في ليلة الاثنين التاسع من شهر رجب لعام ألفٍ واربعمائة وعشرين من الهجرة، فجعت القلوب وغرقت العقول وذرفت الدموع وبُحّت الاصوات والحناجر ألماً وحسرة على فراقك يا تركي، فو الله ما نشكو إلا الى الله ووالله ما نرجو إلا ان يغفر لك ويرحمك ويسكنك فسيح جناته وان يلهم والديك واخوتك واخواتك وجميع اهلك الصبر والسلوان.
نعم،، انه ابن عمي - نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله احداً- شابٌ نشأ في طاعة الله وعلى طاعة الله كان براً بوالديه رحيما باخوته واخواته محباً للخير ولاهل الخير كان دأبه وطريقه حفظ كتاب الله كان بشوشاً تغلب عليه الابتسامة كلما رأيته كان لم يبلغ السابعة عشرة من عمره، كان ذلك اليوم هو يوم اجله (لكل أجلٍ كتاب) فالموت لا يعرف صغيراً ولا كبيراً ولا غنيا ولا فقيرا ولا ذكرا ولا انثى، فإلى الله نشكو مصابنا ومن الله نرجو سلواننا، كنت ارى فيه مقولة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) وذكر منهم (شابٌ نشأ في طاعة الله) واني الآن لاستبشر لما كنت ارى ان احسن الله خاتمته, واني الآن لأزيد استبشاراً حين رأيت شباباً حضروا اعدادا وافواجا معزين في فقده كانوا زملاءه في مدرسة تحفيظ القرآن وقد حضروا في باصٍ لم يكد يسعهم لكثرتهم، فانظر يا عمي وتفكّر في هذا الموقف الذي لم يفتني يوم توفي اخي - رحمة الله عليه - حين تزاحم اهل الخير واهل القرآن واهل الدراسة واهل الحي والكل يدعو والكل يواسي ويعزي أليست المصيبة تخفف من وطأتها وطحنها,, بلى يا عمي,, فاصبر حفظك الله، وانت يا والدته اصبري واحتسبي اصبروا واحتسبوا جميعا,, وتذكروا جزاء الله وثوابه لمن صبر في فقد ولده وان الله سبحانه وتعالى بشره ببيت في الجنة يقال له بيت الحمد، فلله ما اخذ ولله ما اعطى، و(إنا لله وإنا إليه راجعون),, رحمك الله يا تركي وجمعنا الله وإياك وجميع موتى المسلمين في مستقر رحمته فليس حقك علينا البكاء والنحيب ولا الصراخ وشق الجيب بل الدعاء والدعاء، فالله الله بالدعاء يا اهله واسألوا الله له المغفرة والرحمة فإنه الآن احوج ما يحتاج الى الدعاء، كما يحتاج الظمآن الى الماء.
غفر الله لك ورحمك وان يرزقك الثبات في قبرك وعند سؤالك، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
و(إنا لله وإنا إليه راجعون,,)