Tuesday 19th October, 1999 G No. 9882جريدة الجزيرة الثلاثاء 10 ,رجب 1420 العدد 9882


قائد الانقلاب في باكستان يحدد نهج الحكم الجديد
الجيش لا ينوي البقاء في السلطة أكثر مما تدعوه الحاجة

* اسلام اباد - الوكالات
اعلن الجنرال برفيز مشرف الحاكم العسكري لباكستان تشكيل مجلس الامن القومي لادارة شؤون البلاد عقب الاطاحة بحكومة رئيس الوزراء نواز شريف الثلاثاء الماضي.
وقال الجنرال مشرف وهو ايضا رئيس لهيئة اركان الجيش الباكستاني انه سوف يرأس المجلس الذي يتألف من قادة الافرع الثلاثة الرئيسية للقوات المسلحة الباكستانية ومتخصصين في مجالات الاقتصاد والسياسة الخارجية والشؤون القانونية والداخلية.
واضاف مشرف في خطاب للامة حول سياساته في المستقبل ان لجنة خبراء ستقدم المشورة والبيانات المؤسسية اللازمة لمجلس الامن القومي.
واوضح مشرف انه سيتم تعيين حكومة تعمل في اطار التوجيهات العامة لمجلس الامن القومي.
وقال ان حكاما تتبعهم حكومات صغيرة سيتولون تسيير شؤون اقاليم باكستان الاربعة.
واضاف: سيتم اتخاذ جميع قرارات التعيين في الحكومة الجديدة على اساس الكفاءة المهنية والجدارة وطهارة اليد.
وعلى الرغم من ان الجنرال مشرف لم يلمح الى احتمال ضم سياسيين الى الحكومة الانتقالية المزمعة فانه قال لن اسمح بعودة الشعب الى حقبة الديمقراطية الزائفة وانما للديمقراطية الحقة.
وقال : لقد بات واضحا ان ما شهدته باكستان خلال السنوات الاخيرة لم يكن سوى ديمقراطية شكلية وليس جوهر الديمقراطية, ان شعبنا لم يتحرر مطلقا من نير الاستبداد.
واضاف مشرف انه تم تعليق العمل بالدستور مؤقتا واضاف: ليست هذه احكاما عرفية وانما طريق اخر نحو الديمقراطية.
وقال قائد الجيش الذي اطاح بنواز شريف في انقلاب سلمي في الثاني عشر من تشرين الاول/ اكتوبر الجاري لا تعتزم القوات المسلحة البقاء في السلطة اكثر مما تدعو الحاجة الماسة وذلك لتمهيد السبيل امام ازدهار الديمقراطية في باكستان.
غير انه لم يحدد اطارا زمنيا لبقاء الحكومة الانتقالية في السلطة في باكستان التي خضعت لحكم العسكريين لاكثر من نصف تاريخها منذ الاستقلال.
وتعهد مشرف باتخاذ خطوات ثورية لانعاش الاقتصاد المتداعي وشن حملة محاسبة بلا هوادة ضد الفاسدين.
وقال ان عملية المحاسبة ستستهدف بصفة خاصة اولئك المدانين بسلب ونهب ثروات البلاد والمتهربين من الضرائب ومن سداد القروض او من تمكنوا من اعادة جدولة ديونهم او حصلوا على تسهيلات في سدادها.
وامهل مشرف المتهربين من سداد القروض اربعة اسابيع لابراء ذمتهم المالية طوعا والا واجهوا العواقب القانونية.
وكانت حملة ملاحقة قد بدأت بالفعل ضد بعض من ابرز رؤوس الفساد المتهمين باستغلال نفوذهم السياسي للحصول على قروض ضخمة من البنوك ثم الاحتفاظ بالاموال.
واكد الجنرال مشرف للمجتمع الدولي انه لن يكون هناك تغيير في سياسة باكستان الخارجية وقال سنواصل احترام تعهداتنا والتزاماتنا الدولية كما كنا في الماضي.
وقال ان اسلام اباد تولي اهمية كبرى لعلاقاتها مع القوى الكبرى وبخاصة الولايات المتحدة.
وقال المحللون ان مشرف حاول ان ينقل للعالم الخارجي الانطباع بانه يمكن الثقة به وان الشعب الباكستاني امين ويمكن الاعتماد عليه.
ولم يلمح مشرف الى انضمام باكستان الى معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية لكنه قال اود ان اؤكد للمجتمع الدولي انه في الوقت الذي تحافظ فيه باكستان على مصالحها القومية الحيوية فانها ستواصل انتهاج سياسة الحد من الاسلحة النووية والصاروخية وتكون حساسة لاهداف منع الانتشار النووي ونزع التسلح على المستوى العالمي.
وهنأ مشرف الحكومة الهندية الجديدة بقيادة رئيس الوزراء اتال بيهاري فاجبايي بتولي مهامها رسميا وقال ارحب بعرضه لاقامة علاقات صداقة وأرد عليه بايجابية.
غير انه اكد مجددا استمرار دعم اسلام اباد القوي معنويا ودبلوماسيا وسياسيا للمقاتلين الاسلاميين الذين يحاربون الحكم الهندي في منطقة كشمير بجبال الهيمالايا.
ودعا مشرف الهند الى تنفيذ قرار مجلس الامن الدولي الصادر منذ عقود باجراء استفتاء لتقرير مصير كشمير.
وقد تسبب النزاع على الولاية المقسمة بين الهند وباكستان وتقطنها اغلبية من المسلمين من نشوب اثنتين من الحروب الثلاث بين غريمتي الجنوب الاسيوي منذ استقلالهما في وقت واحد عن الحكم البريطاني قبل اثنين وخمسين عاما.
وقال الجنرال مشرف ان باكستان سترحب باجراء محادثات غير مشروطة وعلى قدم المساواة ومثمرة مع الهند.
وقال: في الوقت الذي تتمتع فيه قواتنا المسلحة بالتجهيز الكامل للدفاع عن سيادة ووحدة اراضينا فاننا نرغب في ان يظل الوضع على طول حدودنا مع الهند وعلى خط السيطرة هادئا وسلميا.
كما اعلن الجنرال مشرف سحب القوات الباكستانية التي كان قد تم الدفع بها في خضم ازمة كشمير الاخيرة الى الحدود الدولية مع الهند وقال آمل في ان تكون هذه الخطوة اجراء ذا معنى لبناء الثقة.
وقبل ان ينهي خطابه وعد مشرف بان يكشف ارقام اقراراته الضريبية في خطوة غير معتادة في دولة ينظر فيها لمعظم السياسيين على انهم فاسدون.
واستشهد مشرف خلال خطابه كثيرا بالآيات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة واختتمه بالدعاء.
وفي غضون ذلك قام الحكام العسكريون الجدد بسحب القوات التي كان قد تم وضعها عند مقار اقامة بعض الوزارء السابقين وابلغوهم بانهم لم يعودوا رهن الاقامة الجبرية.
ومن بين هؤلاء الذين لم يعودوا رهن الاعتقال وزير الخارجية السابق سارتاج عزيز ووزير المياه والكهرباء جوهر ايوب ووزير الشؤون الدينية رجاء ظفار الحق ووزير شؤون كشمير مجيد مالك وذكرت مصادر عائلية ان هؤلاء الوزراء اصبحوا احرارا في التنقل كيفما يريدون.
وواصلت القوات الباكستانية اغلاقها لمستعمرة وزارية يعيش فيها وزراء اخرون من بينهم وزير الاعلام مشاهد حسين.
ومن ناحية اخرى طالبت رئيسة وزراء باكستان السابقة بنظير بوتو الخصم العنيد لنواز شريف في حديث صحفي نشر يوم الاحد الدول الغربية باعطاء الحكام العسكريين مهلة ستة اشهر لاعادة الديمقراطية الى باكستان.
واعربت بوتو التي انتخبت مرتين كرئيسة للوزراء واطيح بها مرتين ايضا من منصبها عن ترحيب حذر باسقاط شريف غير انها دعت الى اعادة الديمقراطية الى البلاد.
ورحب الكثير من الباكستانيين بالخطاب الذي وجهه الجنرال برفيز مشرف القائد العسكري الجديد للبلاد وحدد فيه السياسة التي ينوي اتباعها بعد الاطاحة بحكومة رئيس الوزراء المخلوع نواز شريف في انقلاب ابيض الثلاثاء الماضي.
وكان رد الفعل لدى رجل الشارع في العاصمة اسلام اباد هو تأييد المهام التي وضعها مشرف للحكم الجديد خاصة تركيزه على انه يحبذ اعطاء اولوية للقضاء على الفساد قبل العودة بالبلاد الى الديمقراطية الحقيقية.
وقد اشاد سهيل حشمت احد رجال الصناعة في مدينة بيشاور شمال غرب البلاد بخطاب مشرف لكنه استطرد قائلا: لا يمكن حل المشكلات الشائكة التي تواجهها باكستان بين عشية وضحاها, كما حدد الجنرال مشرف في خطابه قائمة بعدة اهداف كتمهيد للمرحلة الانتقالية وكان على رأس تلك الاهداف محاسبة المتورطين في الفساد وعدم تركيز السلطات وعدم تسييس مؤسسات الدولة اضافة الى ادخال تحسينات على القانون والنظام وتعزيز الديمقراطية واعادة بناء ثقة الامة في نفسها,وقالت نجاة انيس التي تعمل مدرسة انها وجدت ان خطاب مشرف الذي طال انتظاره (بسيط وصريح) ووصف امتياز علي احد سكان العاصمة الخطاب بانه ممتاز, وانتقل النقاش حول الانقلاب العسكري في باكستان الى الانترنت حيث اوردت اكبر صحيفة يومية تصدر باللغة الاردية دفاعا مؤثرا ذكرت انه اذيع على شبكة الانترنت من جانب بلال مشرف نجل قائد الانقلاب الجنرال برفيز مشرف, ويستخدم منتقدو الانقلاب وهم بصفة اساسية من الباكستانيين الذين يعيشون في الخارج موقعا على شبكة الانترنت لطرح آرائهم ومقارعة هؤلاء الذين قالوا ان الانقلاب كان ضروريا لازالة الفساد الذي عم البلاد, وفي تطور آخر بدأت حملة صارمة ضد المليونيرات مختلسي القروض المتهمين في باكستان باستغلال تأثيرهم ونفوذهم السياسي في الحصول على قروض من البنوك والاحتفاظ ببساطة بهذه الاموال.
وفي غضون ذلك تم سحب الحراس من منازل بعض الوزراء السابقين الذين تم ابلاغهم كما ذكرت الانباء بانهم لا يخضعون الان للاحتجاز.
وذكر المقال الذي اذاعه مشرف الابن والذي ورد اسمه على الانترنت باعتباره محللا واقعيا ان الجنرال مشرف الذي عين نفسه رئيسا تنفيذيا لم يكن لديه خيار ولم يكن من الممكن التأكد مما اذا كان كاتب هذا المقال هو الابن في الحقيقة.
وذكر المقال كيف امكننا الاستمرار كدولة سيئة الحكم على مدى 52 عاما ولماذا لم يكن هناك شخص واحد باستطاعته تقديم اصلاحات جذرية والى متى يمكن تجاهل الاغلبية المتكاثرة من العاطلين والفقراء.
وقال كاتب المقال ان والدي بذل جهدا واعيا في الا يستغل مطلقا نفوذه في مكاسب شخصية واستطرد قائلا: وقد فعل ذلك حتى الان دون اي تنازل او مساومة على مبادئه الاخلاقية.
وكانت معظم الحركة على هذا الموقع مؤيدة للانقلاب الا انه كانت هناك معارضة هامة تمثلت في اعراب الكثير من المساهمين عن رغبتهم في اعادة الديمقراطية للبلاد وعدم تدخل الجيش مرة اخرى في الشؤون السياسية مستقبلا.
وفي غضون ذلك قام الحكام العسكريون الجدد كما ذكر شهود عيان بسحب القوات التي كان قد تم وضعها عند مقار اقامة بعض الوزراء السابقين في اعقاب الاطاحة برئيس الوزراء نواز شريف في انقلاب غير دموي يوم الثلاثاء الماضي.
وجاء انسحاب القوات قبل ساعات من الخطاب الذي وجهه الجنرال مشرف الى الامة حول خططه المستقبلية.
وقالت الصحف ان السلطات العسكرية بدأت بشن حملة على كبار مختلسي القروض.
وقد اقيمت مراكز تفتيش عسكرية في المطارات وتم الغاء القبض كما تردد على عدد من مختلسي القروض وقالت صحيفة ذي نيوز اليومية لقد تم تزويد اطقم المطارات في جميع انحاء البلاد بأسماء وصور المختلسين.
وذكرت الصحيفة انه تم تقديم قائمة للجنرال مشرف تضم اسماء 250 من مختلسي القروض.
وقال تقرير الصحيفة ان هؤلاء الذين القي القبض عليهم لن يتم اطلاق سراحهم الا بعد سداد هذه القروض.
وقالت تقارير اخرى ان الحكام العسكريين اصدروا اوامر بالغاء القبض فورا على حوالي 45 شخصية مهمة من بينهم عدد من الوزراء في الحكومة المخلوعة.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
منوعــات
القوى العاملة
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
ملحق تحلية المياة
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved