لأن حياة الانسان هي الأهم فان الحفاظ على البيئة، ومحاربة كل ما يدمر الاجواء النظيفة ، ويخرب الارض البكر، ويلوث المياه أصبحت اهم القضايا التي تستأثر باهتمام رجال الفكر والسياسة والاعلام، وتكونت جماعات ضغط واحزاب حصرت نشاطها واهدافها في الدفاع عن البيئة وهناك ابحاث ودراسات استراتيجية تؤكد بأن الحروب القادمة ان اندلعت وفي مناطق عديدة فستكون لاسباب بيئية، وكالعادة فقد سبقت اسرائيل الجميع فبدأت بشن حربها البيئية على العرب مبتدئة بارض فلسطين، فلا يكفي تصفية الفلسطينيين أو اخضاعهم بالتسوية السياسية المفروضة بل ايضا تدمير وتخريب ارضهم، وامس في اضواء نشرنا اكتشاف وزير العمل في السلطة الفلسطينية رفيق شاكر النتشة لمصانع اسرائيلية وانه ابلغ نظيره الاردني لمنع التجار الاردنيين من استيراد بضائع تلك المصانع التي تحمل السموم للمستهلك العربي الذي تصله تلك البضائع عن طريق اولئك التجار.
ولان الوزير الاردني طلب من زميله الفلسطيني قائمة بأسماء المصانع والتجار الاردنيين فقد ارسل رفيق النتشة اسماء المصانع وهي مصنع حبشوري حيث تم نقل هذا المصنع بقرار من محكمة العدل العليا الاسرائيلية من منطقة كفار سابا داخل اسرائيل بناء على شكوى واحتجاجات السكان الاسرائيليين الى منطقة طولكرم لانتاتج المواد الكيماوية والمبيدات الحشرية التي ينتج عنها الغازات السامة المتطايرة مثل غاز الامونيا المضر بالصحة والبيئة والروائح الكريهة واضرار على الانسان والنبات والحيوان حيث تبين ان تسرب الغازات السامة جاء بسبب الخلل والنواقص الكبيرة في احتياجات واشتراطات السلامة والصحة البيئية ولعدم حصوله على التراخيص القانونية.
وقال النتشة ان الخطير في الامر هو ان صاحب المصنع افاد لدى استجوابه من قبل السلطات الاسرائيلية بأنه فحص اتجاه الريح وخلص انه لا يضر بالكيبوتسات الاسرائيلية المجاورة لانه لا يتم تشغيله الا عندما تكون الرياح غربية باتجاه الاراضي الفلسطينية كما ان المبيدات الحشرية الزراعية التي ينتجها هذا المصنع يجري ترويجها داخل المناطق الفلسطينية وعبر الاراضي الاردنية ويمنع ترويجها في الاسواق الاسرائيلية لعدم مطابقتها للمواصفات، حيث سجلت اصابات عديدة بين الاطفال مثل الربو لان مداخن المصنع غير مفلترة.
ويلحق هذا المصنع ايضا اضرارا بالزراعة ويؤثر على سلامة التربة لانه مقام على الاراضي الفلسطينية، وتتم عملية التخلص من الفضلات والمياه العادمة في برك مكشوفة في هذه الاراضي.
والمصنع الثاني هو ديكسون غاز ينتج اسطوانات الغاز المنزلية والزراعية تم نقله من نتانيا الى طولكرم اثر الاحتجاجات الاسرائيلية لتأثيره على البيئة، اضافة الى انه يعتبر مصدرا لتهريب الاسطوانات الزراعية الخطيرة وغير الصالحة الى الاسواق الفلسطينية لاستخدامها لاغراض منزلية مما يسبب العديد من حوادث انفجار مثل هذه الاسطوانات.
اما المصنع الثالث فهو مصنع انتاج الاسمنت والفيبر جلاس الذي يخرج كميات كثيفة من الدخان الاسود والغبار بصورة مستمرة فوق مدينة طولكرم مما يتسبب في انتشار الامراض الصدرية وسرطان الرئة.
وكشف النتشة بكتابه ان هذه المصانع وما تحويها من سموم وابخرة وغبار تحوي اكسيدات الكبريت والنيتروجين والكربون والفورما بلنيايد والامونيا والفضلات السائلة التي تتسرب الى باطن الارض العربية محتوية على تركيزات عالية من السلفامايسيد التي تؤدي بتفاعلها الى تصنيع الامونيوم التي تقتل الخضار والاشجار اضافة الى تلوث الهواء الذي ادى الى رفع نسبة الاصابة بامراض الجهاز التنفسي والالتهاب الشعبي المزمن والربو وانتفاخ الرئة والسرطانات وكذلك اصابات العين والانف وامراض القلب والحساسية والشرايين والامراض الميكروبية.
واضاف النتشة ان التقارير اثبتت انه يتم تخزين المواد الخام في براميل غير امنة ومكشوفة حيث تنبعث الابخرة لعدم وجود فلاتر، كما انه يوجد بعض المواد الثقيلة في المبيدات الحشرية مثل الزرنيخ الذي يسبب وهن العضلات والامراض الجلدية والجهاز الهضمي والكبد والكلى، وقد قامت جميع الجهات المعنية بالاحتجاج عن طريق المراسلات والكتب برأي موحد وبكل طاقة وجهد تمثلت في الخرائط والتقارير الموثقة واحتجاجات السكان الاسرائيليين لبيان وشرح مدى الخطورة القاتلة المنبعثة من هذه المصانع كما قامت جامعة بيرزيت كذلك باخذ عينات من الماء وفحصها وتبين ان لون الماء ضارب الى السمرة وبه لزوجة تحتوي على الحوامض المؤثرة والقاتلة للانسان والنبات والحيوان.
وقال ان هذه المصانع قد نقلت من داخل الخط الاخضر بسبب ارتفاع نسبة التلوث بقرار صادر عن المحكمة واقيمت بتواطؤ الجنرالات في الجيش الاسرائيلي لصالح احدهم وهو متقاعد وتنتج المصانع مواد غير مراقبة صحيا ولاقانونيا حيث يمنع تداول منتوجاتها في اسرائيل وتسوق في المناطق الفلسطينية وعبر الاسواق الاردنية الى الاسواق العربية وتعمل المصانع دون ترخيص فهي لا تتخذ الصفة القانونية ولا الشرعية لاقامتها.
نفهم من ذلك ان رسائل رفيق النتشة المدعمة بوثائق رسمية من جهات اسرائيلية تظهر:
1 - ان الاسرائيليين سمحوا بإقامة هذه المصانع رغم علمهم بما تسببه من اضرار بيئية لفلسطين والاردن معا.
2 - يظهر السلوك العنصري في السلوك الاسرائيلي فالمصانع توقف عملها اذ كانت الرياح تحمل سمومها الى المستوطنات والكيبوتسات الاسرائيلية،في حين تعمل بأقصى طاقتها عندما تكون الرياح متجهة للاراضي الفلسطينية.
3 - سلوك عنصري آخر في توجيه البضائع الخطرة التي تحمل سموما الى الاسواق الفلسطينية والاسواق العربية في حين تتخذ كل اجراءات السلامة والتدقيق فيما يوجه للاسواق الاسرائيلية، وبذلك كانت بضائع تلك المصانع الى الفلسطينيين والى العرب عن طريق التجار الاردنيين في حين تمنع عن الاسواق الاسرائيلية وهذا منتهى التمييز العنصري الذي يتباكى الغرب عليه ويغضون النظر عن افعال الاسرائيليين.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com