Tuesday 2nd November, 1999 G No. 9896جريدة الجزيرة الثلاثاء 24 ,رجب 1420 العدد 9896


خللٌ في تعليمنا الجامعي 3
د, عبد الله ناصر الفوزان

حدِّث العاقل بما لا يليق، فإن صدّق فلا عقلَ له ولذلك فلو قال لي أحد قبل أن أقرأ مقال معالي وزير التعليم العالي المنشور في الجزيرة إن كليات البنات التابعة للرئاسة العامة لتعليم البنات المتواضعة في مبانيها وإمكاناتها المالية والبشرية تقبل سنوياً أكثر من الأعداد التي تقبلها الجامعات مجتمعةً، لقلت على الفور وبدون أي تردد إني لا أصدق، أما بعد أن ورد ذلك في بيانات معالي وزير التعليم العالي المصاحبة لمقاله، فلابد أن أصدّق ولكن باندهاش شديد.
تأملوا هذا الأمرالعجيب,,,,, كليات في مبانٍ مدرسية متواضعة، وبنودها المالية - إذا استبعدنا إعانة الطالبات - في حدود خمسمائة مليون ريال فقط، ومع ذلك قبلت في العام الماضي حسب بيان معالي وزير التعليم العالي (50000)، خمسين ألف طالبة مستجدة، في حين أن الجامعات كلها بمبانيها الضخمة واعتماداتها المالية البالغة أكثر من خمسة مليارات ونصف المليار ريال، لم تقبل إلا (43000) ثلاثة وأربعين ألف طالب وطالبة,,,,, فهل هذا مقبول,,,,, وأين الخطأ والصواب,,,,,,؟؟؟؟
تعالوا نجمع ونقسم لنعرف كم هي تكلفة تعليم الطالبة في العام الواحد في كليات البنات التي قبلت هذا العدد الضخم، وكم هي التكلفة في الجامعات، لنرى الفرق بوضوح أكبر ونكون أكثر قدرةً على الحكم، وابتداءً فسنفرض ان كليات البنات استمرت على معدل القبول نفسه كل عام دون زيادة لتكون الحصيلة في العام الرابع (50000x4=200000) مئتي ألف طالبة، ولنفرض أن اعتمادات كليّات البنات المالية بقيت كما هي دون نقص او زيادة,,,, خمسمائة مليون ريال تقريباً دون إعانات الطالبات,,,,, ثم نقسم هذا المبلغ على عدد الطالبات المفترض لتكون النتيجة ان تلك الطالبة الجامعية في كليّات البنات لا تزيد تكاليف تعليمها في العام (عدا الإعانة) عن ألفين وخمسمائة ريال,,,,, يا بلاش,,,,!!! أي أقلّ من تكلفة طفل في الروضة في أقلّ المدارس الخاصة تواضعاً,,, اما لو أخذنا جامعة الملك فهد التي قبلت في الماضي (1541) طالباً، وضربنا عدد المقبولين في عدد السنوات الدراسية الأربع، واستبعدنا من ميزانيتها البالغة (404173000) جملة إعانة الطلبة التي تقارب سبعين مليون ريال، وقسمنا الباقي على عدد الطلبة في السنوات الأربع، فإن النتيجة تكون أن التكلفة التقريبية لتعليم الطالب سنوياً في تلك الجامعة (عدا إعانة الطلبة) تكون أكثر من خمسة وخمسين ألف ريال، أي أن النتيجة هي ألفان وخمسمائة ريال لطالبة كليّات البنات وخمسة وخمسون ألفاً لطالب جامعة الملك فهد، أما لو افترضنا أن من بين الخمسين ألفاً التي قبلتها كليات البنات عشرة آلاف طالبة مقبولة في الكليات المتوسطة التي تموّل من ميزانية رئاسة تعليم البنات وليس من ميزانية وكالة الرئاسة لكليات البنات، فإن النتيجة تكون أن تكلفة الطلبة في كليّات البنات تكون (40000x4= 160000= 500000000 160000= 3125 ثلاثة آلاف ريال مقابل خمسة وخمسين ألف ريال,, ولو أخذنا جامعة الملك فيصل كمثال ثانٍ وأجرينا العملية الحسابية نفسها (عدد المستجدّين مضروب في السنوات الأربع 2679x4= 10716= ثم جملة الميزانية بعداستبعاد مخصص إعانة الطلاب التقريبي - عدد الطلاب مضروب في تسعمائة ريال مضروب في اثني عشر شهرا - والمتبقي من الميزانية مقسوم على عدد الطلبة في السنوات الأربع 400000000 10716=37327 فإن النتيجة تكون ان تكلفة الطالب بها أكثر من سبعة وثلاثين ألفا,,,,,,, فهل هذا التفاوت الكبير مقبول على مستوى البلد الواحد,,,,,؟؟
ثم - وهذا هو الأهم - هل من المقبول ان تهبط في وطن مثل المملكة تكلفة الطالبة الجامعية إلى ألفين وخمسمائة ريال أو ثلاثة آلاف ريال في كليات بها مختلف الأقسام العلمية بكل ما تحتاجه من أجهزة ومعامل ومكتبات لائقة، وبها دراسات عليا للماجستير والدكتوراه في مختلف اقسامها العلمية والأدبية,,,,,؟؟ ومَن المسؤول,,, هل هي وزارة المالية التي لم توجد المبالغ الكافية، أم رئاسة تعليم البنات التي توسعت في القبول بشكل لا يناسب أو حتى يتقارب مع الإمكانات المتوفرة، أم أن المسألة تعود لنظرة خاصة لتعليم المرأة تنطلق من عدة اعتبارات تصبُّ كلها في خانة الكم دون أخذ أي اعتبار لمسألة الكيف,,؟؟ وإذا كنا راضين عن هذا المستوى من الإمكانات الموفرة لهذا النوع من التعليم الجامعي، فلماذا ظللنا زمناً طويلاً مترددين في السماح للقطاع الخاص في افتتاح كليات جامعية تخفف الضغط عن الكليات الحكومية خوفاً من عدم توفير الامكانات اللازمة للدراسة الجامعية من القطاع الخاص وما يحدثه ذلك من أثر سلبي على المستوى العلمي والتعليمي,,,, أيمكن أن نتصور أن يهبط معدل تكلفة الطالب في أي كلية يقيمها القطاع الخاص عن ثلاثة آلاف ريال,,,؟؟
إن هذا الخلل الواضح قد يوحي للمتأمل بعدم وجود جهة ترتبط بها مؤسسات التعليم الجامعي، تقيّم أوضاع هذا التعليم بين كل حين وآخر، وتتابع مسيرته، وتنسق بين أجزائه، وتعالج مواطَن الضعف والخلل فيه، في حين أن تلك الجهة موجودة فالمادة الخامسة عشرة من نظام مجلس التعليم العالي تقول إن مجلس التعليم العالي هو السلطة العليا المسؤولة عن شؤون التعليم فوق المستوى الثانوي والإشراف عليه والتنسيق بين مؤسساته عدا التعليم العسكري، وما دام أن مجلس التعليم العالي هو الجهة العليا المشرفة على هذا التعليم، فهل هو راضٍ عن هذا التدني المخجل في تكلفة تعليم الطالبة الجامعية، وهل هو موافق على ذلك التفاوت الكبير بين بعض مؤسسات التعليم الجامعي في ما تنفقه على تعليم طلابها والذي يبدو شاسعاً جداً فيما أوضحناه وموجود أيضاً على نطاق أضيق بين الجامعات حيث تتراوح التكلفة في الجامعات بين خمسة عشر ألفاً تقريباً وخمسة وخمسين ألفاً حسب طريقتي الحسابية التقريبية، وهل الأفضل في تقديره أن يظل الأمر خاضعاً لتقدير كل جامعة على حدة ليحصل مثل ما حصل فينشد البعض المثالية في المستوى العلمي ولا يقبل من الطلبة المستجدّين إلا أقل القليل، ويفعل البعض الآخر عكس هذا فيغلب الماء على الطحين كما رأينا، أم أن الأفضل والأنسب خاصة في ظل الظروف الحالية إيجاد نوع من التنسيق يتم بموجبه التوصل إلى المعدلات المقبولة لتكلفة الطالب كي تسترشد بها الجامعات وتحدد عدد الطلبة المستجدّين بما يتقارب معها بعد أخذ طبيعة الدراسة في كل كلية ونوع التخصص وما يتطلبه من إمكانات ضرورية,,,,؟
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
محاضرة
منوعــات
القوى العاملة
تقارير
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved