في مقاله الذي نشرته الجزيرة يوم السبت الماضي بعنوان هذه هي الحقائق حول القبول في الجامعات أوضح معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري أهم مشكلة واجهت وتواجه حالة القبول في الجامعات وهي تزايد النمو في خريجي الثانوية العامة بدرجة كبيرة تفوق درجة نمو إمكانات الجامعات، فقال ان اعداد الطلبة تنامت بصورة مذهلة فاقت التوقعات والمعايير المألوفة وذكر أن الجامعات تبذل كل ما في وسعها لمواجهة ذلك ثم قال: ولكننا نقول بكل صراحة إننا في الجامعات لا نستطيع ان نقبل كل متخرج من الثانوية العامة ولا ينبغي لنا ان نفعل ذلك لأن هناك مؤسسات أخرى تشاركنا المسؤولية وهناك مجالات أخرى غير مجالات الدراسة الجامعية ولابد ان نشكر معاليه على صراحته، لكن لابد ان نقول ان ما ذكره هو محل اتفاق الجميع إذ لا يوجد عاقل يطالب الجامعات بقبول جميع الطلبة والطالبات وإعفاء كليات رئاسة تعليم البنات ووزارة المعارف والتعليم الفني والعسكري من قبول نصيبها من ذلك، لكن محل الخلاف هو النصيب الذي يُفترض ان تتحمله الجامعات من جملة الخريجين، والقدر الملائم من النمو السنوي الذي يفترض ان يكون في عدد المستجدين لديها.
ومعاليه تعرض في مقاله لذلك النمو أكثر من مرة فعرض واقع هذا النمو ولكن بشكل مختلف في كل مرة عن الأخرى، فمرة قال إن إمكانات الجامعات لا تواكب الزيادة المطردة في أعداد الطلاب وبالسرعة نفسها على الرغم من الجهود التي تبذل في هذا السبيل أي أن النمو موجود ولكن ليس بذلك الحجم المواكب وبنفس السرعة، ومرة قال إن أعداد المتخرجين من الثانوية العامة يزداد عاماً بعد عام بصورة تفوق نمو القدرة الاستيعابية للجامعات ومؤسسات التعليم العالي الأخرى أي أن هناك نمواً في القدرة الاستيعابية للجامعات لكنه أقل من حجم نمو خريجي الثانوية العامة، وفي موضع ثالث قال إن الجامعات قد اجتهدت من جانبها فضاعفت من الأعداد التي تقبلها كل فصل دراسي أي أن النمو في حجم الاستيعاب في الجامعات كان قوياً يصل الى الضعف في كل فصل دراسي، وهكذا,, فما ذكره معاليه في كل مرة يؤكد وجود النمو في حجم استيعاب الجامعات من الطلبة الجدد ولكن باختلاف في حجم هذا النمو، وكما عرض معاليه درجة النمو في مقاله بالأقوال، فقد عرضها بالأرقام أيضاً لكن من الملاحظ ان أقوال معاليه عن حجم النمو في استيعاب الجامعات لا تنسجم مع الأرقام التي ذكرها، فالأرقام التي عرض بها أعداد المقبولين في كل جامعة من الجامعات السبع على مدار السنوات الخمس الماضية في الجدول الاحصائي المصاحب لمقاله لا يتضح منها وجود نمو يذكر في حجم استيعاب الجامعات، بل يتضح وجود تراجع في بعض الجامعات، فجامعة أم القرى قبلت عام 16/1417ه 6369 طالباً في حين لم تقبل عام 19/1420ه سوى 4789 أي بنقص قدره أكثر من 1500 طالب، وجامعة الملك سعود كان عدد الطلبة المقبولين بها عام 16/1417ه 13592 وانخفض في عام 19/1420ه الى 12718 طالباً، وجامعة الملك فيصل كان عدد الطلبة المقبولين بها في سنة 16/1417ه 2731 طالبا، أما في عام 19/1420ه فقد انخفض الى 2679 , أما بقية الجامعات فزادت زيادات طفيفة عدا جامعة الملك عبدالعزيز التي كان عدد المقبولين بها 8265 فأصبح 11596 ، وهذه الأرقام كما هو واضح تقارن عام 16/1417ه بعام 19/1420ه, أما لو جعلنا المقبولين في الفصل الأول في العام الحالي هو محل المقارنة فإننا سنجد المقبولين فيه في مختلف الجامعات 33835 طالباً وطالبة في حين أن المقبولين في عام 16/1417ه 41917 في كلا الفصلين.
وإذن، فمن الواضح ان النمو في استيعاب الطلبة الجدد شبه متوقف منذ خمس سنوات على الأقل وهي الفترة التي أوضحها البيان الرقمي المصاحب لمقال معالي وزير التعليم العالي، أي من المحتمل ان التوقف في النمو كان قبل ذلك، ومن الواضح ان هذا التوقف قد حصل بعد فترة كان النمو يزداد فيها الى الضعف كما هو واضح من قول معالي وزير التعليم العالي ان الجامعات قد اجتهدت من جانبها فضاعفت من الأعداد التي تقبلها كل فصل دراسي ، إذ من المحتمل أنه كان يقصد فترة سابقة للفترة التي شملتها بياناته، ومن الواضح كذلك أن هذا التوقف في النمو كان يصاحبه، ليس فقط استمرار في معدل نمو خريجي الثانوية العامة، بل زيادة كبيرة مطردة في هذا النمو وهي زيادات تتراكم تحت سقف الجامعات المتوقف عن الارتفاع فينتج ما ينتج من آثار، ومن الواضح أيضاً أن السبب في توقف نمو قبول الطلبة الجدد في الجامعات هو توقف نمو البنود المالية وأن غرض الجامعات من إيقاف النمو في ظل هذا الوضع المالي هو المحافظة على المستوى العلمي والتعليمي، كما أنه واضح أن هذا التوقف في زيادة البنود المالية موجود أيضاً بالنسبة للتعليم العام، ومع ذلك لم يتوقف النمو في عدد الطلبة لكي تتم المحافظة على المستوى التعليمي كما حصل في الجامعات,, فأين وجه الخطأ والصواب في ذلك,,؟؟ وما هي الآثار المترتبة عليه,,؟؟,,
وهل توقف النمو أيضاً في مؤسسات التعليم الجامعي الأخرى كما حصل في الجامعات,,,؟؟,.
هذا ما سيكون مدار حديثنا في حلقة قادمة.