* تل ابيب - ميجان جولدن - رويترز
معاهدة السلام التاريخية التي وقعتها اسرائيل مع الاردن منذ خمس سنوات بقيت صامدة في وجه اعمال عنف وخلافات دبلوماسية لكن السلام ما زال بعيدا عن بلوغ الصورة التي كان ينشدها مهندسوه.
وتوصل رئيس الوزراء الاسرائيلي الراحل اسحاق رابين وعاهل الاردن الراحل الملك حسين الى الاتفاق الذي يلقى اشادة كبيرة في اسرائيل باعتباره من اكثر اتفاقات السلام رسوخا حتى الآن مع دولة عربية, وتم توقيع اتفاقية السلام في 26 اكتوبر تشرين الاول عام 1994م.
واقام رابين الذي اغتيل في عام 1995م والملك حسين الذي توفي في فبراير شباط الماضي متأثرا بالسرطان صداقة شخصية حارة بعد التوصل الى الاتفاق في سلسلة اجتماعات سرية, واتى اتفاق السلام بعض ثماره,.
فقد اقيمت منطقة صناعية اسرائيلية اردنية خلقت فرص عمل لنحو ستة الاف اردني وتتمتع بوضع المنطقة التجارية الحرة مع الولايات المتحدة بين اسرائيل والاردن وهناك خطط لإنشاء ثلاث مناطق حرة أخرى احداها على الحدود الممتدة بين اسرائيل والأردن.
وفي تحرك غير مسبوق مع اي بلد عربي اعطت اسرائيل موافقتها لمصانعها العسكرية على بيع اسلحة للاردن, واعلن البلدان في سبتمبر ايلول تحديث الاتصالات السلكية واللاسلكية بينهما باقامة كابل من الالياف الضوئية.
لكن الانجازات بصفة عامة لم تبلغ المستوى المأمول.
وقال الامير حسن شقيق العاهل الاردني الراحل الملك حسين في مؤتمر بجامعة تل ابيب بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة لتوقيع معاهدة السلام هذا الشهر سجل انجازات السنوات الخمس الماضية لصنع السلام ربما لم يبلغ الحد الذي كان يرجوه صانعو السلام .
ووقف الامير حسن بين جمع صغير من الاردنيين المشاركين في المؤتمر الذي وصفته وزارة الخارجية الاسرائيلية بأنه الاحتفال بالمناسبة اذ لم يخطط لاي احتفالات رسمية اخرى.
وزادت قلة عدد الاردنيين الذين حضروا الاحتفال من مخاوف الاكاديميين الاسرائيليين بشأن الاتجاه المتنامي في النقابات المهنية الاردنية التي تعاقب من يجري اتصالات مع اسرائيل من اعضائها.
فقد طردت نقابة الصحفيين الاردنية هذا الاسبوع ثلاثة صحفيين بارزين لانهم زاروا اسرائيل, وحظرت جميع النقابات المهنية في الاردن على اعضائها القيام بأي اعمال من شأنها الاسهام في تطبيع العلاقات مع اسرائيل.
وفي حين ان محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في عمان اثارت سخط الاردنيين في عام 1997م فان الجانب الاكبر من استيائهم كان ناجما عن تباطؤ رئيس الوزراء اليميني بنيامين نتنياهو في خطوات السلام مع الفلسطينيين.
ويشكل الفلسطينيون غالبية سكان الاردن ومن ثم يصعب على الاردنيين تقبل تحركات سلام سريعة مع اسرائيل بينما السلام مع الفلسطينيين متعثر.
واحيا ايهود باراك تلميذ رابين الذي اصبح رئيسا للوزراء في يوليو تموز عملية صنع السلام مع الفلسطينيين وهو امر من شأنه ان يخدم العلاقات الاردنية الاسرائيلية على نحو جيد.
وبدأ باراك والملك عبدالله عاهل الاردن اقامة علاقة شخصية وصفها اشير سوسر خبير شؤون الاردن بجامعة تل ابيب بأنها ضرورية لازدهار السلام.
قال سوسر: يجب ان تكون هناك علاقة ثقة متبادلة حقيقية وتفاهم استراتيجي.
وعين باراك مسؤولا كبيرا ليشرف على تنفيذ خطط تشمل مشروعات مثل مطار ايلات العقبة المشترك.
وبدأت اكثر مراحل صنع السلام حساسية عندما حددت مهلة غايتها سبتمبر ايلول عام 2000 لانتهاء اسرائيل والفلسطينيين من التفاوض على قضايا الوضع النهائي الشائكة والتي تشمل الحدود واللاجئين والمياه والقدس.
ويرجع سوسر مشاعر خيبة الامل الاردنية المتزايدة في جانب منها الى المتاعب الاقتصادية، وتبلغ الديون الاجنبية على الاردن اكثر من سبعة مليارات دولار مع تزايد البطالة والفقر.
وكان كثيرون يأملون في ان يغير السلام اقتصاد الاردن خلال فترة قصيرة, وقال سوسر: ان الشعور بالاحباط يأتي اساسا من توقعات غير واقعية في المقام الاول.
وتثير عمليات التفتيش الامنية الاسرائيلية للشاحنات التي تعبر من الاردن الى الضفة الغربية غضب رجال الاعمال الاردنيين الذين يرونها ذريعة لفرض حماية تجارية.
وهم يريدون اقتطاع جزء من الاحتكار الاسرائيلي الفعلي لسوق حجمها مليار دولار سنويا في الضفة الغربية التي تضم مليوني فلسطيني يطمحون للاستقلال.
وقال سوسر ان الاردن كان يأمل عندما وقع الاتفاق في ان يبلغ حجم التبادل التجاري مع الضفة الغربية 200 مليون دولار, لكن احصائيات وزارة الخارجية الاسرائيلية لعام 1998م اظهرت انه بلغ 21 مليون دولار فقط في حين بلغ حجم الواردات الاسرائيلية من الاردن 17 مليون دولار.
|