Tuesday 2nd November, 1999 G No. 9896جريدة الجزيرة الثلاثاء 24 ,رجب 1420 العدد 9896


بيننا كلمة
عصأ,, ومنديل حرير,,!
د. ثريا العريض

سمير خوجة بكة استفزني في حوار مفصل متأملاً: تتميز مقالاتك بقدر كبير من الوعي والرصانة خاصة تلك التي تحمل دلالات اجتماعية وإنسانية,, ماذا تتوخين عبر تلك المقالات؟ أحسك تتناولينها بيد تحمل عصاً مغلفة بمندير حرير!!
قلت: بصدق لا أستطيع أن أقيّم نفسي,, ومعظم القضايا المصيرية التي تهمني بشكل خاص، كقضية المرأة ودورها في المجتمع والمحيط اجتماعيا واقتصاديا، أو قضية المثقف العربي، وقضية الأنظمة العربية، وقضية الإنسان العربي وإشكالات التنمية والبيئة العربية ثقافيا وجغرافيا، قضايا مليئة بالمحاذير والممنوعات، وفي الغالب الاقتراب منها شائك سواء لمستها بمنديل او بدونه,, ولكنني غالباً أتبع مبدأ: قل صدقا تؤمن به,, او اصمت .
ثم إن هناك اعتقادا شائعا بصورة عامة أن الانتقاد المقذع هو علامة الإخلاص والصراحة,, ولكنني أرى ذلك تفكيرا مغلوطا، كثيرا ما يلتبس برغبة إبراز ما يستوجب النقد والوخز والهمز واللمز,, هنا نرى الكاتب والمتكلم الذي يطلق الأحكام السلبية ليثبت أنه يفهم وأنه أحسن من الآخرين، وهذا في الحقيقة يعكس الشعور الحقيقي بالدونية وعدم الثقة بالنفس,, هناك جوانب إيجابية في معظم الأشياء والتطورات، فلماذا لانرى أو لانذكر إلا السلبيات؟
ومع هذا بعض القضايا تحوي في تفاصيلها والأطراف المعنية ما يجعلها شائكة سامة,, وللكاتب أو الباحث خيار من اثنين: ألا يتطرق إليها، وكفى الله المؤمنين شر القتال,, أو أن يجاهد ويجتهد في معالجتها وحماية نفسه, وفي هذه الحالة عين العقل ألا يمسكها إلا بشيء ما قد يكون منديلا حريريا وقد يكون شوكة حادة وقد يكون عصا,, فالصعوبة الحقيقية ليست في الكتابة المباشرة,, الصعوبة هي ان تقول ما يجب أن تقول دون أن تسمح لأحد أن يوقفك عن الكلام بحجة انتهاكك للأعراف الاجتماعية أو الأخلاقيات الأدبية أو حتى محاذير الإعلام الرسمية.
لابد في أي حوار حضاري أن يأتي مهذبا,, ويمكنك أن تقول كل ما تريد أن تقوله دون ان تنحدر بالكلمة الى الاستفزاز او الاستعداء او ممارسة الانتحار الكتابي.
لم أختر الكتابة يوميا,, ولأنني بلا أية تجربة سابقة معها حتى ولا عبر بريد القارىء، لم أدقق فيما تعنيه حين ابتدأت,, ولكنني وجدت نفسي أمارسها وألتزم بها بانغماس كلي لم أتوقعه,, أدمنتها إلى حد مواصلة الكتابة وأنا في المستشفى حتى منعني الطبيب,, رفضت أن أخفف منها حين سألني رئيس التحرير إن كنت أرغب في ذلك مشفقا علي من تعبها.
الكاتب اليومي متهم احيانا بأنه يجري خلف المادة,, الحقيقة ان الكتابة اليومية المتميّزة العطاء يجب أن تكون أغلى ما ندفع له لأنها نزيف فكر وعاطفة وأعصاب وليست نقوش حبر مترف,, وفوق ذلك، المبدع إذا التزم بالكتابة حرم نفسه من التوتر النفسي الذي يتصاعد به الى الإبداع.
ومع هذا توجسك كقارىء من الإسفاف موقف وارد وتساؤل وجيه جداً,, أواجهه ككاتبة وكقارئة للآخرين كل يوم,,!
ولابد أن أعود إليه غدا,.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
محاضرة
منوعــات
القوى العاملة
تقارير
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved