تؤكد علىانه لم يعد من المقبول ان تستمر العقوبات على العراق الى مالا نهاية, ولقد طالبت العراق في كلمتي امام مجلس الجامعة بمبادرات شجاعة وان يقدم تنازلات محسوبة من أجل كسر الطوق الذي يكبل مسيرتنا العربية والسير قدما نحو تحقيق المصالحة العربية على أساس المصارحة التي باتت اليوم ضرورة ملحة, لقد آن الاوان لكي نطوي صفحة الماضي بكل مآسيها من خلال اقامة حوار بين كل الاطراف وان يتحدث الجميع بشفافية وصراحة، والا يخفي احد شيئاً، ولاشك ان تحرك العراق بشكل ايجابي تجاه موضوع الاسرى والمفقودين الكويتيين وتحقيق نتائج ملموسة في هذا الشأن سيكون له اكبر الاثر في اختراق الجمود الحالي في علاقات العراق مع جيرانه من الدول الخليجية ويسهم بشكل ايجابي في اعادة بناء الثقة بين الاشقاء.
ومن ناحية أخرى فاننا نناشد ايران الجارة المسلمة ان تتجاوب مع مبادرات دولة الامارات العربية المتحدة حول جزرها الثلاث طنب الصغرى وطنب الكبرى وابو موسى وان تقبل ايران بما طرحته دولة الامارات العربية باللجوء الى محكمة العدل الدولية للفصل في هذا النزاع الذي طال امده، اننا نأمل ان تقوم العلاقات العربية الايرانية على أسس راسخة قوامها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واقرار مبدأ سياسة حسن الجوار، ولاشك ان ذلك كله سيسهم في امن واستقرار منطقة الخليج.
* هل تستطيع الجامعة العربية الصمود في مواجهة التغيرات الجديدة,, وحفظ الاستقرار في المنطقة في ظل غياب نظام عقابي عربي فاعل، مثلما هو متبع في الامم المتحدة؟
** لابد ان نعترف ان دور الجامعة العربية على المستويين الاقليمي والدولي لايمكن ان يؤدي الهدف منه الا من خلال دعم وتعزيز الدول العربية لهذا الدور ذلك ان جامعة الدول العربية ماهي الا انعكاس صادق وامين لارادات الدول العربية، فالجامعة العربية تتعامل مع الازمات وتحاول حلها وهي في النهاية تمثل حكومات ورسميا هي جامعة دول عربية وهذه الدول لها حسابات ولها سيادة تتصرف وفقا لمصالحها واهدافها وحساباتها وقد تختلف الحسابات وتختلف المصالح، كما ان الامين العام للجامعة ليست لديه عصا سحرية لحل كافة المشاكل التي تواجه الامة العربية، كما انه ليس لديه سلطات مثل تلك الممنوحة للامين العام للامم المتحدة في نص المادة 99 من ميثاق الامم المتحدة حتى يستطيع توجيه نظر مجلس الامن نحو المسائل التي يرى انها تمس السلم والامن في المنطقة انما هو يسعى بكل اخلاص وبكل امانة لتحقيق الصالح العربي العام فميثاق الجامعة العربية يحتاج لتعديل والتعديل المطلوب هو اعطاء سلطات وصلاحيات اوسع للامين العام وان يكون التصويت باغلبية الثلثين بدلا من الاجماع.
والجامعة العربية وفي حدود ماهو متاح لها في اطار مبادىء واهداف ميثاقها تدافع عن المصالح العليا للامة العربية وتناصر قضاياها العادلة وترسيخ هويتها القومية وتؤكد الدور الذي ساهمت به الامة العربية في الحضارة الانسانية المعاصرة وتواصل بايمان قوي وعزيمة ثابتة تأدية هذه الرسالة التي تفرضها مسيرة السلام من منطق الالتزام بقرارات مجلس الامن 242 و338 و425 ومبدأ الارض مقابل السلام وانسحاب اسرائيل من كافة الاراضي العربية المحتلة وتعمل بكل السبل الممكنة على استعادة التضامن العربي بين اعضائها واعلاء مفهومه وتعزيز المصلحة القومية العليا كما تعمل على تطوير علاقات التعاون بينها وبين مختلف المجموعات والمنظمات السياسية والاقتصادية والدولية من اجل احلال السلام والامن والعدل والعمل على ان تكون منطقة الشرق الاوسط خالية من اسلحة الدمار الشامل وتوجيه الطاقات والامكانات نحو تعزيز آفاق التعاون والتنمية الاقتصادية والاجتماعية فضلا عن استمرار جهود الجامعة في العمل على تحقيق المصالحة الوطنية بين الاشقاء الصوماليين والجامعة العربية كانت اول من تصدى وادان الهجوم الامريكي على مصنع الادوية في السودان واصدرت بيانها صباح الجمعة 21/8/1988م بعد قصف المصنع مساء الخميس 20/8/1998 وادان مجلس جامعتها الاعتداء يوم الاثنين 24/8/1998م.
والجامعة العربية هي التي وقفت وما زالت تقف بقوة مع الشقيقة ليبيا في الدفاع عن حقها المشروع في محاكمة الليبيين المشتبه فيهما في بلد محايد، وظلت طوال ست سنوات متتالية تعلن رفضها محاكمته في اسكتلندا او الولايات المتحدة الامريكية حتى كان القبول الامريكي البريطاني بمقترح الجامعة العربية وليبيا بمحاكمة المشتبة فيهما في هولندا.
والجامعة العربية هي التي وقفت ودافعت عن دولة الكويت ابان الغزو العراقي لها عام 1990م ، ورفضت أي مساس بسيادة دولة الكويت وشرعية حكومتها حتى صدور قرار مجلس الامن المتعلق بالنفط مقابل الغذاء.
والجامعة العربية كانت من اولى المنظمات الدولية الاقليمية التي يصدر عن مجلس وزراء العدل والداخلية العرب اول اتفاقية على المستوى الدولي لمقاومة ومكافحة الارهاب.
* في الوقت الذي يطالب فيه البعض بتجميد المقاطعة العربية لاسرائيل، تخرج علينا دولة عربية هي موريتانيا بإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع اسرائيل، ماهي رؤية سيادتكم لجدوى استمرار المقاطعة كسلاح فعال ضد الممارسات الاسرائيلية؟ وما مغزى اقدام موريتانيا على اقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع اسرائيل دون التنسيق مع جامعة الدول العربية؟
** لقد حددت قمة القاهرة في يونيو 1996م مسؤولية اسرائيل عن تجميد عملية السلام في الشرق الاوسط، كما اصدر مجلس الجامعة العربية في دورته السابعة بعد المائة قراره رقم 5629 الذي نص على دعوة الدول العربية لايقاف خطوات التطبيع التي جرى اتخاذها مع اسرائيل في اطار عملية السلام الجارية، وايقاف التعامل معها بما في ذلك اغلاق المكاتب والبعثات حتى تنصاع اسرائيل الى مرجعية مؤتمر مدريد ومبدأ الارض مقابل السلام، ولقد جاء هذا القرار بالاجماع وبدون ان تكون هناك اية تحفظات، وكل دولة ملتزمة به، وبالنسبة لاقدام موريتانيا على اقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع اسرائيل فإنني بداية اؤكد على سيادة كل دولة عربية في اتخاذ ماتراه متسقا مع سياستها ولكنني عبرت عن رأيي فيما اقدمت عليه موريتانيا بأنه جاء في توقيت غير مناسب ذلك ان عملية السلام لم تصل الى نهايتها فمازالت هناك اراض عربية محتلة في فلسطين والجولان وجنوب لبنان، ومازالت عملية السلام تحتاج الى دعم ومساندة عربية كاملة حتى تنسحب اسرائيل من كافة الاراضي العربية المحتلة، ولقد رأينا كيف تأثرت اسرائيل عندما جمدت الدول العربية خطوات التطبيع معها عندما قامت حكومة نيتانياهو بتجميد عملية السلام واليوم حقيقة هناك حكومة اسرائيلية جديدة تسعى لتحريك عملية السلام ولكننا مازلنا نؤكد ان السلام يحتاج ان تتخذ اسرائيل خطوات عملية فعلية بتطبيق مبدأ الارض مقابل السلام وتطبيق قرارات الشرعية الدولية الصادرة في هذا الشأن وكنا نأمل من الحكومة الموريتانية الا تتسرع في اتخاذ هذه الخطوة التي أرى ان توقيتها كان غير مناسب بالمرة في ظل الوضع الراهن.
* في تقديركم,, هل ينهض النظام العربي من غفوته الراهنة؟
** نخطىء كثيراً اذا تصورنا ان احداث ازمة الخليج عام 1990م لم تترك آثارا وتداعيات على الوضع العربي العام مازلنانعاني منها حتى الآن ومازالت هذه الازمة تقف حائلاً دون استعادة التضامن العربي بالصورة التي يتمناها كل عربي مخلص لوطنه وامته، ولكني اشعر ان الوضع الحالي افضل مما كان عليه ويجب علينا ان نسعى الى استثمار الاجواء الايجابية في المناخ العربي بالسعي نحو تنقية الاجواء العربية وفتح باب الحوار الايجابي فان ذلك كله من شأنه ان يؤدي الى المساعدة في رأب الصدع ولم الشمل وتحقيق المصالحة القومية العربية القائمة على المصارحة والمكاشفة والالتزام بمبادىء واهداف جامعة الدول العربية، وتنفيذ كافة قرارات مجلس الامن ذات الصلة بازمة الخليج وذلك ايمانا منا بأن ذلك هو السبيل الصحيح لاستعادة التضامن العربي، خاصة وان التحديات المفروضة على الامة العربية كثيرة ومتعددة وهذا يدفعنا الى ضرورة التضامن والاتفاق حتى نتمكن من الخروج من نفق الخلافات التي اضرت كثيرا بمسيرة امتنا العربية، ان كل ذلك يتطلب منا كأمة عربية ان نعيد مراجعة اوضاعنا وعلاقاتنا العربية العربية بروح موضوعية وصادقة وبمصارحة كاملة، وعلينا في الوقت نفسه ان نستمد من قيم وتراث امتنا الحضاري مايعيننا على تخطي الصعاب التي تحول دون التئام شمل الامة واستعادة حيويتها وتعميق تضامنها وتعاونها بشكل يتفق مع وحدة الهدف والمصير، وفي هذا الاطار فانني اؤكد ان مبادرتي التي طرحتها للمصالحة العربية في عام 1993م تلقى الاهتمام والمتابعة ورغم انني طرحت هذه المبادرة في 22 مارس 1993م فانها مازالت حتى الان تلقى الاهتمام والمتابعة حتى اضحت الحاضر الغائب في كل اجتماع, لقد اقترحت في مبادرتي التي استندت فيها الى ما نادى به صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان حكيم الامة العربية في مبادرته عن التسامح التي اطلقها في ديسمبر من عام 1992م ان يكون التنفيذ من خلال آلية اطلقت عليها اسم الترويكا العربية على مستوى وزراء خارجية ثلاث دول رئيس الدورة السابقة والحالية والتالية بالاضافة الى الامين العام للجامعة، واوضحت ضرورة التعامل مع مبدأ المصالحة باسلوب المصارحة والمكاشفة لان الصدمة التي اصابت الامة العربية بغزو العراق والكويت في الثاني من اغسطس عام 1990م احدثت شرخا كبيرا مازلنا نعاني من تداعياته حتى الان، والمطلوب ان نتصارح ونصحح الاخطاء وان يبدأ العراق بتصحيح ماارتكبه في حق الكويت وان يعلن عن ذلك بشجاعة وبشفافية لانه ان لم نتصارح فلن نتصالح.
ومن جانبنا فاننا نبذل كل الجهود من اجل العمل على تنقية الاجواء العربية واستعادة التضامن العربي ودعم اوجه التعاون بين البلدان العربية وبما يعزز من تضامننا القومي ويقوي من دعائمه.
ولقد اثبتت اجتماعات الدورة 112 لمجلس الجامعة العربية التي رأسها العراق رغم كل ماقيل وأشيع قبل واثناء رئاسة العراق لها اقول لقد اثبتت هذه الدورة ان الطريق نحو استعادة التضامن العربي ليس بعيدا وقد اظهرت المناقشات روحا جديدة نعم هناك خلافات لكن بدت محاولات جادة لتقليل مساحات الخلافات، فالخلاف في الرأي لايفسد للود قضية .
وانني اؤكد اننا على اعتاب مرحلة جديدة من العلاقات العربية العربية، ولعل قيمة الدورة الاخيرة هي انها فتحت الطريق امام تجاوز سلبيات الماضي، وعلينا ان نعالجها بالاسلوب الذي يؤدي الى استعادة التضامن العربي القوي المتين والذي به ينهض النظام العربي ليؤدي الدور المنوط به.
|
|
|