يوم السبت الماضي اعلن قائد القوات الروسية في منطقة شمال القوقاز الجنرال فيكتور كازانتسيف ان قواته باتت على بعد 20 كيلاً من وسط العاصمة الشيشانية غروزني.
وأول أمس أعلن ان قواته دخلت ضواحي العاصمة غروزني، بمعنى أنها - القوات- باتت على مسافة أقل من 20 كيلاً من وسط العاصمة غروزني بحيث لم يعد يحتاج الى استخدام منظاره المكبر للأشياء لكي يرى الأشياء في العاصمة غروزني على طبيعتها في حركة الحياة العامة هناك!.
ومع ذلك يقول الجنرال كازانتسيف إنه لم يتلق الأوامر - بعد من موسكو لكي يدخل العاصمة غروزني بعد ان تجاوزت قواته ما أسماه قادة الكرملين الحزام الأمني الذي قُصِد به عزل الشيشان من جهة، وتأمين حدود روسيا من جهة هذه الجمهورية الاسلامية الصغيرة التي يناضل شعبها الشقيق منذ ثلاث سنوات من أجل تكريس استقلاله الذي اعلنه من جانب واحد بعد ان قرر صُنَّاع القرار الروسي الاستمرار في نفس السياسات الروسية المتبعة منذ عهد حكم القياصرة الذي دام ثلاثة قرون قبل ان تضع ثورة اكتوبر البلشفية حدّاً له، كما قرروا - صُنّاع القرار في الكرملين- الاستمرار -أيضاً- في سياسة العهد السوفياتي الذي دام سبعة عقود زمنية قبل ان ينهار ويزول قبل عشر سنوات مضت، وهي السياسة الاستعمارية التي اعتمدت دائماً على القوة العسكرية الغاشمة لقهر إرادة شعوب منطقة شمال القوقاز المسلمة، وحرمانها من حقوقها الوطنية والانسانية في الاستقلال والحرية والسيادة الوطنية.
وما تقوم به روسيا الآن ضد جمهورية الشيشان هو عين ما قام به القياصرة والبلاشفة وامتداد لنفس تلك السياسة الاستعمارية الاستبدادية التي تلبس لكل زمن وطور من أطوار الحياة ما يلائمه من لبوس السياسة والخداع لتبرير العدوان على الشعوب الصغيرة وبخاصة المسلمة منها.
وتلبس روسيا الآن كما يلبس أعداء الاسلام والحرية لبوس أدعياء الحرية والسلام والأمن ليشنّوا الحروب على كل شعب مسلم يطلب حقوقه المشروعة في الاستقلال والسيادة وحرية الارادة في الاختيار تحت شعار مكافحة الارهاب .
وهكذا يُجرون عملية غسيل مخ للرأي العام العالمي، وإيهامه - حتى يقتنع بالوهم- بأن الاسلام هو منبع الفكر الارهابي، وأن المسلمين هم الارهابيون,, تماماً كما قال أحد الكرادلة الكاثوليك يوم الاحد الماضي أمام مؤتمر في حاضرة الفاتيكان وبحضور البابا بولس الثاني عندما هاجم الاسلام هجوما مقذعاً واتهم المسلمين بالإرهاب، وحذر من سيطرة المسلمين من جديد على العالم!!.
وحرب الروس في الشيشان اليوم برّرها قادة الكرملين بحجة القضاء على الارهابيين المسلمين .
والهدف الحقيقي من هذه الحرب هو منع أي ململة من جانب أي شعب قوقازي مسلم يريد حقوقه في الاستقلال والسيادة وحرية الاختيار.
وقد سبقت حرب الشيشان وبنفس الأسباب ولذات الأهداف حرب البوسنة التي قسمت أرض الجمهورية المسلمة الى كيانات عرقية ودينية حتى تمنع وجود أغلبية مسلمة تقيم دولة بوسنوية مسلمة في قلب أوروبا!.
وقد قالها جزار حرب البوسنة رادوفان كاراديتش عندما قال بالفم المليان:إننا نحارب المسلمين بالوكالة عن أوروبا والمسيحية لنمنع قيام دولة مسلمة في قلب أوروبا .
وبعد حرب البوسنة،جاءت حرب كوسوفا حيث أدت صربيا نفس الدور وحولت بليوناً و900 ألف مسلم من مجموع مليونين و500 ألف نسمة هم مجموع سكان الاقليم الى لاجئين بما أفقد مسلمي كوسوفا أغلبيتهم، بل إن قادة حلف الأطلسي أعلنوا صراحة معارضتهم ورفضهم لاستقلال كوسوفا حتى لا تقوم دولة مسلمة فيه تنضم أو تتحالف مع جمهورية ألبانيا، خصوصاً وأن مسلمي كوسوفا من العرقية الألبانية!.
وهناك إقليم السنجك المحشور جغرافياً بين جمهوريتي صربيا والجبل الأسود وهو ذو أغلبية مسلمة من العرقية البوسنوية .
والدور على سكانه المسلمين اذا ما تحركوا يطلبون الاستقلال والحرية!
وما تقوم به روسيا الآن في الشيشان جزء من هذه الاستراتيجية بموافقة ومباركة كل مَن يتهم الاسلام والمسلمين بالارهاب.
ولن يسلم شعب الشيشان من آلة الحرب الروسية ما لم يرفع الراية البيضاء للتفاوض على الاستسلام!.
الجزيرة