Wednesday 20th October, 1999 G No. 9883جريدة الجزيرة الاربعاء 11 ,رجب 1420 العدد 9883


ألقاب رؤساء الدولة في الإسلام
د , عبدالله فهد اللحيدان

كان اول رئيس دولة إسلامية هو الرسول محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، ولم يتسم الرسول بلقب يدل على رئاسته للدولة على الرغم من ان وثيقة المدينة تظهر وبما لا يدع مجالاً للشك ان رسول الله هو الحكم النهائي بين مختلف الطوائف المكونة للدولة من مسلمين باختلاف قبائلهم وقومياتهم او يهود باختلاف قبائلهم كذلك, وقد قال صلى الله عليه وسلم لأحد الاعراب الذين جاءوا لمبايعته - وقد ظهر الخوف الشديد عليه - هوّن عليك فما انا بملك جبار، انما انا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد .
وكان صلى الله عليه وسلم يحكم الدولة بالشورى مع المسلمين فيما لم يرد فيه الوحي سواء في القرآن او السنة، وقد امر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم الرسول الكريم بمشاورة المسلمين (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر) الآية, وقال سبحانه وتعالى في موضع آخر (لست عليهم بمسيطر), ولما انتقل الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والتسليم الى الرفيق الاعلى لم يعين شخصاً محدداً ليخلفه في رئاسة الدولة, ولم يكن هذا نسياناً او تقصيراً ولكن لحكمة ارادها الشارع سبحانه وتعالى, وتتجلى هذه الحكمة في تقرير ان رئيس الدولة في الاسلام هو شخص من بين المسلمين لا يتميز عليهم بشيء ولم يختص الله من بينهم بل هم الذين اختاروه ليحكمهم بموجب الشرع فإن حاد عن الشرع فلا حكم له, ان اختيار رئيس الدولة في الإسلام هو عملية بشرية (بما لا يتنافى مع الارادة الالهية) وتتم وفق معايير شرعية وسياسية بما يحقق وحدة صف المسلمين وقوتهم, ولو اوصى الرسول العظيم عليه الصلاة والتسليم برئاسة الدولة لأحد من بعده لظن الناس ان هذا الشخص قد ورث النبوة او انه شخص مقدس او معصوم مثل الانبياء، ورئيس الدولة في الإسلام هو شخص مثل بقية الأفراد في الأمة وتختاره الأمة بناء على معايير شرعية وسياسية مثلما سبق أن ذكرنا, وكذلك لو فرض الرسول صلى الله عليه وسلم طريقة محددة لتولي الرئاسة لتناقض هذا مع مرونة الشريعة وصلاحياتها لكل زمان ومكان فالاسلام جاء ليحكم المجتمع القبلي والمجتمع المتحضر والمجتمعات القديمة والوسطى والحديثة، ولكل زمان ومكان اساليبه المناسبة وظروفه التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تجعل عملية اختيار رئيس الدولة مفتوحة لكل الظروف على ان يلتزم هذا الرئيس بتطبيق الشرع والعدل والمساواة والشورى.
وقد أجمع المسلمون بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم على ضرورة تولية خليفة للرسول في رئاسة الدولة الإسلامية, والاجماع كما هو معلوم من المصادر القوية للشريعة الإسلامية بل هو المصدر الثالث بعد القرآن والسنة ويستمد حجيته من قول الرسول عليه الصلاة والسلام (لا تجتمع امتي على خطأ) وقد تسمى اول خليفة للدولة في الاسلام بعد الرسول صلى الله عليه وسلم باسم (الخليفة) او خليفة رسول الله, ثم لما تولى عمر بن الخطاب الخلافة سمي ب(خليفة خليفة رسول الله) (كررت خليفة مرتين لأنه خلف خليفة الرسول) فرأى عمر - رضي الله عنه - في ذلك مشقة فأمر ان يسمى بأمير المؤمنين, ثم لما تولى عثمان - رضي الله عنه - تسمى ب(خليفة رسول الله مباشرة), وهكذا ظل الرؤوساء يتسمون بهذا الاسم.
وفي العصر العباسي الثاني والذي بدأ حوالي سنة 900م تفككت الدولة الاسلامية وقام عدد من الامراء والسلاطين على كل ناحية فيها, الا ان رؤساء هذه الدول لم يتسموا بلقب خليفة فظل الخليفة هو الخليفة العباسي في بغداد ورؤساء هذه الدول يتسمون بألقاب مثل امير او سلطان, وكان هؤلاء الامراء والسلاطين هم الحكام الحقيقيون للدولة الإسلامية، اما الخليفة فأصبح مجرد منصب رمزي يوحي بوحدة دار الإسلام على تعدد الدول فيها,, وبعد الغزو المغولي اضطر الخليفة العباسي لمغادرة بغداد والنزوح للعيش في حماية المماليك في القاهرة, ولما انتصر العثمانيون على المماليك في مرج دابق سنة 1516 اشتروا لقب الخلافة من آخر الخلفاء العباسيين الذي تنازل للسلطان العثماني عن هذا اللقب، وهذا ما زاد الدولة العثمانية مكانة واعطاها نوعا من العلو والسمو على بقية الدول الإسلامية فسلطانها هو الخليفة, وظل رؤساء الدول الإسلامية الأخرى يدينون بنوع من الولاء الرمزي للخليفة العثماني, ولما انهارت الدولة العثمانية في اعقاب الحرب العالمية الأولى على يد احد ضباط الجيش ويدعى مصطفى كمال الغى منصب الخلافة ثم دخل مسمى جديد ولقب جديد على الدول الإسلامية وهو لقب ملك يسمى خديوي مصر بلقب ملك، كما تسمى الشريف حسين في مكة بهذا اللقب, ولما دخل السلطان عبدالعزيز آل سعود مكة المكرمة بايعه اهلها ملكاً على الحجاز وقد ذكر بعض المؤرخين كراهية الملك عبدالعزيز لهذا اللقب وبالذات للفظ صاحب الجلالة المرافق له, ولكن كان من الضروري ان يتسمى بهذا اللقب حتى لاتكون الدولة السعودية اقل مكانة من الدول الإسلامية الاخرى, فلقب امير او سلطان اقل مكانة من الناحية التاريخية الحديثة من لقب ملك ثم وفي سنة 1407ه اعلن الملك فهد بن عبدالعزيز عن تخليه عن لفظ صاحب الجلالة المتعارف دولياً على مرافقته للقب ملك والاستعاضة عنه بخادم الحرمين الشريفين لتبيان تفرد هذه الدولة وتميزها عن بقية الدول الإسلامية ودول العالم بخدمة الحرمين وخدمة الإسلام والمسلمين.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
الاســـواق
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
ملحق المدينة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved