Saturday 23rd October, 1999 G No. 9886جريدة الجزيرة السبت 14 ,رجب 1420 العدد 9886


في إطار ندوة الآثار التي سيرعاها سمو الأمير نايف بن عبد العزيزغداً
الجزيرة تحاور عدداً من المتخصصين حول الآثار بالمملكة وأهميتها الوطنية والتاريخية

ضيوف الندوة:
* أ,د, سعد بن عبد العزيز الراشد
وكيل وزارة المعارف للآثار والمتاحف
* د,م, عبد العزيز بن عبدالله الخضيري
وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية المساعد لتخطيط المدن
* الاستاذ/ عبدالعزيز بن عبد الرحمن السبيهين
وزارة الشؤون الإسلامية
* الاستاذ/ فهد بن محمد الفهيد
مدير الشؤون العامة
بوزارة الداخلية
أدار الندوة وتابعها: بدر بن سعود بن محمد آل سعود
تشكل المملكة العربية السعودية أكبر رقعة جغرافية في الجزيرة العربية فهي تعادل 80% من مساحة الدول المجاورة لها، وتصل المساحة الاجمالية لها مايقارب مليونين و150 الف كيلومتر مربع,, أكسب الموقع الجغرافي هذا المملكة أهمية منذ فجر التاريخ وذلك لتوسطها بين حضارات الصين والهند والحبشة وجنوب الجزيرة وساحل الخليج العربي والبحر الأحمر والعراق والشام ومصر، لذلك فإن أطول امتداد لطرق التجارة البرية والبحرية,,تمر ضمن النطاق الجغرافي للمملكة وقد شهدت ارض المملكة بوادر الاستيطان البشري منذ العصور الحجرية وتطورت وازدهرت المراكز الحضارية فيها على مر العصور.
أثبتت الدراسات أن شرق الجزيرة العربية قد اسهم مساهمة فعالة في قيام الحضارات الأولى للانسان حيث عثر على مواقع عدة في المنطقة الشرقية من المملكة تدل على ذلك, وفي شمال الجزيرة العربية تجد ان منطقة تيماء على سبيل المثال كانت تعد من أهم المراكز التجارية, وقد أظهرت نتائج المسوحات والتنقيبات الأثرية في معظم مناطق المملكة دلائل مادية من الحضارات القديمة وذلك من خلال الادوات والمصنوعات المختلفة من أوان فخارية وحلي نسائية ونقوش وكتابات ورسوم صخرية ومواقع أثرية ومبان ثابتة من قصور وقلاع وحصون وسدود وآبار وعيون وقنوات وغير ذلك من المخلفات الأثرية المكتشفة على طرق التجارة والحج مثل المسكوكات التي كانت متداولة في فترات تعود الى ما قبل الاسلام وخلال العصور الاسلامية, وتشير الدلائل إلى ان المملكة العربية السعودية غنية بالآثار الغارقة في الخليج العربي والبحر الأحمر.
والمملكة ارض حضارات ومهد رسالات كان آخرها رسالة الاسلام والتي ستبقى حتى يرث الله الارض ومن عليها,, هناك حضارات سادت ثم بادت وبقيت أسرارها قابعة في باطن الارض وفي قمم الجبال والمغارات والكهوف وعلى ضفاف الأودية والسواحل وفي الجزر تنتظر العلماء والدارسين والباحثين المختصين بعلم الآثار وفروعه للتفتيش والتنقيب عنها.
الآثار تدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى في تدبيره لشؤون الخلق والأمم والشعوب, والقرآن الكريم يحدثنا عن أمم وشعوب كثيرة وأحداث وعبر وحروب,, اصحاب الايكة، فرعون ذي الاوتاد، ذي القرنين، قوم تبع، سبأ، اصحاب الرس، ثمود، وغير ذلك من أخبار الاولين.
وحدثنا القرآن الكريم عن أمور كثيرة مرتبطة بتاريخ أمتنا الاسلامية بدءاً بنزول الوحي على خاتم الانبياء والمرسلين في غار حراء بمكة المكرمة وما واجه المسلمين من محن وشدائد, والشواهد القرآنية كثيرة في هذا الشأن، منها الهجرة النبوية الشريفة ومعارك المسلمين الحاسمة كبدر وأحد والخندق وحنين وغير ذلك من الأمثلة القرآنية التي لاتزال آثارها ومعالمها الجغرافية والتاريخية والعمرانية باقية حتى اليوم على ارض المملكة العربية السعودية وما جاورها من البلدان.
قال تعالى فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون سورة النمل الآية 52, وقال تعالى كم تركوا من جنات وعيون, وزروع ومقام كريم, ونعمة كانوا فيها فاكهين, كذلك وأورثناها قوماً آخرين الدخان الآيات 25 - 28, وحثنا القرآن الكريم على التدبر والسير في الارض، قال تعالى أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا في الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون الروم آية 9.
لذلك أحست الدولة بأهمية هذا الموروث منذ انطلاقة تأسيسها وتوحيدها على يد القائد المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله -
مما تقدم تشارك الجزيرة هذا الاهتمام وتلتقي في هذه الندوة مقدمة لندوة الآثار التي تعقد غداً الأحد برعاية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية, وفي البداية رحب مقدم الندوة بدر آل سعود بالحضور المشاركين وهم الدكتور سعد بن عبد العزيز الراشد وكيل وزارة المعارف للآثار والمتاحف، الدكتور المهندس عبد العزيز بن عبد الله الخضيري وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية المساعد لتخطيط المدن، الاستاذ عبد العزيز بن عبد الرحمن السبيهين عضو المجلس الاعلى للآثار من وزارة الشؤون الاسلامية والاستاذ فهد الفهيد مدير عام الشؤون العامة بوزارة الداخلية.
التطور التاريخي
* نود من الدكتور سعد الراشد ان يلقي الضوء على الآثار عامة في المملكة؟
-د,سعد الراشد: أنا سعيد ان اشارك في هذه الندوة المباركة بمعية الاخوة الزملاء ومن محاسن الصدف أن الاخوة الزملاء هم اعضاء في المجلس الاعلى للآثار، وكل قطاع من القطاعات التي يمثلونها هو قطاع هام داعم لمسيرة الآثار في المملكة.
كما تعلمون، المملكة ميزها الله سبحانه وتعالى بموقع جغرافي واستراتيجي وتمثل مساحة كبرى من الجزيرة العربية وتتصف جغرافيتها بالتنوع، البحر الأحمر من الغرب والخليج من الشرق والبحر العربي من الجنوب وبها صحارى وسهول ووديان وجبال وبالتالي المناطق الجافة، الرطبة، الجبلية والخضراء, بها أنهار وأودية للزراعة وبها الكثير من المعالم الطبيعية التي كانت تشكل عوامل جذب للاستيطان والاستقرار منذ القدم, ولذلك عاش الانسان في الجزيرة العربية منذ اقدم العصور واصبحت الرقعة الجغرافية التي تمثلها المملكة جسرا للحضارات مابين افريقيا وآسيا ومابين جنوب الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق ومصر، ايضاً انها ليست بعيدة عن مراكز الحضارات القديمة في البحر الأبيض المتوسط وفي بحر إيجة واليونان، وظهرت على جزيرة العرب الممالك العربية القديمة في الجنوب وفي الشمال وفي الشرق وفي وسطها ايضاً وأرض المملكة هي أرض الديانات السماوية واليها جاء ابراهيم الخليل عليه السلام واعاد بناء البيت العتيق واستمرت الحضارات على هذه الارض حتى ظهر الاسلام في مكة المكرمة ومن ثم المدينة المنورة عاصمة المسلمين الاولى وتعاقبت المراحل التاريخية حتى عصرنا الحاضر.
في هذا الاطار وبشكل موجز تنحصر الآثار في المملكة العربية السعودية بين آثار ماقبل التاريخ والآثار التي تنتمي الى فترة ماقبل الميلاد والآثار الاسلامية, تنبهت المملكة الى أهمية الآثار منذ وقت بعيد,, مع توحيد المملكة على يد القائد الموحد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - كانت المملكة تستقطب بعض الرحالة وبعض المهتمين لمعرفة هذه الارض الجديدة مثل فليب وغيره, كانوا يهتمون بالمراكز الحضارية في المملكة ومدنها في حد ذاتها عبارة عن متاحف,, الرياض، منطقة القصيم، حائل,, حسب الروايات التي أعرفها عن ابناء الملك عبد العزيز بأنه منع أخذ الآثار من اماكنها وامر بان تدع في اماكنها حتى يأتي من هم بعده ليقيموها,, وهذه قاعدة سارت عليها الدولة.
مراحل تطور وكالة الآثار
* ما هي مراحل تكوين هيئة ترعى شؤون الآثار في المملكة؟
- د, الرشيد: في عهد الملك فيصل - رحمه الله - صدر قرار بانشاء دائرة للآثار ترتبط بوزارة المعارف وجاء في حيثيات القرار الذي صدر عام 1383ه، لما في الآثار من أهمية للتاريخ والحضارة ولأنها مورد اقتصادي وكما هو معمول في كثير من الدول التي نهجت هذا وكونت ادارات مختصة ترعى الآثار,, بدأت ادارة الآثار بداية متواضعة وكانت عبارة عن غرفة في معهد العاصمة النموذجي وفي 23/6/1392ه صدر المرسوم الملكي الخاص بنظام الآثار تبعه إنشاء المجلس الأعلى للآثار والمدة مابين انشاء ادارة آثار وصدور نظام الآثار كانت كبيرة حوالي 11 سنة,, نظام الآثار نص على ان المجلس الأعلى للآثار يرسم الخطوط العريضة للآثار وقد كان مناسباً في ذلك الوقت اذ ركز على التعريف بالآثار الثابتة والمنقوشة والحفر الأثري وهنالك بند تداول التراث الشعبي وبيعه وأعمال التنقيب, وقد عمم على جميع الهيئات والمؤسسات والوزارات لكي تراعي النظام.
مع صدور النظام بدأت تتطور ادارة الآثار شيئا فشيئاً من ادارة صغيرة الى ادارة عامة ثم وكالة مساعدة ثم وكالة, في خلال حوالي 25 سنة أو أكثر شهدت المملكة نهضة في الدراسات الأثرية والكشوفات الآثرية واعمال المسح والتنقيب وحصر المواقع الأثرية وكانت البداية إنشاء متحف صغير متواضع سمي المتحف الوطني للآثار والتراث الشعبي في المقر القديم في الشميسي وتفضل الأمير سلمان بافتتاحه وقال وقتها هذه بادرة خير وبداية للنهوض بالتاريخ والحضارة وكان سمو الأمير سلمان يضع في اهتماماته ان الرياض بحاجة الى متاحف ومكتبات, ايضاً صدر اول كتاب مصور هو مقدمة عن آثار المملكة باللغتين الانجليزية والعربية وكان له تأثير طيب, كما صدرت مجموعة من الملصقات للتعريف عن آثار المملكة لازلنا نستخدمها حتى الآن ثم إصدار أول مجلة علمية سعودية هي حولية الاطلال نشرت فيها نتائج المسوحات والاعمال الأثرية وتنشر باللغتين العربية والانجليزية معززة بخرائط وصور.
الوفرة أو الطفرة التي شهدتها البلاد لاشك انها ساعدت وزارة المعارف وساعدت ادارة الآثار حيث تم انشاء 6 متاحف إقليمية ونقلت ملكية بعض القصور التاريخية في جدة والطائف والمعالم التاريخية في الرياض وغيرها الى ادارة الآثار والمتاحف واصبحت في ملكيتها بحيث تتولى صيانتها وتحويلها الى متاحف، ايضاً ونتيجة لاعمال المسح الأثري تم حصر مايقارب 4 آلاف موقع,, ونتوقع ان تكون المواقع الأثرية المسجلة لدينا سواء في الجبال او الوديان، مدن كبيرة أو صغيرة، آثار مطمورة أو بارزة نتوقع ان يكون العدد كبيرا جداً وان آثار المملكة يندر ان تجد لها مثيلا وهي اصل الحضارات في بلاد الشرق الادنى القديم في الجزيرة العربية ايضاً تم الاطلاع وحصر 10 آلاف رسم صخري ونقوش وكتابات قديمة في مختلف ارجاء المملكة هذا بالاضافة الى آلاف الكتابات الصخرية الاسلامية المنتشرة في مختلف ارجاء المملكة ومن ثم المحافظة على أهم مراكز الاستقرار الحضاري في المملكة العربية السعودية في الجوف، تيماء،العلاء، مدائن صالح، نجران وأماكن اخرى كثيرة كما تم تسوير عدد 57 موقعا أثريا.
أما في مجال السدود فلدينا قنوات العيون تقف آثارا بارزة وهناك قصور وعيون مثل الآثار على طرق التجارة والحج في شمال غرب المملكة، في جنوب المملكة، الآثار الموجودة في الجزر سواء الموجودة في فرسان أو جزر الخليج العربي او في شمال غرب البحر الأحمر، لدينا عشرات من المعالم التاريخية والقصور,, كان هناك جهد مبذول وانطلاقة طيبة لكن للأسف هذه الانطلاقة تأثرت في مرحلة ما بعد الانتهاء من الخطة الخمسية الخامسة نتيجة لنمو المدن والتطور الزراعي,, بدأت صحوة الآثار تقل نسبياً وتعثر كثير من نشاط ادارة الآثار لأنها لم تعط الرعاية الكافية لتنميتها فنياً وادارياً ومالياً وتقنياً.
التعديات
* ماذا عن التعديات التي حدثت؟
- فهد الفهيد: نظام الآثار يحوي تبيان التعديات والتطبيقات اللازمة تجاه ذلك,, وزارة الداخلية تعطي الآثار أهميتها اللازمة وتطالب بالمحافظة عليها والدليل على ذلك الان ضمن التطور الذي تشهده الوزارة هنالك بحث عن تكوين قوات شرطة خاصة بالآثار اما الان فتتم المراقبة والمحافظة من خلال المراكز الشرطية.
- د, سعد الراشد: في نظام الآثار هناك اختصاصات موضحة لكل ادارة من ادارات الدولة سواء زراعية، بلدية وقروية مواصلات وغيرها.
طبعاً نحن نتكىء ونعتمد عليها بعد الله سبحانه وتعالى هي وزارة الداخلية.
* هنالك سرقات حدثت ماذا تم بشأنها؟
- فهد: السارق يسجن وتطبق عليه الأنظمة اذا تم ضبطه داخل المملكة واذا خرج خارجها يطلب عبر طرق متفق عليها ويمكن دكتور سعد يعرف حادثة ان احداً سرق أثراً قضى بسببه سنة في السجن.
- د, سعد الراشد: الآثار في كل بلاد العالم مستهدفة هنالك عصابات سرقة الآثار وتزيفها, المملكة الان ليست كالسابق مع التطور العلمي، جامعات ومعاهد، اصبحت المملكة معروفة عالمياً والدوائر العلمية في الخارج تنتظر ان يخرج من المملكة شيء اثري يبرز ويعرف حضارة المملكة عالميا لذلك حمايتها ضرورة ومهمة جداً.
التعدي على حرمة المواقع الأثرية موجود مثلاً في القريات، مدائن صالح، تيماء وغيرها هنالك حالات تعديات ساخنة ويقبض عليهم لكن الجزاء غير رادع مثلا لماذا لايشهر بهم لماذا لايعلن عنهم كما يعلن عن المزورين,, الحق العام للدولة هو سجن وتوقيف ويمكن يخرج بكفالة الى ان تتم محاكمته, وعندنا مشكلة في قضية المحاكمة طبعاً صدر من المقام السامي امر بتشكيل لجنة للنظر في مثل هذه القضايا مكونة من وزارة العدل، وديوان المظالم، التعليم العالي والداخلية,, الخ - لكن خلال خمس سنوات لم يبت في القضايا اما بسبب عدم الاجتماع او الروتين في اتخاذ القرار, يومياً هناك سطو على الآثار سواء التي عليها حماية او التي في اماكن نائية,,, يلقى عليهم القبض ويطلق سراحهم.
- فهد : السبب اعتقد هو نظام الآثار السابق لم ينص على مثل هذه الحالات.
- سعد الراشد: هنالك تقاعس من الجهات الأمنية في المناطق والمحافظات، هناك تساهل فلماذا نتساهل في تراثنا وآثارنا وحضارتنا؟! الأثر ليس شيئاً مصنعاً يكسر ويعاد مرة اخرى,, لا تستطيع ان تدمر مخطوطة كتبها عالم قبل 600 سنة ولايرضى احد ان تسرق هذه المخطوطة او تنهب او تزيف,, الأثر عبارة عن سجل مخطط ينتظر العلماء والدارسين والباحثين,, وزارة الداخلية في كثير من الاحيان تكون سباقة خاصة عند المنافذ الحدودية إذ يضبطون كثيرا من الحالات وتسلم لنا.
التطور العمراني والزراعي كان عائقاً أمام الآثار
* الى اي مدى تأثرت الآثار بالتطور العمراني والزراعي؟
- د, عبدالعزيز الخضيري: اعتقد ان هناك فجوة كبيرة جداً مابين اهمية التراث في المملكة من حيث أنه حضارة واقتصاد وبين ما نمارسه نحن كجهات مسئولة عن الآثار سواء بتحديد مواقعها أوالتنقيب عنها أو المحافظة عليها أو ابقائها والاستفادة منها,, كما تعلمون فان المملكة خلال عقدين من الزمن قفزت قفزات تنموية عالية جداً مرت فيها كثيرا من مدن العالم في قرنين من الزمن, هذه القفزات العمرانية في مجال الزراعة والعمارة حقيقة جعلت هنالك صعوبة امام متخذي القرار في مجال المحافظة على الآثار,, صعوبة كبيرة جداً وذلك بسبب عدم المعرفة بمواقعها - وأنا أتكلم عن ثلاثين سنة ماضية - حقيقة لو نظرنا الى جهاز الآثار تجده موجودا ضمن منظومة وزارة المعارف كجهاز بسيط في وزارة تضطلع بمسئولية كبيرة بعيدة تماماً عن أهمية الآثار وانا اعتقد ان هذه الندوة فرصة طيبة اثني فيها واقدر الجهود المتميزة للدكتور سعد الراشد لخطواته الايجابية في تلك الآثار من مفهوم تقليدي في ادارة صغيرة ضمن جهاز وزارة المعارف والشكر ايضا لوزير المعارف الدكتور محمد الرشيد الذي أعطى الكثير من الدعم,, لذلك نجد ان ندوة الآثار المرتقبة يهتم بها من أعلى مسئولي الدولة وذلك تأكيد على اهمية الآثار واعني ندوة الآثار التي ستعقد برعاية صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبد العزيز وانا اعتقد ان هذه هي بداية الانطلاقة الحقيقية للآثار بالمملكة.
للأسف يحزننا نحن في المملكة ونحن الدولة التي تضم أعلى نسبة من الآثار على مستوى العالم تعطى أدنى أولية لها, وزارة البلديات من هذا المنظور لديها مسئوليات لكن تسوير المواقع الأثرية يخرج من نطاقها، وزارة البلديات تهتم بما هو فوق الارض وهو التراث والعمران وارجو واقول ان ايقاع التنمية السريع والنمو المتزايد الذي شهدته المملكة لم يعط المسئولين الفرصة في التفكير في الاستفادة من انماط عمرانية معمارية وتخطيطية للتراث بالاضافة الى انه خلال فترة الثلاثين سنة الماضية كان هناك غياب للمهتمين بالتراث العمراني.
بدأت وزارة الشؤون البلدية والقروية الاهتمام بالتراث وذلك بتلمس عناصر التراث المعماري في المملكة على مستوى الوحدة السكنية والحي وعقدت ندوة قبل 10 سنوات شارك فيها كثير من المهتمين والمتخصصين في مجال الآثار والتراث المعماري وتم فيها حصر لكل آثار التراث العمراني الموجود على مستوى المملكة واصدرت بناء على ذلك الوزارة كتابا وثّق المواقع التراثية والعمرانية والحقيقة الجهد كان اجتهاد اشخاص من الوزارة ولايقع ذلك العبء عليها وكما هو معروف فان الوزارة مسئولة عن تقديم 38 خدمة للمواطن.
الذي ليس له ماض ما له حاضر ولا مستقبل علينا مسئولية كبيرة امام اجيالنا نحن الذين نرسم لهم المستقبل وفي وزارة الشؤون البلدية والقروية نحاول الان ان نستفيد ونتلمس تجربة الانماط العمرانية واعتقد ان التجربة المتميزة التي انعكست في مدينة الرياض بجهود العمرانيين والمعماريين السعوديين في الحي الدبلوماسي ومركز الملك عبد العزيز التاريخي تعكس تجربة ناجحة وبداية مشجعة,, ويحزننا كثيراً وان كنا شركاء في هذا الحزن ان تكون عناصر التراث المعماري في المملكة مثيلها في الرياض مثيلها في جدة وابها والمدينة,, المدينة الصحراوية تكون مثل المدينة الساحلية مثل المدينة الجبلية لايوجد مراعاة لطبيعة المناخ والبيئة والعذر في ذلك ضعف الامكانات الفنية وغياب القدرات المعمارية ويمكن لي ان اقول اننا في المملكة لم نوفر ولا 5% من احتياجات المتخصصين في مجال التخطيط والهندسة المعمارية ومع ذلك تبقى من جهود افراد معروفين.
تحديد سبعة مواقع بالمملكة كتراث معماري
* هل هناك تخطيط مستقبلي من وزارة الشؤون البلدية والقروية للآثار؟
- د, عبد العزيز الخضيري: نعم هناك اهتمام كبير جداً بالتراث العمراني من قبل الوزارة, وهناك دراسة وهي عمل مشترك مع المجلس الاعلى للآثار لأهم المواقع الاثرية التي يجب المحافظة عليها والحقيقة كانت بتوجيه من المجلس الاعلى للآثار حددت فيها أهم سبعة مواقع على مستوى المملكة من قصر تراثي قديم الى مستوى مدينة كاملة وتحتاج هذه الجهود لجهد مشترك وليس لجهد فردي.
الان نحن نبحث عن التمويل ولا اقصد التمويل المادي بل اقصد الدعم المعنوي والقانوني والنظامي، المادة ليست هي التي تحرك الأمور,, عموماً وزارة الشؤون البلدية والقروية تهتم بما فوق الارض وليست من مسئوليتنا ان تبحث عن مافي تحت الارض كما انه ليس من اختصاصنا تسوير الآثار بل ذلك من اختصاص وكالة الآثار.
- د, سعد الراشد: لا أود ان اوجه اللوم لوزارة الشؤون البلدية والقروية اعتقد تقع عليها مسئولية كبيرة جداً في الحفاظ على الآثار والتراث العمراني,, المسئولية مشتركة تخطيط متنوع ومتعدد سواء داخل المدن او خارجها.
هنالك خلل في وزارة المعارف وآخر في البلدية والقروية وثالث في المصالح الاخرى, لايوجد تناغم ولا دراسات مشتركة ولا مجالس مشتركة ولا لجان,, نظام الآثار صدر وحدد مسئولية وزارة المعارف لكن هنالك تداخل كبير جداً اثناء التخطيط واثناء تنمية القرى والمدن - كثير من المواقع التي ذكرها الدكتور عبد العزيز,, سبع مناطق فيها تداخلات كبيرة جداً,, ان هذه المدن تقرأ وتعرف من آثارها انها ترجع الى ثلاثة آلاف أو 4 آلاف سنة, فيها استمرارية استقرار حضاري حتى عصرنا الحاضر, بعض المدن نمت على مدن قديمة, المشاهد العادي لايدري ان هذه المدن قامت على مدن سابقة,, كان في توجيه من وزارة المعارف بالمحافظة على هذه المواقع لأنها فيها تميز يوضح لك الآثار التاريخية القديمة أي الآثار الاسلامية الى عصرنا الحاضر واضحة نشاهدها بالعين يجب ان تنزع ويحافظ عليها وتكون مجالا للدراسات المستقبلية, التنقيب عن الآثار يحتاج الى جهد والى كلفة وليس من الضرورة ان يتم الآن قد يكون بعد عشر سنوات، بعد عشرين سنة ، بعد 30 سنة حسب توفر العلماء والمتخصصين في كل حقل من حقول الآثار، الذي حدث انه نتيجة لمداولات ولجان كثيرة وكثير من الذين اشتركوا في هذه اللجان ليسوا متخصصين لايعرف قيمة الأثر مثلاً العضو من وزارة المالية يقول هذه ليست آثار,, يحتج تروح تقنعه,, أو الذي يمثل وزارة الداخلية او من امارة المنطقة, يظل التخصص في ذلك الوقت حصيلة معرفية محدودة,, ويظل ضعيفا لذلك كثير من الصكوك التي كانت في حوزة وزارة المعارف بعد عشر او 15 سنة بطريقة او بأخرى اعيدت لاصحابها وطبعا إعادة الصكوك معناه تصريح بازالة هذه الآثار.
اما الأهالي يهدمون البيوت وتبنى بيوت جديدة او تهدم بسبب التوسع الزراعي وعلى سبيل المثال في الجوف في دومة الجندل كان فيه توجه لانشاء مزارع وتدخلت الوزارة وقامت بحفريات انقاذية والذي اكتشف لايصدق في باطن الارض آثار موغلة في القدم وظهرت صناعات الا ان كثيرا منها فقد - عندما تسلم الدكتور محمد الرشيد مسئولية وزارة المعارف وهو اهل لهذه الثقة لانه رجل تربوي حاول ان يعيد الكرة ونحافظ على هذه الآثار, صدر توجيه من المجلس الاعلى للآثار على ان تتعاون وزارة الشؤون البلدية والقروية مع وزارة المعارف بالحفاظ على هذه الآثار بطريقة او بأخرى كأن نعوض الملاك باراضي او بمال,, الان التعويض بمال ليس واردا لان الدولة تدعم بقروض وتسهيلات في مجالات السكن والبناء,, هذه نقطة يجب ان يوجد لها الحل.
يجب ان يوجد لها الحل,.
اما قضية تسوير المواقع الاثرية التي في باطن الارض هي في علم الغيب قد تكتشف نتيجة صدفة اما رمال تزال او سهول متتالية وامطار غزيرة فهذه حالات معايشة ومعروفة سواء الامطار الموسمية التي تأتي في الصيف في عسير وتهامة او امطار الموسم في الشتاء التي تعم معظم انحاء المملكة ففي كل منطقة يقولون اكتشفنا قصراً لان هذه حضارات سادت ثم بادت وغطتها الرمال مثل قرية الفاو كانت مدفونة لمدى اكثر من 28 سنة حفريات اثرية تم الكشف عن مدينة عاصمة كبيرة جداً في نجد في وسط الجزيرة العربية عند وادي الدواسر وطريق نجران، عندنا منها المئات,, شيء معلوم وشيء غير معلوم, هنا يأتي دور المواطن ودور الفهم عند مختلف القطاعات الحكومة أو الافراد مثلاً لما تعطي مواطن قطعة كبيرة بحيث يزرعها اذا اكتشف الاثر قال هذا ملكي او خمسه,.
التراث العمراني ليس له والٍ، لا احد وصي في بلادنا على التراث العمراني هو له صلة بماضينا في شيء ممكن يبقى وشيء ممكن يزال, نظام الآثار ليس فيه شيء اجتهادي,, نحافظ على نمطية بعض المباني التاريخية على اساس ترمم,, هذا اجتهاد محدود ولاتستطيع ان تتولى في كل مدينة أو قرية بيتا قديما يجب المحافظة عليه,, في اوروبا مثلا اثناء تسيير خطوط الترام ومقر الانفاق للمترو او توسعة الشوارع اذا وجدوا أثرا توقفوا ليس لان النظام قوي يجبر الجهات الحكومية والمؤسسات الأهلية بل لوعي الموجود لديهم,, ويتم تعديل المشروع بحيث ان الآثر يبقى ولعل ندوة الآثار ان شاء الله تتضمن شيئا من هذا القبيل, في اليابان والمعروف ان رقعتها الجغرافية ضيقة ومعظمها جبال احيانا اذا ارادوا ان يبنوا عمارة ووجدوا اثر التقنية الحديثة تمكنهم من ان يبنوا 15 و30 دورا لكن الادوار السفلية تخصص للأثر تقوم القواعد ويبقى الاثر ويصبح متحفا حتى الناس تشاهده,, لو روعي ذلك في بداية التنمية في بلادنا لما زال كثير من الآثار في المدن,, أنا لا ارمي اللوم على جهة بل ما اطالب به لغة مشتركة,, نحن رجال اليوم لدينا اثار سواء في المدن او خارجها كيف نحافظ عليها,, اتمنى ان تكون هنالك لجان مشتركة دائمة بين وكالة الآثار ووزارة الشؤون البلدية والقروية تدعم قادرة على فك الاشتباك والخروج بمحاضر قابلة للتنفيذ لا تدخل في روتين الكتابة لان هنالك يومياً آثارا تزول.
لقد تتبعنا تعاليم,, المقام السامي اذا لجأنا اليه يتفهم ويصدر توجيهاته لكل القطاعات بالتالي القطاعات يفترض ان تتفاعل مع مايصدر من الجهات العليا، على سبيل المثال لدينا في عام 1401ه قرار من مجلس الوزراء في بداية الخطة الثالثة صدر قرار رقم 25 بتاريخ 15/2/1401ه وذلك بعد ان تنبهت وزارة المعارف بان الآثاريين بدءوا يسطون عليها ماذا نص عليه القرار الموافقة على طلب وزير المعارف ورئيس مجلس الآثار بالزام الوزارت والجهات الحكومية المعنية بضرورة المحافظة على المعالم التاريخية والمدن والاحياء القديمة وعدم ازالتها والحرص على تفادي الاضرار بها عند التخطيط اذاً من المفترض ان كل قطاع بحكم مسؤوليته يلتزم بهذا التوجيه الكريم وتوقيع آليه سواء عند التخطيط او التنفيذ.
تداخل الاختصاصات
* مادام هنالك الزام واضح من الجهات العليا فلماذا يكون هنالك تهاون؟
د, عبد العزيز الخضيري: القضية ليست مسئولية من, الامر السامي الذي اشار اليه الدكتور سعد له اوامر لاحقة أعطى توجيهات اخرى خاصة بالمحافظة على جزء من بعض الاحياء, وزارة البلديات تعاني من مشكلة الازالة,, هنالك لجنة ممثلة من وزارة الداخلية، وزارة البلديات والجهات المعنية,, فعندما يكون هناك مبنى يشكل خطراً سواء في حي قديم او منزل قديم تطلب ازالته يخلى ويزال,, الكثير من المواقع ازيلت اولاً لخطورتها ثانيا بسبب اشكالات امنية اذ صارت تمارس فيها مخالفات، ثالثاً تكون في طريق وتوسعة عمرانية الى اليوم ليس لدينا نظام واضح ومعلوم للعقوبات والتجاوزات، القاضي في محكمة يصدر صكا عليه أثر ويملكه الشخص ومالك الارض يستطيع ان يزيل الاثار دون ان نعلم لان النظام في المملكة ان الانسان حر في ملكه يتصرف كيف يشاء.
*اذاً لابد من مراجعة الانظمة؟
-الدكتور سعد الراشد: يجب ألا تعمل كل جهة لوحدها يجب ان يوظف موضوع الاثار بطريقة علمية وادارية لذلك التوجيه في عام 1401هْ لوكان فيه الزام كل وزارة تقوم بتنفيذ التعليمات الخاصه بها,, ربما التطورات التي حدثت بسرعة الانجاز تعطي بعض الاعذار للجهات الاخرى,, الخطط التنموية كانت تركز حول حاجة المواطن للسكن، الطريق، الكهرباء، الماء، المستوصف والمدرسة, فكانت الخطى سريعة وعاجلة,, ولاتوجد تعليمات منصوص عليها تنفذ من قبل البلديات المخططات على الورق ويبدأ في التنفيذ.
تتممة الندوة في الموضوع التالي

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
ملحق المدينة
منوعــات
ندوة الجزيرة
تقارير
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved