عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله
يقال: (ان بصمات اصابع البشر لا يمكن لها ان تتماثل) وكذا نفوسهم، كما انك لو تأملت في وجوه الناس في اي جمع ما لانعدم تماثلها، حتى التوائم الذين تتشابه ملامحهم - تتشابه ولكنها لا تتماثل قط! وكذلك نفوسهم هذا كله وغيره يدفع الانسان ان يكون متفردا ونسيج وحده؛ لذا فان مما عمت به البلوى، وكان ذريعة للفشل هو التقليد الذي يعيشه المرء عبر اطوار حياته ، ذلك التقليد الذي يكون نابعا عن الشعور بالنقص، وقد احسن الله خلقه, قال تعالى: لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم فنرى حياة معظم البشر متشابهة، فالاب يريد من ولده ان يقلده في كل شيء ولايدع له مجالا للحرية وهذا الشاب متأثر بتلك الشخصية واسير لها!,ولست اعني بالتقليد المذموم هنا هو التقليد للصفات السيئة فقط، وانما يدخل في ذلك حتى التقليد للصفات الحسنة اذا كان هذا التقليد تقليدا اعمى - اي لم يكن واعيا نابعا عن اقتناع او معاناة؛ لانه ان لم يكن كذلك فانه سيزول عند الصدمات التي يتلقاها، ولعل من الشواهد على ذلك ما نجده لدى بعض من يسافر الى البلدان التي ينتشر فيها الفساد، نراه لا يمضي عليه اسبوع واحد الا وقد ذاب.
وحتى لا نستطرد في الحديث عن التقليد الاعمى والتقليد الواعي، نعود الى (التفرد) الذي يتجاوز مرحلة التقليد الى مرحلة التميز، اذ ان كل شخص يملك ما لايملكه الآخرون ، ويستطيع اذا حاول وحاول وبذل الاسباب وقدم الجهود، حتى وان كانت يسيرة ان يصل الى غايته، فمن السنن الثابتة التي سنها الله (عز وجل) بذل السبب للحصول على المسبب، فموسى - عليه السلام - لم ينفلق له البحر الا بعد ان بذل السبب فضربه بعصاه,, وكذا:
ألم تر ان الله قال لمريم وهزي اليك الجذع يساقط الرطب فلو شاء ان تجنيه من غير هزه جنته ولكن كل شيء له سبب |
فعلى المرء ان يجتهد ويبذل ويقدم، وهناك عبارة لاديسون يقول فيها: ان الابداع 99% منه جهد 1% الهام! وقبل ذلك يقول الله تعالى: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين , مع العلم ان هناك ما يسمى ب (التوفيق والبركة) ومعنى ذلك ان الله يفتح على المرء الشيء العظيم ويبارك له فيه ببذل اليسير من المجهود!! يقول برايان تريسي في كتابه:علم نفس النجاح : ان كل انسان، كل انسان على الاطلاق، لديه ناحية معينة يستطيع ان يتفوق فيها، كل انسان يستطيع ان يكون رائعا في شيء ما .
واخيرا: فلعل عودة سريعة الى الوراء ترينا: كيف تفرد خالد بن الوليد في جهاده، وابو هريرة في رواياته، وعمر في عدله,, وغيرهم على مدار التاريخ.
علي بن حافظ كريري
جازان