** في بعض الدوائر الحكومية,, تسهل عملية المراجعة لدرجة أنه لا يستوجب الامر حضورك على الاطلاق,, إذ بوسعك أن ترسل معاملتك رسمياً في البريد ثم تتصل على قسم الوارد هاتفياً ليقول لك,, إن معاملتك وصلت وأحيلت بهذا الرقم الى الجهة المعنية في القسم الفلاني,, وعليك أن تتصل بعد يومين أو ثلاثة أو أسبوع حسب المعاملة .
** وعندما تتصل في الوقت المحدد يقول لك,, إن معاملتك صدرت للجهة الفلانية بعد الموافقة عليها أو رفضها,, أو يبين لك,, ماذا حدث بالضبط,, بل ربما يرسل لك على فاكس منزلك أو عملك صورة من القرار أو الاجراء المتخذ,, أو صورة من رقم الصادر,, فهذه الجهة تخدمك وأنت متربع في منزلك أو جالس في عملك,, وتتعامل معك ومع كل مراجع بحضارية وروح رائعة.
** وبعض الجهات,, تذهب بمعاملتك بنفسك ويطردونك من قسم لقسم,, ومن إدارة الى إدارة,, ومن مبنى الى آخر,, وفي النهاية تكتشف أن المسؤول غائب او مسافر أو منتدب أو في اجتماع,, وتظل تلاحقه لمدة أسبوع أو عشرة أيام,, أو ربما شهر حتى يستلم معاملتك,, ثم تطاردها من قسم لآخر لمدة شهرين أو ثلاثة,.
وفي بعض الأيام تفقدها,, وبعض الأيام يغيب الموظف,, وبعض الأيام تجد الادارة كلها مغلقة,, وتظل تطارد وتطارد حتى تيأس ثم تتركها مستسلماً للأمر الواقع,, فالدائرة الأولى التي خدمتك عن طريق الهاتف,, قدمت خدمة لك ولجهات أخرى مثل,.
أولاً,, وفرت على المرور,, الازدحام والمواقف,, إذ لو بقي كل المراجعين في مكاتبهم وراجعوا من خلال الهاتف لما اكتظت شوارعنا بهذا الشكل,, ولما حصلت معارك على المواقف بالشكل المشهود.
** ثانياً,, وفرت عليك مشوار ترك عملك,, وجعلتك تجلس في مكتبك وتخدم جهتك,, ولا تضيع عملك ولا مراجعيك,, وتوفر لك,, الوقت والجهد من اجل ادارتك.
** ثالثاً,, جعلت نفس الجهة تعمل بهدوء وطمأنينة ونظام,, وتسلم من مشاكل ولجاجة المراجع,, لتنجز المعاملات براحة تامة,, بعيدة كل البعد عن ضغط المراجعين.
** رابعاً,, ظهرت هذه الدائرة بمظهر حضاري رائع امام الجميع,, وصارت مضرب مثل في الدقة والنظام وخدمة المراجع.
** خامساً,, صار الناس سواسية في كل شيء,, ولم يعد هناك مجال للواسطة والتلاعب والعلاقة الشخصية,, اذ يتساوى الجميع امام هذه الدائرة,, كما تنجز معاملات الجميع في وقت واحد.
** أما الدائرة الاخرى,, فحدث ولا حرج,, فوضوية وتلاعب وواسطات,, وهذه معاملة تنجز في ربع ساعة,, وأخرى تنجز في ربع سنة,, وثالثة في أربع سنوات,, ورابعة لا تنجز أبداً,.
وإذا ما جئت لهذه الدائرة,, وجدت زحام البشر في الممرات والشارع,, ووجدت السيارات حولها مسافة اكثر من كيلومتر,, ووجدت المعارك والصراخ حول المكاتب,, ومن فوضى الى فوضى,, فهذه معاملة تُفقد,, واخرى يضيع بعض أوراقها,, وثالثة تدخل مع معاملة أخرى,, ولا تكتشف إلا بعد عشر سنين أو لا تكتشف أبداً,, وهكذا,, لأن الموظفين في هذه الدائرة,, تعودوا على الفوضى واللخبطة والاستهتار بالمعاملات,,!!.