Monday 25th October, 1999 G No. 9888جريدة الجزيرة الأثنين 16 ,رجب 1420 العدد 9888


الرئة الثالثة
بعض خصومات الأدباء إهانةٌ للأدب!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

كتبتُ أكثر من مرة أندد بظاهرة الخصومات الأدبية الخارجة على الأدب والأعراف والأخلاق تنشرها بعض الصحف والملاحق الأدبية احياناً تحت مظلة الفكر، مؤكداً أن هذه الخصومات تبدأ في الغالب، (بنقطة نظام) يثيرها كاتب ما، إما اعتراضاً على طرح كاتب آخر، أو تصحيحاً له، أو اضافة اليه، وقد يرد الطرف الاول على ناقده رداً جميلاً، واذا عتب عليه كان في عتابه أدبُ القول وعفةُ المعنى وهذا نهج حميد.
***
لكن قد يخرج الطرف الاول عن النص الادبي والاخلاقي فيردَّ على معارضه رداً غليظ القول، قاسي اللفظ، مشبوه الغرض بحجة تصويب ما رأى فيه عوجاً، وردع ناقده، وقد يصف منتقده وصفا شخصيا بما يكره، وقد يستدرجه الى (منازلة) لا أدب فيها ولا فكراً، ثم يتحول مداد الأسطر الى جداول من (دم) الكبرياء المراق على حوض الجهل بأدب الحوار وفضيلة الاختلاف، وقد يستمر التراشق بالألفاظ بين الطرفين زمناً حتى يكلَّ احدهما أو كلاهما أو يتدخل ذو جاهٍ او سلطة لإيقاف منازلة الهزل بينهما!
***
* ينسى أحد الطرفين أو كلاهما انه لا يملك وحده سراج الحكمة,, ولا يستأثر وحده بسرج العقل,,كي ينكرهما على الآخرين!
* ينسى احد الطرفين او كلاهما,, أن الاختلاف في المسائل الاجتهادية، نعمة لا نقمة، وضرورة لا ترف، وفضيلة لا عبث، به تُنقّح المواقف، وتصحح الآراء,, وتُثرى المعرفة، وبدونه,, تتحول روافد المعرفة الى قوالب جامدة,, لا لون لها ولا طعم ولا رائحة!
***
* ينسى أحد الطرفين او كلاهما الفرق بين (النقد) و(الانتقاد),, الأول يُعنى بالفكرة بعيداً عن حِمى الهوية الشخصية لصاحبها، والثاني، يخلط بين الفكرة,, وهُويّة صاحبها، فيتحول (الاختلاف) السويّ الى (خُلفٍ) مريض، ولا يعود المرء يعرف مَن الناقد، ومَن المنقود، او يفرق بينهما!
ولذا، تحجم بعض الصحف والمجلات عن نشر المساجلات الفكرية خشية الانزلاق في وحل (هتك عرض الفكر) المسيّر بعنجهية الغيظ والغضب ونرجسية الذات!
***
قد يسأل سائل: ما الحل إذن لفك الاشتباك بين أدعياء الجدل الفكري غير المؤهلين,, الذين يمارسون إسقاطاتهم عبر منابر الصحف؟
فأقول: إن أمراً كهذا جدُّ عسير لانه في تقديري المتواضع امتداد لاعاقة عتيدة في تركيبتنا الثقافية بدءاً بمقاعد الدراسة، مستصحبةً معها عِوَج التربية في البيت,, فكثيرون منا لم يتعلموا ادب الحوار، لا في المدارس ولا في البيوت، بل اعتادوا التلقين والتعامل مع المعرفة,, عبر مسار احادي يستنكر الاختلاف ويسفه صاحبه! اما تربية المنزل فهي تخضع في كثير من الاحوال لمعادلة القمع, او الرفض,, او التسفيه، ومن ثم كيف لنا ان نحسن التعامل مع الرأي الآخر,, إذا كنا في الاصل لا نملك القدرة,, ولا القدوة ولا التدريب لفعل ذلك!
كيف نطالب افراد جيلنا بعقلانية الحوار,, في غياب الممارسة العقلانية لها في المدرسة والبيت والمكتب وحتى الشارع!
***
الحل، في تقديري المتواضع، ليس وصفة تباع وتشترى,, لكنه ممارسة تربوية واخلاقية وانسانية معقدة يشترك في صياغتها وتأصيلها البيت والمدرسة ومنابر الرأي: مسموعاً او مكتوباً.
***
تهنئة خاصة للاخ خالد المالك، رئيس تحرير (الجزيرة):
تعيينكم مجدداً رئيساً لتحرير (الجزيرة) لفتة كريمة ردّت لكم ولالجزيرة الاعتبار! ويسرني ان اشارك اهل (الجزيرة) زهوهم بعودتكم ربّاناً أميناً لسفينة تحريرها، لتعيدوا لها نشوة الماضي: سطوةً وصوتاً وصيتاً، ولتبحروا بها من جديد في مسار التفوق والنجاح!!
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
منوعــات
ملحق ينبع
عزيزتي
الرياضية
الطبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved