لاوقت للصمت غداً,,,! فوزية الجارالله |
لم أكن امرأة واقعية أبداً، فمنذ فتحت عيني على الدنيا وأنا احس ان هناك خطأ ضخماً وكبيراً، أكبر من استيعابي وطاقتي على الاحتمال، ولهذا عبرت طوال عمري عن نقمتي على هذا الخطأ، ولتشوش الصورة والمنظار والخلفية المنظور منها وإليها، احترت في مكمن الخطأ وأصله، لكني واصلت إطلاق قذائفي الموجهة وغير الموجهة، ولهذا اصبت اكثر من غيري، لأني غالبا ما كنت اطلق هذه القذائف وأنا أمام المرآة .
** لم أسأل نفسي لماذا,,؟
لكنني عدت مؤخراً إلى قراءة اخرى لرواية الكاتبة الفلسطينية المعروفة (سحر خليفة) مذكرات امرأة غير واقعية التي اوردت منها هذا المقطع (أعلاه) وهي رواية جميلة صدرت منذ سنوات,, ولست هنا بصدد الحديث عنها بحد ذاتها او كتابة نقد لها,, وانما وجدتني مشدودة الى تلك الفكرة التي ترتكز عليها هذه الرواية.
تأخذنا الرواية إلى اعماق امرأة ترتبط بزوج غير مناسب ليس بينه وبينها اي تكافؤ او عاطفة,, وهو رجل سكّير لا يشعر بها، وبينهما شرخ نفسي وفكري وروحي عميق,.
ورغم انها طوال الوقت تفكر ان تفعل شيئا إلا ان الوقت يمضي والمعاناة تتشكل بألوان مختلفة وهي تتمنى وتحلم وتفكر لكنها رغم كل هذه المعاناة لا تفعل شيئا!!
ففي كل مرة تصطدم بحائط ضخم او بسور هائل او هوة مخيفة تجعلها تتراجع إلى الخلف,, وفي كل مرة تجد عذراً يمنعها من الاقدام والتحرك واتخاذ قرار فعال,, فمرة تقول محدثة نفسها: وخرجنا من المكان بعد ان لُقنت درسا في القسمة حتى حفظته عن ظهر قلب، وأخذت اردد الكلمة في ذاكرتي يوميا حتى لا أنساها,, بدأت ترديدها همسا ثم بصوت مرتفع,,, .
ومرة تقول : اتخاذ القرار ليس بهذه السهولة، اندفاع كاسح نحو الفكرة والامنية ثم انكساح,, خوف وبلبلة واهتزاز الثقة,, .
ترى كم رجلا وامرأة بيننا يبدون كثيري الشبه ببطلة هذه الرواية,, يكتفون من التغيير بالأماني وتقليب الافكار والاحلام والتسويف لأيام قادمة,,!
وتمضي الحياة دون تحرك فعال او قرار صائب او حل للمشكلة التي يشعرون بها حقيقة ويكتفون بالفرجة,, دون ان يدركوا بأن الايام والسنين والعمر يمضي، وانهم لا يحركون ساكناً,.
وينسون في غمرة احلامهم برؤوس مدفونة تحت الرمال بأنهم يعيشون اعمارهم مرة واحدة,, واحدة فقط! لكنهم لا يزالون في حالة من التردد والسكون اللاواعي بانتظار غد قادم أفضل,, غدٍ بعيد,, غدٍ لا يأتي!
|
|
|