عندما قام الجيش الباكستاني بالتمركز في مواقع لوجستية متقدمة في مواجهة القوات الهندية في كشمير المحتلة من الهند والدعم الباكستاني المباشر للمجاهدين الكشميريين المسلمين والذي مكنهم من احتلال المواقع الجبلية المشرفة علىكشمير، اصبحت القوات الهندية في وضع صعب وحرج للغاية، وكان القرار الباكستاني هو نتاج اتفاق السياسيين والعسكريين لاخضاع الهند لمفاوضات مباشرة حيال تقرير المصير لكشمير المحتلة وفق قرارات الامم المتحدة.
وقد تعرض رئيس الوزراء الباكستاني المخلوع (نواز شريف) لضغوطات امريكية مكثفة لاجباره على سحب القوات الباكستانية من مواقعها، المتقدمة ونتيجة لهذه الضغوطات انصاع رئيس الوزراء الباكستاني السابق وامر بسحب القوات الباكستانية من مواقعها وبذلك تكون الهند قد حققت انتصاراً معنوياً على باكستان في مقابل هزيمة معنوية كبرى للجيش الباكستاني وقد جاء قرار رئيس الوزراء الباكستاني السابق خلافاً لرغبة القادة العسكريين والجيش الباكستاني حيث شعروا بمرارة هزيمة هم لايستحقونها ، ومما زادهم حنقا هو اقدام رئيس الوزراء السابق بإصدار قرار يقضي بعزل رئيس اركان الجيش الباكستاني الجنرال (مشرف) وتعيين الجنرال (ضياء الدين) رئيس جهاز المخابرات العسكرية بدلاً منه, وفي خضم هذه المواجهة بدأ القادة العسكريون تخطيطهم السريع للإطاحة بالحكومة المدنية وتولي السلطة وقد فعلوا ونجحوا بقيادة الجنرال (مشرف).
اما الولايات المتحدة الامريكية فقد كشفت سياساتها الاخيرة عن رفضها للانقلاب العسكري في باكستان وقد ظهر ذلك مبكراً وقبل حدوث الانقلاب وذلك بتحذيرها (نواز شريف) من بوادر انقلاب يقوده رئيس الاركان، ويبدو انها قد اوعزت له بعزله من منصبه الا ان قادة الجيش رفضوا قرار عزل رئيس الاركان وسيطروا على الوضع.
وقد بدأت الحكومة الامريكية بفرض عقوبات اقتصادية على باكستان وهي عقوبات كانت مطبقة منذ عهد الرئيس الباكستاني الاسبق ضياء الحق وان خفت وطأتها في السنوات الاخيرة.
ان اكثر المتضررين من الانقلاب هم الهند واسرائيل، فالهند تدرك ان القادة العسكريين الباكستانيين سوف يتعاملون معها على مستوى الندية وسوف يكونون اكثر صلابة تجاه الاحتلال الهندي لكشمير وبنفس القوة تجاه سباق التسلح النووي بين الدولتين, اما اسرائيل فهي على استعداد لدعم اي دولة عندما تكون على عداء او على الاقل لاتميل في سياساتها للدول الاسلامية حتى وان كانت هذه الدولة بعيدة عنها كماهو حادث من الموقف الاسرائيلي تجاه كل من باكستان والهند فهي تدعم الاخيرة وتعادي الاولى ويبدو ان نفس العقدة موجودة لدى امريكا فالمعروف ان باكستان كانت هي الاقرب للولايات المتحدة الامريكية بينما الهند كانت تميل الى الاتحاد السوفيتي السابق وبعد انهياره والتطورات الدولية المعروفة بدأت أمريكا تعمل على تقوية علاقاتها مع الهند على حساب باكستان وبذلك فإن السياستين الامريكية والاسرائيلية ملتقيتان في هذه النقطة، وان كان لكل منهما اهدافه الخاصة.
ان من مصلحة الولايات المتحدة ان لاتخسر باكستان او تزيد جرعات الضغوطات عليها لانها بذلك تدفعها لتكون الى صف اعدائها خاصة أن باكستان دولة محاذية لافغانستان ومن الممكن ان تمثل غطاء للطالبان والاصوليين المتشددين فيها والمناوئين لأمريكا,, مما قد يجر عليها مشكلات متعددة, الحكمة السياسية تتطلب من الولايات المتحدة الامريكية الابتعاد عنها او على الاقل احتواءها بقدر الامكان.
اما الدول العربية والاسلامية وعلىوجه الخصوص الدول الخليجية فإنه ينبغي عليها التعامل مع الاحداث في باكستان كشأن داخلي وان تكون علاقاتها معها في اطار تبادل المصالح، وتأطيرها في حدود المصالح الاسلامية العليا بصرف النظر عن السياسات الغربية واهدافها في باكستان او في المنطقة ككل اما على مستوى الحكم الجديد في باكستان فلاينتظر منه ان يشتط في سياساته الخارجية او ان يكون هناك تغيير جوهري تجاه علاقاته السياسية او الاقتصادية او العسكرية مع الدول الاسلامية والعربية، وعلى وجه التحديد مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فالعلاقات الباكستانية الخليجية ثابتة وعميقة وغير قابلة للتبدل لكونها ضمن الثوابت والقيم بين الشعب الباكستاني المسلم والشعوب العربية الخليجية الاسلامية.
متعب السيف
J-khk*ayna.com