اتصل رجل أعمال سعودي الثلاثاء الماضي هاتفيا خلال مزاد علني في القاهرة ليشتري منديل أم كلثوم بخمسة ملايين دولار اي ما يقارب عشرين مليون ريال سعودي، وقيل ان هذا المزاد منظم من منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة (الفاو) لمكافحة الجوع.
وقد بهر هذا المبلغ الحاضرين والمتابعين فمنديل أم كلثوم قطعة من قماش لا تزيد قيمتها في حينها عن عشرة ريالات فكيف وصل إلى هذا المبلغ الخيالي، والأكثر من ذلك هو هذا السفه الذي دفع بصاحبه لدفع هذا المبلغ فيه في حين ان هناك من هو بحاجة في جدة وحولها، وان لم يكن هناك محتاج أليس الاولى ان يقدم هذا المبلغ الى جمعيات البر والجمعيات الخيرية في بلادنا؟ وهي الجمعيات المشهود لها بالنزاهة في ايصال المال إلى المحتاجين، وان كان صاحبه غير مقتنع بالانفاق في الداخل هلَّا دفع المبلغ إلى هيئة الاغاثة الاسلامية التي تنطلق اغاثاتها للمحتاجين من جوار الكعبة المشرفة.
هل المطلوب من خلال هذا الانفاق الباذخ هو الاجر والثواب ام التفاخر؟ إن كان الأوَّل فإن طالب الثواب لا يسلك في صدقته إلا طرقا عفيفة، وليس من خلال منديل أم كلثوم ونظارتها، وثوب يسرا (الممثلة المصرية) ورسالة عبدالحليم حافظ، وصور الممثلة الايطالية (جينالو لويريجيدا) فالله طيب لا يقبل إلا طيبا.
وهناك في الجمهوريات الاسلامية في آسيا التي جثم عليها الاستعمار الشيوعي (70) عاما حاجة لبناء المساجد، وهذا المبلغ يبني عشرات المساجد هناك وبخاصة ان فيه بركة بلادنا فإن كان الانفاق داخل البلاد يشكل غصة في حلوق من جنوا منها ملايين الدولارات بحيث لا تشكل الملايين الخمسة إلا فتاتاً فهلَّا دفع هذا المبلغ لفقراء العرب والمسلمين خارج حدود بلادنا؟
ثم إن هذا الاسلوب في جمع التبرعات اسلوب غربي لا إسلامي، لانه لا يهدف إلى جلب الثواب الأخروي بقدر ما يهدف إلى اقتناص المال من نفوس شحيحة ترى في الشهرة عوضاً عن المال المدفوع، وهو في كل الاحوال لم يسلك مسلكا عفَّا طيبا وهو سبيل التبرع الاسلامي.
ان هؤلاء الذين جمعوا ثروات هائلة من خيرات هذه البلاد لابد ان يطلب منهم ان يسهموا في الجمعيات الخيرية وبخاصة هؤلاء الذين يبذرون المال بمثل هذا السفه، وهناك المحتاجون الذين ترعاهم جمعيات البر والجمعيات الخيرية، وأخيراً ليت هذا المبلغ قدم للجمعية السعودية لرعاية المعاقين جسديا .
وأرجو ان يعلن صاحبه عن حجم تبرعاته لهذه الجمعية وغيرها داخل بلادنا، إن كان المراد هو تقديم المال لذوي الحاجة، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
د, عائض الردادي