لاحظنا أنه يوجد تركيز ونقد صحفي لاذع وربما قاسٍ ضد ما يقال عن صراع بين الآباء الذين لديهم بنات يعملن في حقل التعليم وبين الشبان الذين يتقدمون بطلب نكاح هؤلاء البنات,, صراع حول راتب الفتاة المعلمة، حتى بلغ الأمر الى الحد الذي يقوم فيه بعض الآباء بعضل بناتهم عن الزواج رغبة في الاحتفاظ بالراتب، وفي المقابل قيام البعول باضطهاد زوجاتهم المعلمات والضغط عليهن نفسياً من اجل الاستيلاء على رواتبهن بالاكراه.
وقد برز هذا التركيز والنقد اللاذع لهذا الصراع عبر الصحف والمجلات المحلية على شكل مقالات ورسوم ساخرة كاريكاتير وشكاوى تحمل حروفاً ترمز لأسماء معلمات تتضمن ما يلقينه من عضل أبوي! أو اضطهاد من البعل بسبب التكالب على راتب المعلمة؟!.
ولعل المرء يتساءل هنا: هل ما يطرح صحيح وواقع وبين فئات اجتماعية عديدة ومختلفة ام ان هناك مبالغة صحفية وتضخيماً لحالات فردية محدودة تجعل المسألة برمتها في حكم الشذوذ الخارج عن القاعدة؟.
والسبب وراء مثل هذا التساؤل هو ان المعالجة الصحفية تتحدث عن المسألة وكأنها ظاهرة اجتماعية واخلاقية مستفحلة وليست حالات محدودة، بل ان بعض المقالات والشكاوى اخذت في الآونة الاخيرة تربط بين ظاهرة العنوسة بين المعلمات ومن في حكمهن من العاملات وكذلك بين نسب الطلاق للمعلمات المتزوجات وبين مسألة الصراع على الراتب وانه سبب للفصل الذي يؤدي الى العنوسة او الخلاف الذي يقود الى الطلاق!.
ان ما يقال ويكتب ويجسد عن طريق الرسوم - ان كان حقاً وواقعاً - يقدم لنا صورة قبيحة عن مجتمع اناني ظالم لا يقيم وزناً لخلق فاضل او مروءة او رجولة ويتعامل بقسوة وفظاظة مع القوارير ويوجه لهن سهام العضل والطلاق ويعاملهن بطريقة دونية تقترب من الرق مع ان القائم بهذه المعاملة في الحالة الأولى هو الاب الحنون وفي الثانية هو البعل الحبيب والضحية هي الابنة الغالية او الزوج الشريكة للحياة، فاذا صدقنا ما يقال او أن الواقع قد اكده وكان تعامل المجتمع او بعض افراده قلُّوا أو كثروا بهذه الطريقة الفظة والاسلوب الظالم مع المرأة، فإن هذا المجتمع يحتاج الى تربية وتهذيب واعادة تقويم بل ان المسألة قد تحتاج الى تدخل شرعي ونظامي واجتماعي لرفع ظلم مبين يقال انه يقع بين ظهرانينا مساء صباح على المرأة العاملة وعلى المعلمات بالذات ربما لأن عددهن هو الأكبر والاوفر بين النساء العاملات في بلادنا، ومن المصلحة ان نأخذ على ايدي الذين يظلمون بناتهم بالعضل او نساءهم بالابتزاز والاضطهاد والتلويح بسيف الطلاق ثم استخدامه عند الحاجة اليه وترك الضحية تغرق وحدها في ظلمات اليأس وسراديب المجهول حاملة لقب مطلقة الذي يجعلها نهبا للعيون، مضغة للافواه.
وما أشد ظلم الانسان لأخيه الانسان, اما اذا كان ما يطرح او يقال انما هو مجرد مبالغة وتعميم لحالات شاذة فان في هذا الطرح والاقاويل اساءة بالغة نحو المجتمع!.
أسئلة تبحث عن أجوبة!
(1)
عندما تم السماح باقامة الكليات والجامعات الأهلية قيل إنها ستكون مؤسسات تعليمية غير ربحية، تساند الجامعات والكليات الحكومية في استيعاب خريجي وخريجات الثانوية العامة في تخصصات تؤهلهم لأسواق العمل، ولكن ما أعلن عن رسوم الالتحاق بتلك الكليات والجامعات الأهلية تدع الحليم حيران فهذه الرسوم تزيد عن خمسين ألف ريال في العام الدراسي الواحد وهذا يعني ان تسعين في المائة من الطلبة والطالبات لن تسمح لهم ظروفهم المادية للالتحاق بهذه الكليات والجامعات لأن دخول معظم الناس من أولياء أمور هؤلاء الطلبة والطالبات لا تزيد كثيراً عن خمسين أو ستين ألفا في العام، فهل يقدم هذا الدخل للكلية من أجل ابن واحد ويتسول هو وبقية العائلة من أجل لقمة العيش، أما العشرة في المائة الباقون الذين تسمح لهم ظروفهم المادية بالالتحاق بالكليات ودفع هذه الرسوم فإن لهم قوة اجتماعية تضارع قوتهم المادية وهم قادرون على ولوج الكليات والجامعات الحكومية بالطرق التي قدمها مفصلة - الدكتور الفوزان - في سلسلة مقالاته عن مشكلة القبول بالجامعات، ولذلك فقد لا يكونون بحاجة لهذه المؤسسات الأهلية أصلا، لأن مقاعدهم مضمونة في غيرها وهم لا يقدمون على الالتحاق بالكليات والجامعات الأهلية مع قدرتهم على دفع تكاليفها - مضطرين - ولكن رغبة في التميّز أو للتحدث بالنعمة أو التفاخر فيها، وفي جميع الأحوال فلن يضيع إلا الضعيف!
(2)
وسمعت أن المعاهد الصحية أصبحت تقبل الآن حمَلة الثانوية العامة لتأهيلهم لأعمال ومهام التمريض رفعا لمستوى المهنة محليا بعد أن كانت تلك المعاهد تقبل حمَلة الكفاءة المتوسطة، ولكن المفاجأة أن معهداً في مدينة كبرى كمكة المكرمة تقدم للالتحاق به هذا العام ألف طالب من حمَلة الثانوية قسم علمي فلم يُقبل منهم إلا خمسون طالباً، فإذا علمنا أن المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية وما يقابلها من مستوصفات ومستشفيات خاصة تحتضن عشرات الآلاف من الممرضين والممرضات، فإن التساؤل يكبر عن أسباب هذه السياسة في تحديد أعداد المقبولين على الرغم من الاقبال رغبة أو اضطرارا للدراسة في هذه المعاهد بعد أن أوصدت الكليات والجامعات والكليات المتوسطة أبوابها في وجوه الشباب، ولماذا لم يقبل نصف الألف على الأقل بدل قبول خمسين طالباً فقط، وبماذا نفسر ما يحدث من أمور عجيبة؟!
وحسبما قيل من أن عدد الخريجين الذين حملوا الثانوية خلال العام الدراسي 1419-1420ه يزيدون عن مائة ألف وأن من قُبل منهم في جميع الجامعات والكليات والكليات المتوسطة والمعاهد العليا والجهات العسكرية والمؤسسات الفنية لا يزيد عن ثلثي عدد المتخرجين، فإن معنى ذلك أن ثلاثين أو أربعين ألف شاب وشابة يقبعون الآن في المنازل، ليضافوا إلى أعداد سبق لها الجلوس قبلهم في مواجهة الفراغ والضياع ليصل العدد خلال سنوات إلى مائة ألف أو يزيدون، وهؤلاء الجالسون والجالسات حاولوا عن طريق أنفسهم أو ذويهم الالتحاق بأي مجال تعليمي أو تدريبي جامعي أو دون ذلك، فوجدوا أن جميع الجهات قد اكتفت وأكملت أنصبتها من القبول والتحق فيها من التحق بالجدارة أو عن طريق الشفاعة، فعادوا إلى بيوتهم والأسى يملأ قلوبهم وقلوب ذويهم وقد جسدت وسائل الإعلام وعلى رأسها الصحافة أحوالهم وحذرت من نتائج ماهو حاصل ولكن لا مجيب وحتى الآن لا تبدو في الأفق أية حلول عملية وإنما الذي يظهر أن المشكلة تتفاقم ومضاعفاتها الاجتماعية والخلقية والأمنية يزداد حجمها ثم لا نملك إلا الحوقلة والترجيع!!
مقبول الجهني الرجل المميز
علمت مؤخراً أن الكاتب الصحفي والإداري العريق الأستاذ الأخ مقبول فرج الجهني قد انتقل عمله إلى وزارة الداخلية بعد ما يزيد عن ثلاثين عاما من العمل الإداري المتنوع قضاها في إمارة منطقة مكة المكرمة كان خلالها - حسب علمي - محل رعاية وتقدير وحسن توجيه صاحب السمو الملكي أمير المنطقة ونائبه وموضع محبة ومودة زملائه في العمل بمختلف الادارات التي عمل بها والتي كان آخرها وظيفة مساعد مدير إدارة سكرتارية المكتب الخاص لأمير المنطقة، كما كان محل ثناء من يراجعه من الجمهور لما عرف عنه من شهامة وحرص على خدمة المراجعين وتسهيل أمورهم حسب الأنظمة والقوانين المرعية والأصول الشرعية.
ولا شك أن نقله أو انتقاله إلى وزارة الداخلية بالرياض وعمله تحت رعاية صاحبي السمو الملكي وزير الداخلية ونائبه، يعد اضافة هامة إلى حياته العملية, وأتوقع أن يواصل تألقه وعطاءه الإداري المميز في موقعه الجديد ولاسيما أنه يزداد مع مرور السنوات حيوية ونشاطا ونضارة، ما شاء الله، ولا قوة إلا بالله, والزميل الجهني تربطني به علاقة زمالة في الصحافة وقد سبقني إلى العمل في هذا الحقل بسنوات عديدة وهو مثلي بالنسبة لعلاقته بالصحف، فقد عملنا نحن الاثنين متعاونين مع الصحافة ولم نفكر بالتفرغ لها فسلمنا مما يعاني منه الصحفيون المتفرغون!! وعندما كنت أعمل متعاونا في جريدة الندوة كان الجهني يعمل بالصحيفة نفسها وقد استفدت من خبرته واشتركنا معاً في أعمال صحفية جيدة منها لقاء صحفي واسع مع الملك فهد بن عبدالعزيز عندما كان نائبا ثانيا ووزيرا للداخلية أثناء زيارته لمدينة أبها عام 1395ه ولا أزال أحتفظ بصورة لنا مع جلالته خلال ذلك اللقاء، الذي كان لتجربة الأخ الجهني الفضل - بعد الله - في جعله لقاءً صحفيا جيدا وقد أعجبت الأسئلة والأجوبة الأمير خالد الفيصل الذي كان موجودا فهنأنا على اللقاء الصحفي مسبقا وأوصانا بحسن اخراجه لما تضمنه من أمور هامة تتصل بالسياسة الداخلية والخارجية لهذه البلاد الغالية وفي تلك المناسبة افتُتح سد أبها وسط حضور إعلامي محلي وإقليمي وعربي كثيف.
وأعود للزميل الجهني الإداري والصحفي والكاتب والمواطن صاحب العلاقات الاجتماعية الواسعة معبرا له عن سعادتي بهذه الثقة الكريمة فيه من ولاة الأمر متمنيا له المزيد من التوفيق في موقعه الجديد.
|