اكتب اليكم لا لابحث عن حل لها,, فاحمد الله كثيراً على ظروفي,, ونصيبي في هذه الدنيا,, فقط اكتب اليكم,, لتقرأ رسالتي كل امرأة تمر في نفس ظروفي الصحية,, الصعبة,, فأنا امرأة في الخامسة والاربعين من عمري,, فجأة,, وبدون مقدمات فقدت انوثتي,, فقد اصبت بسرطان والعياذ بالله,, في الثدي,, وللاسف الشديد اكتشفت الاصابة متأخرة,, وبصورة لم تسمح لي الظروف الا بعملية مؤلمة,, نفسياً تم خلالها استئصال للثدي,, وبالرغم من انني خضعت لتجربة الثدي الصناعي من السيلكون,, حتى احافظ على مظهري الخارجي,, فقدت للاسف الشديد زوجي,, اذ انه لم يصبر على مأساتي كثيراً,,وفضل الطلاق والانفصال,.
ولكم ان تتخيلوا صدمتي ومأساتي الشديدة,, فانا في الوقت الذي كنت احتاج فيه بشدة,, الى وقوف زوجي بجانبي,, مع اول مشكلة اسرية,, ومع اول خلاف مع عائلته,, وجد الحل في الطلاق والتخلي عني,, وانا احمد الله ان الله قد حباني بثلاثة ابناء ذكور,, هم التعويض عن كل ما اعاني,, ومشكلتي التي اكتب لكم عنها هي نظرة التعاطف التي تؤلمني,, من كل من حولي خاصة اسرتي الصغيرة,, اخواتي واخواني,, وابي وامي,, فهم يتعاملون معي,, بصورة تؤلمني,, وتذكرني كل لحظة,, باخطار المرض الذي تعرضت له,, وكيف انني اعيش في تهديد مستمر,, له وبالتالي,, أجدني مشدودة للحظات الالم والتعاسة,, والحزن على حالي,, على الرغم من ان الاطباء يؤكدون ان باستئصال الثدي تم التخلص ولله الحمد,, من اخطار هذا المرض اللعين,, هذا بالاضافة الى التزامي بالادوية والفحوصات المستمرة,, واخيراً اكتب رسالتي اليكم,, لاقول لكل من تمر بتجربة مثلي تشجعي,,وثقي ان الله دائماً معك,, حتى وان تخلى عنك زوجك,, او أبناؤك ,, او اقرب من اليك,.
***
*عزيزتي كان الله حقاً في عونك,, اذ صعب على المرء ان يعيش محنتين في وقت واحد,, ولكن وكما تقولين,, بالشجاعة نجحت في تخطي مشكلتك,.
ونصيحتنا اليك,,وحتى تعيشي مع نفسك في سلام هي محاولة الفصل بين المحنتين,, بمعنى الفصل بين مشكلتك الصحية,,وهذا الاختبار القاسي الذي تعرضت له,, وبين موقف زوجك,, والانفصال,, فهذا الرجل كان لديه الاستعداد المسبق للتخلي عنك,, حتى اذا لم تتعرضي لمحنة المرض,, اذ من المؤكد ان هناك اسبابا كثيرة,, كانت مستترة,, ومواقف ومشاعر لم تكن واضحة امامك قبل ذلك,, لذا,, تعاملي مع محنة الطلاق,, كما تتعامل معها اي امرأة شاءت ظروفها ان تعيشها,, وحاولي,, ان تركزي تفكيرك حالياً في ابنائك الذكور,, واعانك الله,, على توجيههم التوجيه السليم,, وتعويدهم معنى البر بالوالدين,, حتى يكونوا هم بالفعل العون لك في هذه الحياة,, وحتى تجنبي نفسك إن شاء الله محنة تخلي اقرب من اليك عندما تحتاجين له,, هذا وحاولي ان تشغلي وقتك وفكرك,, في امور تجلب السعادة الى النفس,, كأن تمارسي هواية,, او ان تخصصي جزءا من وقتك اسبوعياً,, تتعاونين فيه مع إحدى الجمعيات الخيرية,, ولجانها الصحية,, والتي من المؤكد,, سوف تجدين من خلالها,, اكثر من امرأة,, تمر,, بظروف صحية صعبة,, وباختبار نفسي,, تحتاج الى تجربة كتجربتك لعبور هذا الاختبار بامان,, هذا وثقي اخيراً ان بالامكان لنا جميعاً ان نلامس السعادة,,وان ننسى همومنا الداخلية واحزاننا الكثيرة اذا ما شعرنا,, باننا قادرون على العطاء للاخرين,, والتسامح,, لمن اساء الينا,, لذا حاولي ان تجدي في نفسك,, ومضة التسامح,, لزوجك,, وحاولي ان تجدي له الاعذار,, فيما فعل,, ليس من اجله,, ولكن من اجلك انت,, اذ اصعب المواقف الممكن ان نواجهها,, تلك اللحظات التي نجد فيها انفسنا,, نحتضن قلوباً,, قاسية,, لاتعرف للتسامح,, او للغفران,, طريقا,, واعلمي ان التسامح لايعني الضعف,, انما يعني المقدرة, على الاحتفاظ بالخصائص الانسانية الراقية,, واعانك الله.