Saturday 6th November, 1999 G No. 9900جريدة الجزيرة السبت 28 ,رجب 1420 العدد 9900


بعض الأدباء يتحدثون
نص المرأة لم يؤسس قوانينه ولا يزال مشدوداً إلى أفق ذكوري في الكتابة

إعداد : احمد الزين
كتابة المرأة، والكتابة النسائية، قضية تثير الكثير من الجدل في أوساط المثقفين رجالاً أو نساء، فهناك من يراها كجزء من الهامش المحدود الذي تمثله المرأة في المجتمع، وبالتالي يأتي تعامله معها في مستوى أقل جدية، والبعض الآخر يهمه النص فقط، بغض النظر عن هوية من كتبه واعياً لمسألة ان الابداع غير خاضع للتقسيمات او التصنيفات التي عادة ما تنشأ عن رؤية قاصرة لطبيعة الكتابة والمناخات التي تتبلور فيها,, في هذا التحقيق حاولت الثقافية الاقتراب من مجموعة من الأدباء ومعرفة آرائهم حول هذه القضية وكيف يجيء تعاملهم مع ما تكتبه المرأة شريكتهم في الهم والحلم بكتابة نص فارد فنياً ومستوعب في ذات الوقت لجملة من القيم الانسانية النبيلة.
القاص الصقعبي:
- هناك كاتبات حاولن الوصول إلى القارىء عبر إغراء الأنوثة
الروائي والقاص عبد العزيز الصقعبي تحدث عن رؤيته لكتابة المرأة وكيف يأتي تعامله معها يقول: افضل دائماً عدم تصنيف الكتابة حسب الجنس فالكتابة واحدة سواء رجلا الذي يكتبها او امرأة، تبقى القدرة الابداعية للكاتب او الكاتبة والعلاقة الخاصة بين الكاتب والمكتوب، ربما نقول ان المرأة اقدر من الرجل في الكتابة عن شؤون الاسرة والمنزل ولكن هذه الكتابة غالباً تبقى بعيداً عن اطار الابداع وحقيقة تكون الكتابة اللافتة للنظر تلك التي تصل فيه الكتابة الذروة في التعبير عن رؤيتها الخاصة كامرأة بصورة ابداعية جميلة دون الاغراق في الهموم الذاتية, ربما يكون اسم المرأة كالسلوفان عندما يغلف به كتاب معين يضيف اليه شيئاً خاصاً، لكن هذا التغليف السلوفاني لا يحدد مطلقاً قيمة الكتاب الابداعية فيبقى الجيد جيداً ويبقى الرديء رديئاً، لذا تكون غادة السمان واحلام مستغانمي ورجاء عالم ونازك الملائكة وميسون صقر واميمة الخميس وغيرهن كثيرات مبدعات استطعن ان يصلن عبر كتاباتهن الابداعية الى القارىء دون ان يتشبثن بتاء التأنيث ليواجهن القارىء الرجل به, في المقابل هناك كاتبات - وعذراً - اذا قلت كاتبات - حاولن الوصول الى القارىء عبر إغراء الأنوثة بالصورة والكلمة فبقيت كلماتهن باهتة واختفين بمجرد ان اكتشف القارىء ضحالة ما يكتبن فالبقاء للكلمة المبدعة.
من الخاص إلى العام
وعما اذا كان يشعر بندية مع ما تكتبه المرأة يضيف القاص الصقعبي: ولماذا لا انا كاتب قصة وهنالك ليس في الوطن العربي فقط بل في العالم كاتبات مبدعات يكتبن قصة جيدة,, ليس هذا فحسب بل إن هنالك اعمالاً ابداعية كتبتها نساء اتمنى ويتمنى كل كاتب مخلص للكلمة ان يكون هو صاحبها.
غير انه يعود ليقول: ربما بعض الكاتبات لم يستطعن الخروج من الهموم الخاصة للمرأة الى هموم أعم واشمل فتبقى كتاباتهن مغرقة بالذاتية اشبه بالخواطر التي تكتب في دفتر اليوميات الخاصة كنوع من التعبير عن مشاعر خاصة جداً قد لا تهم الآخرين.
مثال بسيط وحي,, احلام مستغانمي صدر لها عن دار الآداب في نهاية السبعينات ديوانها الأول صدر الكتاب بهدوء ولم يفطن له الا عدد بسيط من القراء وعن الدار ذاتها ومنذ سنوات قليلة صدر لها رواية ذاكرة الجسد، ثم فوضى الحواس,, ان تلك الروايتين وبالذات ذاكرة الجسد حصلت على جائزة الابداع والكتاب الاكثر مبيعاً في بعض معارض الكتب وتجاوزت عدد الطبعات منها العشر كل ذلك لانها تجاوزت الهم الخاص الى العام وقدمتها بلغة شيقة وجميلة.
القاص التعزي:
كتابة المرأة,, شمعة تضيء الخطوات
القاص عبد الله التعزي يقول عن هذا المحور: كتابة المرأة المبدعة (قاصة كانت ام شاعرة) لا تختلف عن كتابة الرجل المبدع, فالجميع يحاول ان يكون متميزا وله خصوصيته المتفردة الذي على اساسها ينطلق شعوره او شعورها بالجمال وبالقيمة الفنية التي يقدمها للقارىء, ولكن الكاتبة في السعودية تنطلق من بين الكثير من الاطر التي تجعل كتابتها في كثير من الاحيان عملاً يشبه البطولات (اذا كان متميزاً) بالطبع هذا لا يعطيها المبرر لتقدم عملاً عادياً بل يجعل من مهمتها اصعب من الرجل وتطالب بتخطي كل هذه العوائق بعيداً عن دلالاتها كأنثى في مجتمع ذكوري بل ان تكون مبدعة تضيف الى الثقافة العالمية شيئاً متميزاً له خصوصية هذا المجتمع، واذا نظرنا الى تفاعل المرأة مع انسانيتها نجد لديها تميزاً فسيولوجيا، يجعل من كتابتها انطلاقة للغة خاصة بها وايضا يجعل من مفرداتها نكهة محلقة في سماء الابداع ربما لو استغلتها بما تحمله من ذكاء فطري ووعي كامل بامكاناتها الابداعية، لجعلت منها مبدعة متميزة بكل ما يعني التميز من ابهار اذا نظر البعض الى كتابة المرأة بالنقصان فان هذا لا يعدو ان يكون شيئاً خاصا بهم ولا يعني النقصان بل اجد هذا نوعا من التجني على كتابة المرأة، وقد اجد مبررا للبعض اذا تم تحديد كاتبة معينة وعمل معين لها فقط، اما ان تطلق الأحكام على الجميع فهذا لا ينطلق من اسس حوارية وهو مجرد كلام منغلق على قائله لا يقدم ولا يؤخر.
السير داخل دائرة مقفلة
وبالمثل هناك البعض يرى ان كتابة المرأة الغنائية قمة في الابداع والجمال, وعادة هذا الرأي يكون منطلقاً من المعرفة الشخصية او ربما تعاطف وبالطبع هذا لن يخدم المبدعة بل يجعلها تمضي في السير داخل دائرة مقفلة الى ان تكتشف ان الكتابة شيء رتيب لا يقدم شيئا غير علاقات شخصية نفعية لا تقدم لها اي جديد والكتابة الواعية - في مجتمعنا - ستدرك هذا من البداية لتتجه الى الكتابة والقراءة بشكل جديد لتبحث عن ذاتها وتميزها في خضم الانتاج الابداعي الهائل المتواجد في العالم كله وليس المحلي فقط لتبدأ مسيرتها بشكل ثابت وتنام مستمر الى ان تصل الى محورها الخاص الذي من خلاله تنطلق متسلحة بتراكماتها الثقافية وبمقدرتها على الاستمرار,ويضيف التعزي قائلاً: وشعوري نحو الأعمال النسائية فهو دائماً بالندية حيث إن للمرأة عالمها الخاص يجعلني اتناول العمل على انه رؤية لعالم المرأة من داخله, هذا العالم الذي نتعامل معه على انه غامض ومليء بالاسرار.
لذلك عندما تقدم الكاتبة على نشر عمل ابداعي فإنني اتوقع ان تقدم بعض الشموع لتضيء جزءاً من تلك الأسرار المتخيلة وتجعلنا نسير بوضوح داخل غموضها الذي نتباهى برمزيته وتأثيراته علينا, وما زال عمل الكاتبة ليلى الأحيدب نساء يطفو الى ذهني كلما تذكرت خصوصية كتابة المرأة فهو عمل مبهر وجميل ومنطلق من عالم النساء في السعودية بشكل صادق، وأرى انه يمثل شهادة ستظل معلقة على جدار مجتمعنا امام كل الزائرين (وقد ترجم هذا العمل الى اللغة الانجليزية في مجلة بانيبال اللندنية).
والتعامل مع كتابات المرأة يجب ان ينطلق من اهمية العمل واهمية ما يقدمه من جديد كأي عمل ابداعي لأي كاتب وليس من كون كاتبه رجلا او امرأة.
يتبع
- القاص العتيق: الصحافة تبالغ في طرح قضية كتابة المرأة
القاص فهد العتيق يطرح رأيا عاماً حول هذه المسألة إذ يقول في الدول العربية وبالذات في دول الخليج العربي نحن بحاجة الى تراكم في الانتاج الابداعي الأدبي بالنسبة للرجل وللمرأة لكي نستطيع ان نحقق نقلة نوعية في مستوى هذا الابداع ولا اظن ان هناك ندية او مفاضلة بين الأديب والأديبة ربما هناك تنافس ايجابي بين ابناء وبنات المرحلة الواحدة في كل الأجناس الأدبية، وهذا من ناحية بالتأكيد سوف يفضي الى تراكم كمي يفرض بالضرورة نوعية من الابداع الأدبي، وهذا بالفعل ما نحتاجه نريد اسماء كثيرة تكتب في الشعر والرواية بمستويات متفاوتة وطرائق تعبير مختلفة, اما عن مسألة أدب المرأة وضعفه مقابل ما يكتبه الرجل اظن ان هناك مبالغة كبيرة في الصحافة العربية من ناحية تعاطيها مع هذه المسألة، ادب الرجل وأدب المرأة لأن النص هو الفيصل في هذه المسألة، وكما ان الرجال ينتجون ادباً جيداً واحياناً ضعيفاً، وكذلك النساء وهذه ليست قضية جدل لأن الجدل يفترض ان ينتقل الى داخل النص الأدبي لنحاكمه في جوهره بغض النظر عن اي شيء آخر.
مفرح أن تجد كاتبة متميزة
انا شخصياً انظر الى مستوى النص الأدبي أولاً وأخيراً قبل النظر الى كاتبه لكن عندما تكتب المرأة نصاً متميزاً فأرى يجد حفاوة مضاعفة لأن الكم الأدبي الذي تقدمه المرأة اقل في كل دول العالم لذلك من المفرح ان تجد كاتبة متميزة خصوصاً عندما تكون هذه الكاتبة مخلصة لهذا الفن وبعيداً عن الحضور الصحفي وقريباً من المعنى الحقيقي للأدب.
الشاعر الخميسي
جميعنا نغدو متشابهين
الشاعر عيد الخميس محرر فني في صحيفة البلاد، وصدر له قبل سنتين ديوان بعنوان كنا عن دار الجديد وعن قضية الكتابة النسائية يقول: بالنسبة لي لا ارى بالأساس اي فارق جوهري بين كتابة المرأة وكتابة الرجل,, بل إن تقسيماً كهذا هو تقسيم متعسف ككل التقسيمات وهو هنا يحيل عالم الكتابة الجميل الى امتداد بغيض للراهن في الكتابة الكل سواء اننا جميعاً ذوات كاتبة تعمل على ذاتها خبراتها، عوالمها، تشتغل وفق رؤاها (التي لا بد وان تتطور دوماً ,, وان تم الخضوع مبكرا لإشكاليات الواقع فاننا لن ننتج فناً بالاساس فما يريده واقعنا شيء آخر بعيد كل البعد عن الابداع والفن.
جميعنا نغدو متشابهين عندما نقف شاخصين امام الورقة والقلم, ذواتنا لا تختلف الا بمقدار الصدق الذي ننضو عنه ملابسه ونلقي به في أتون الورقة، ونحن نكتب الصدق قد يقودك بعدئذ الى ما يسمى (خصوصية) وفي هذه الناحية قد تكون الأنوثة جزءاً من ذات كاتبة ما بالضرورة ان كانت امرأة .
اختصاراً لا ارى فوارق جوهرية من حيث المعايير الفنية,, وقد تأتي الفوارق بعدئذ في مناطق الاشتغال في مدى استثمار الأدوات الفنية في الاكتشافات التي يقدمها الكاتب لذاته ولعلاقاته بالعالم، ما يخلط المسألة دوما في ساحتنا هو اننا نسحب راهنية واقعنا على الكتابة فنعلم الكتابة والواقع معاً, البعض مثلاً يشجع الاقلام النسائية لمبررات غير فنية اطلاقاً يكفي انها امرأة وتكتب في حين ان القارىء كما أظن لا يهمه الا ماذا سيقدم هذا القلم.
الناقد الحرز: كتابة المرأة لا تزال مطمورة
الناقد والشاعر محمد الحرز يتحدث عن محورنا هذا اذ يقول:
سؤال الكتابة الابداعية عند المرأة في مشهدنا الأدبي لم يزل مطموراً ولم يفض في اغلب حالاته الا الى تكرار نمطيته واستجداء مقولاته الثقافية المترسبة في بنيته الاجتماعية وقد تكون تلك الحالات تشكل في مجملها الرغبة الملحة في التجاوز وتخطي العقبات التي تواجهها المرأة ليس في محيط الكتابة فقط وانما في الحياة اليومية المعاشة، ولم تكن المقاربة للسؤال ابداعياً انتج كتابة نسائية تكتب ذاتها وتضيف - ايضاً - معرفة ثقافية تحمل في داخلها قيما انسانية مستجدة وذات طابع كوني شمولي خصوصاً وان التراكم المعرفي في بنية الخطاب النسائي الابداعي لم يزل في صيرورته ونموه التشكلي واذا كان السؤال لم يحمل ملامحه الثابتة بسبب حركيته وتقلباته المستمرة فإن المرأة ذاتها انفلتت من المقاربة الموضوعية التي استطاع الرجل ان يمارسها عليها في جميع الأحوال وفي شتى الظروف، وقد كان هذا الخروج بمثابة مقولات حياتية تسردها المرأة كتعبير ذاتي - متأخر نوعا ما - عن هشاشة وضعيتها بشكل عام الأمر الذي جعل الكتابة الابداعية النسائية تنتظم في سياق ثقافي لا يدفع المفردة باتجاه افق جديد على الابداع والمعرفة وانما ظلت المفردة تتلبس حنينا ماضوياً تستدعي الحاضر ولكن بصورة الماضي بمعنى ان علاقة المرأة بالكتابة عندنا في جانب كبير منها لم تكن لتؤسس قوانينها ورؤيتها الخاصة في الكتابة بل انها في معظم الاحيان ظلت مشدودة الى افق ذكوري في الكتابة ولكنه افق تقف عليه بعض الاصوات النسائية مثل وتد لا لكي تحقق بعض خصوصيتها كأمراة وانما تستعير صوت الرجل كي تتغلب عليه، وهذه حالات ربما نجدها في بعض الاعمال القصصية والروائية بعض الشيء - وان كانت هذه التشخيصات لا تنسحب على مشهدنا المحلي وانما على المشهد العربي بوجه عام - ولسنا هنا بصدد القيام باصدار احكام قيمية على هذه الاعمال وانما نحاول تلمس اشكاليات سؤال المرأة من العمق وان كنا مقتنعين تماماً ان المرأة هي الأجدر في القيام بهذه المهمة حتى لا تصبح المرأة كموضوعة بين يدي الرجل.
واذا كان العمل الابداعي يتطلب ممارسة ثقافية واعية ومغايرة للسائد في ذات الوقت ليس على مستوى الكتابة فقط وانما على المستوى الحياتي اي علاقة الذات/ المرأة بالحياة والانسان والكون والموقف منهما فهذه العلاقة منظور اليها من زاوية المرأة او حتى الرجل على حد سواء لم تنفرز او تتخلل في معظم النصوص القصصية والروائية بشكل خاص ولم تكن لتشكل ساحات مفردة تتحرك عليها الذات المبدعة (المرأة والرجل) كي يتم تأسيس مفهوم مغاير ليس للأدب فحسب وانما للحياة والكائن في مجتمعنا المحلي والعربي ايضاً.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
منوعــات
لقاء
تقارير واحداث
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved