كلما عاتب ابنه الذي يعيش معه لا في المدينة التي يعيش فيها فقط، بل وبنفس الحي على قلة زياراته التي ربما امتدت في بعض الأحيان إلى ما يقارب الشهرين تعلل الابن بكثرة مشاغله والتزاماته العملية والأسرية.
يعلم الأب أن ابنه غير صادق فنصف ساعة كل أسبوع لن تؤثر على التزاماته التي يزعم انها تحول بينه وبين واجبه تجاه والده ولكنه يلتزم الصمت.
التقى الأب في إحدى المرات مع واحد من أقاربه صدفة بعد صلاة الجمعة, دعاه إلى البيت واستغرب القريب ذلك حين قال كيف تدعوني إلى بيتك ونحن نلتقي عند ابنك بعد قليل، فقد دعاني للغداء عنده بمناسبة ترقيته وما كان من الأب إلا ان يتعلل بعذر آخر عن عدم علمه بالمناسبة التي يقيمها ابنه دون علم منه فقال: سبق أن التزم معي بعض جيراني لتناول الغداء عندي ولن استطيع مشاركتكم حفلة ترقية ابني.
ذهب إلى بيته وهو لا يكاد يرى الطريق من الغبن الذي لحقه من معاملة ابنه.
قدمت له زوجته القهوة ورفضها,, وامتنع عن تناول الغداء وانكفأ على نفسه مغموما وغير مصدق أن ما يحدث له حقيقة وتمنى أنه يحلم, أخذ يستعرض معاملته مع ابنه فقد رباه تربية طيبة وعلمه وزوجه وساعده كثيرا حتى وصل إلى ما وصل إليه حتى أن وظيفته المرموقة كانت بسبب وساطة بذل من أجلها ماء وجهه أمام بعض معارفه, ومواقفه مع هذا الابن العاق دائما مشرفة.
ترى ما سبب هذا التجاهل وعدم المبالاة التي تقترف بحقه؟
يعلم جيداً أنه لم يحرج ابنه كبعض الآباء بطلبات ربما لا تطاق فهو وإن كان غير غني فهو ليس بحاجة لأحد فراتبه التقاعدي يكفيه، بل ويزيد على الكفاية وفي غمرة حديث النفس وحالة الضيق دخلت عليه زوجته وسألته عما به,, قال مخاطبا نفسه لو حدثتها عما بي لكالت لابنها الأعذار والحجج ما لا يصدقه عقل لذا سألوذ بالصمت, ولكنها أصرت على أن تعرف ما الذي جرى فقد خرج لصلاة الجمعة طيب البال منشرح الصدر, قال: لا شيء, وبعد قليل سمع باب بيته يطرق فذهبت العجوز لترى من بالباب.
وجاءت إليه مسرعة لتخبره أن اخوه ينتظره بالداخل قام وهو غير راغب بهذه الزيارة التي جاءت في غير وقتها, جلس الاثنان بمفردهما وسأل الأخ عن سبب تأخره عن حضور مناسبة ابنه فالابن ادعى حينما سئل عن والده أنه مشغول, عندها لم يتمالك نفسه فانطلق يكيل لابنه ما لا يليق إلا بعاق مثله وليس فقط ما حدث له أنه لم يدع لحضور مناسبة، بل أن زيارات هذا الجاحد لا تكاد تذكر.
عندها أطرق الأخ وهو يردد لا إله إلا الله كأن التاريخ يعيد نفسه, قال ماذا تقصد لم أفهم,,؟؟
قال الأخ أنسيت ما كنت تفعله قبل أربعين سنة مع والدنا رحمه, وقد بقي في حقك واحدة لم يفعلها ابنك معك,, ربما لا تذكرها ولكنني سأذكرك بها, ففي إحدى المناسبات واظن أنها مناسبة زواج إحدى الأخوات سفهت برأي والدك امام الناس وكنت قاسيا عليه وحينها اكتفى رحمه الله بكلمة واحدة, لقد قال فقط حسبي الله ونعم الوكيل .
يا عين يا عين يا للي سهرها في داخلي النظير عذلتها ميرعيتني تبي رمعات سجاتها اسهر على الدقلة اللي في حواشيها بطاين حرير والكوت يشريه من يشريه والأنفس برغباتها لولا اختلاف النظر ما شفت بالأسواق سلم يسير لاشك هذا يبيع وذاك يشريها لحاجتها الوصل من صاحب غالي على الآخر شويه كثير ريح الندى ينعش الزملوق والنفعة بحزاتها فالى صبا له من المنشأ مزون تنثر لما الغزير اخضر عوده وهذي لذة الدنيا وحزاتها أنا اتحراه بالنفعة ولا أدري ويش عقبي يصير والناس ما هيب تخبر في سرايرها وغاياتها |
من شعر عبدالله اللويحان - رحمه الله.