تصور نفسك - لا قدر الله - تعود إلى موطنك بعد تهجيرك عنوة لتجد ان منزلك بل الحي الذي نشأت وتجولت فيه طفلا وصبيا وقد سوي بالأرض فلا ترى منه إلا انقاضا وخرائب تنعق فيها البوم ألا تصاب بصدمة قد تؤثر على عقلك بعد صدمة شعورك؟
هذا بالضبط ما حدث لإخواننا في القطر المنكوب كوسوفا على يد الصرب المتوحشين فلقد نكلوا بهم بالضرب والقتل والاغتصاب ثم التشريد وهدم المنازل على رؤوسهم فاحتارت الام المنكوبة بهذا البلاء هل تحمل طفلها الرضيع على صدرها ام تنقل معها القليل من الطعام لبقية صغارها.
ان الصرب المتوحشين قد تفوقوا على زعيمهم هتلر دكتاتور العصر ففعلوا ما لم يفكر به حين اجتاح أوروبا، حيث كانوا يطلقون النار على افراد الاسرة امام اعين الباقين، ويغتصبون النساء والفتيات امام رجالهن او آبائهن فلا يملك الرجال سوى البكاء وذرف الدموع على هذه الاعمال الاجرامية التي يندى لها جبين الانسانية, ان هذه المشاهد التي يقف لها شعر الرأس ليست من نسيج الخيال بل سجلت بالوسائل الاعلامية وتعرض على الشاشات الفضائية فهل ستحاكم زمرة حاكم الصرب وجنوده الانذال امام محاكم عسكرية على ما اقترفوه من جرائم بشعة لم يسبقهم إليها احد في القرن العشرين؟
لست أذكر هذه الاحداث حتى اسرق الالم من نفوس الشعراء والطمأنينة من قلوبهم البيضاء وانما لاذكرهم بأن واجبنا كأخوة لهؤلاء المقهورين المنكوبين المسارعة لتضميد بعض هذه الجروح بالمواساة والتنازل عن بعض هذا الترف حتى نقيم خيمة صغيرة تضم بعض هؤلاء البؤساء, هذه الخيمة تحتاج إلى المتاع والاغطية والطعام والدواء فما هو العمل للقيام بواجبنا تجاه هؤلاء المسلمين الابرياء لاسيما النساء والاطفال والشيوخ؟ان اللجنة السعودية المشتركة لإغاثة مسلمي كوسوفا التي شكلتها قيادتنا برعاية سمو الامير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية وهي برئاسة معالي الدكتور عبدالرحمن السويلم رئيس جمعية الهلال الاحمر السعودي تتلقى الهبات العينية من كساء وطعام حتى تدرأ عن هؤلاء قسوة الشتاء القادم في أوروبا لئلا يهلكوا من زمهريره بعد ان عاشوا كل تلك المصائب من تهجير ثم عودة إلى هذه الخرائب التي تصدم النفس وتجلب المرارة والألم والشعور بالظلم والقهر في هذا العصر الكئيب الذي لم ير المسلمون قسوة مثله, إذ بعد مآسي البوسنة والهرسك التي مازالت اثارها قائمة تحرك الكفرة الملحدون نحو جزء اسلامي آخر فنكبوا أهله واعملوا فيهم القتل والتشريد لا لشيء سوى أنهم طالبوا بأبسط الحقوق الانسانية الا وهي حرية العقيدة في ديارهم فأين هي جمعيات حقوق الانسان التي يتشدقون بها كذبا وافتراءً أليست جميعها شعارات لمحاربتنا والتدخل في عقائدنا وبعد: هذه كلمات مخلصة أنتزعها من قلب مؤمن ان شاء الله بقضاء الله وقدره ولا انشد عن ورائها سوى المثوبة والدعوة الى مساعدة الاشقاء المحاصرين بالجوع والتشرد والضياع ونحن في هذه البلاد المقدسة اقرب الناس إلى مد العون لهم فتلك شيمتنا المتأصلة ونحن فاعلون بإذن الله وما تقدموا من عمل تجدوه عند الله في الآخرة في ميزان حسناتكم.