Monday 1st November, 1999 G No. 9895جريدة الجزيرة الأثنين 23 ,رجب 1420 العدد 9895


لا وقت للصمت
الممكن,, والمستحيل!
فوزية الجارالله

من الصعب ان تختار من تعمل معهم,, ومن الصعب ان تجد دائماً ذلك المدير الانسان المنصف العادل الذي لا يشترط دائماً ان تكون رهن اشارته وطوع أمره وقيد عينيه في الممكن وغير الممكن دون ان تعترض أبداً، بمعنى ان تحول نفسك الى آلةٍ صماء تستقبل ببلاهة دون اي احتجاج,,!, فالبعض منهم (وأقصد المديرين المبرمجين!) ليس اثقل على نفسه من ان تبدي رأياً او ان تشعره باستقلالية شخصيتك,, ذلك أمرٌ يخنقه، فهو لا يرى احداً جديراً بإبداء الآراء وخلق الأفكار والابداع سواه,, ولذا ليس لك أنت سوى ان تصمت وتنفذ او تتنحى عن طريقه، فلا وقت لديه لأمثالك!!.
قلت في مقالي السابق ان المبدع/ الفنان هو اكثر الناس نفوراً من الأجواء المكتبية (البيروقراطية) المتحجرة التعيسة وهو اكثر الناس رفضاً لأن تصادر آراؤه وانسانيته وارادته,, وهو أول الناس رفضاً للقولبة والتحجيم وقص الأجنحة,, وهذا لا يعني أبداً كونه شرساً,, او فظاً او عنيداً,, بل ربما يكون اكثر الناس طيبة واشدهم احساساً بالآخرين, هناك الكثير من المبدعين تحرروا من قيد الوظيفة الحكومية (العامة) على وجه الخصوص,, او الوظيفة التي يُجبر خلالها على التنفيذ دون مشاركة في الرأي او التخطيط,, اذكر على سبيل المثال ان الكاتب البريطاني كولن ولسون جرب الكثير من الأعمال والوظائف المكتبية وغير المكتبية ولم يستطع تحمل البقاء في أيٍّ منها وكأنما خُلق ليكون كاتباً فقط,, ويقول متحدثاً عن احدى هذه التجارب: كنت قد عثرت على عمل آخر في مصنع للبلاستيك في هويست ستون, ووجدت هذا العمل اقل مدعاة للضجر من العمل في المكاتب ولكنني تشاجرت مع الرئيس بعد بضعة اسابيع,, فقد ذهبت صباح يوم من ايام السبت وكانت ايام السبت تعتبر ايام عمل اضافي، وكان بوسعنا ان نرفض الذهاب للعمل اذا اردنا ذلك,, وبعد ان وقّعت على ساعة الحضور خرجت الى محل قريب لشراء بعض الشوكولاته (وكان مغرماً بأكل الحلوى في تلك الايام)، وحينما عدت بعد قليل، رآني الرئيس اثناء دخولي وامرني بأن اوقع على الساعة مرة اخرى، ولو ان هذا قد حدث قبل بضع سنوات لكنت نفذت الأمر,, ولكن انواع المتاعب والاحباط التي لا تنتهي كانت قد دفعت صبري الى الحد الذي لا حد وراءه, وقلت له ان يذهب الى الجحيم وهذه في رأيي اقوى واجمل عبارة يمكن ان تقولها لمدير فظٍّ جائر! وذهبت انا الى البيت, وفي يوم الاثنين قال لي ان بوسعي في نهاية الاسبوع ان اجمع اوراقي وانصرف!!.
كنت قد بدأت اشعر بمثل ما شعر به راسكو لنيكوف قبل ارتكابه جريمة القتل مباشرة في رواية (الجريمة والعقاب) حينما اجتاحه فجأة احساس بأنه لا ينبغي له ان يستمر في الحياة بهذا الشكل .
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الادارة والمجتمع
الاقتصــــــــــادية
منوعـــــــــــــات
تقــــــاريــــــــر
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
الطبيـــــــــــــة
تغطيـــــــــــــات
مـــدارات شعبية
العـــالـــــم اليـوم
الاخيـــــــــــــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved