البوارح الجامعات ومناهج البحث د, دلال بنت مخلد الحربي |
إن الهدف الأساسي للبحث العلمي الوصول الى نتائج تؤكد على حقائق كان يحيط بها الشك، او انها كانت غير مقبولة او مختفية بين ركام متضارب من المعلومات، والبحث العلمي يحتاج كي يؤدي الدور المطلوب منه الى ركائز يستند عليها، من بينها حب البحث نفسه، والتصميم على الكشف والاستنتاج والجلد في التنقيب عن المعلومات، والتفاني في تتبع الحقائق والوقائع والاحداث في المصادر بانواعها المختلفة، وقبل كل ذلك تحديد الاطار الموضوعي والزماني والمكاني.
واهمال الركائز المشار اليها يؤدي الى فشل مسار البحث العلمي، والى اخراج اعمال هي مجرد صفحات عُبئت بأحداث وحقائق لأهداف من ورائها، ولا روابط بينها غير حرف الواو والقلقلة (قال فلان) و(ذكر الباحث فلان) و(اورد المؤرخ الفلاني) كأنما هي حكايات وأقاصيص للتسلية لافتقارها الى عنصري التحليل والاستنتاج.
ولا أنطلق في كلامي السابق من فراغ، بل من تجربة وممارسة، فضعف ركائز البحث العلمي ملاحظ في اعمال كثيرة متداولة يغلب عليها التشتت والنقل وعدم تحديد الاطر الموضوعية والزمانية والمكانية، كما ان ضعف مفاهيم البحث العلمي ملاحظ في كثير من الرسائل الجامعية مما يعني عدم اهتمام المشرفين بتأصيل مناهج البحث، وتوضيح السبل الحقيقية في البحث العلمي لطلابهم,, ومن هنا فإن الخروج من الازمة يتطلب ترسيخ الإيمان بركائز البحث العلمي في نفوس الدارسين، ولا يتأتي ذلك الا من خلال الاهتمام في الجامعات بمواد مناهج البحث على المستويين الجامعي والعالي، وان تصبح هذه المواد ذات خصوصية وتميز فلا تسند إلا للمتميزين من الأساتذة الذين لهم اعمال بحثية، وفكر بحثي واضح، وألاّ تقتصر على التنظير وحده بل يكون لها جانب عملي تطبيقي، فترسيخ المفاهيم في اغلب الاحيان لا يكون الا بالممارسة الفعلية.
ان الخطوة الفعلية في التعرف على واقع وفاعلية مواد مناهج البحث ومدى انعكاس نتائجها على الطلاب يمكن الوصول اليها باستقراء عينة من الرسائل الجامعية التي نوقشت وأجيزت، فهي الحكم على نجاح ما قدم ويقدم، او فشله وضرورة إعادة النظر فيه بما يتواكب ومتطلبات التأصيل العلمي، وتأسيس جيل من الباحثين المتميزين.
|
|
|