مع مرور كل يوم تزيد قناعتي بأن توجه الدولة - حفظها الله - بإشراك القطاع الخاص في صنع التنمية السعودية لم يعد مجرد حبر على ورق ولم يعد حبيس التنظير، حيث اثبتت لنا الأيام عزم الدولة الجاد في اعطاء القطاع الخاص الأهمية التي يستحقها في بناء اقتصادنا الوطني، وخصوصا وأن الخطة التنموية السادسة قد أكدت على ذلك في أكثر من محور, ويكفي للدلالة على ذلك أن يأتي أحد الأهداف العامة للخطة مؤكداً على الاستمرارية في تشجيع إسهام القطاع الخاص في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
إن ما دعاني أن استهل حديثي بهذه الأسطر ما أقره مجلس الوزراء الموقر في جلسته المنعقدة يوم 24/6/1420ه، حيث جاء منصوص قرار المجلس متضمناً التالي: (وافق مجلس الوزراء على السماح للجهات التعليمية بعد التنسيق مع وزارة المالية والاقتصاد الوطني باستثمار جزء من الاراضي والمباني المدرسية الواقعة على الشوارع الرئيسية مثل إنشاء محلات تجارية أو وضع لوحات إعلانية وذلك وفق الاجراءات النظامية ومعايير التخطيط المتبعة وتخصيص ريعها لتعزيز بند صيانة المباني المدرسية في ميزانيات الجهة التعليمية),وفي الوقت الذي أؤكد فيه على ان مثل هذا القرار الحكيم يحمل في طياته الكثير من الفرص الاستثمارية التي ستتاح امام العديد من مؤسسات وشركات القطاع الخاص لاستثمار أموالهم محلياً، فإنني أجزم بأن المجالات الاستثمارية التي تضمنها القرار قد أتت على سبيل المثال لا الحصر، حيث أن هناك العشرات من الفرص المجدية والتي يمكن لكافة المؤسسات التعليمية استثمارها سواء تعلقت تلك الفرص بالاستثمار الإعلاني المتعلق بالمبنى المدرسي او بالكتب المدرسية أو من خلال إتاحة الفرصة للمدارس بتأجير واستثمار ساحات وقاعات المدرسة مقابل رسوم يمكن الاستفادة منها في صيانة ونظافة المدرسة أو غيرها من الفرص الاستثمارية الأخرى, ومما لا شك فيه أن كل مؤسسة من مؤسسات التعليم المختلفة مطالبة بوضع استراتيجية واضحة يمكن من خلالها دعوة كافة الأفراد ورجال الأعمال والمستثمرين للاستفادة من تلك الفرص الاستثمارية المتاحة، خصوصا وأن رجال الأعمال يدركون أن مقدرة الاقتصاد السعودي على التطور تتوقف على مقدار ما يتم إنفاقه من استثمارات جديدة, كما تجدر الإشارة إلى أهمية قيام المؤسسات التعليمية المختلفة بإنشاء الادارات المتخصصة القادرة على ترجمة مختلف الفرص الاستثمارية وتزويدها بالخبرات المتخصصة وأخص منهم بالذكر الدكتور/ حافظ المدلج والذي له اسهامات وكتابات متعددة في هذا المجال, كذلك فإن لوسائل الإعلام دورا هاما في دعوة رجال القطاع الخاص للإسهام الفاعل في هذا المجال أيضاً.
وختاماً أتمنى أن لا تقتصر تلك التوجيهات الاستثمارية المجدية التي أقرها مجلس الوزراء الموقر على الأجهزة والمؤسسات المعنية بالتعليم فحسب، حيث تزخر العديد من أجهزة الدولة الأخرى بالكثير من الفرص المجدية التي يمكن استثمارها والاستفادة منها كمصدر دخل مجد يدعم موازنات تلك الأجهزة، إلا أن ما يتوجب وضعه في الاعتبار هو أن الخروج بقرارات حكيمة مجدية لمجلس الوزراء يسمح لتلك الأجهزة بالاستفادة من ذلك، لا يمكن أن تتم ما لم تبدأ الدراسات الأولية والمبادرة من قبل تلك الأجهزة نفسها.
|