Tuesday 19th October, 1999 G No. 9882جريدة الجزيرة الثلاثاء 10 ,رجب 1420 العدد 9882


ليس من خلال حفنة من الشباب الراقص
الأغنية في نهاية القرن,, نسيان وحرمان

* آه يالسمر يازين,, سري الليل يا قمرنا,, غريب,, ما نسيناك,, انا رديت,, وداعية,, وغيرها الكثير,, اصبحت تلك الاغاني علامة بارزة في تاريخ الفن الخليجي الاصيل والذي يعتمد على اركانه الثلاثة الاساسية والتي تسير بشكل متواز ومتساو في احياناً كثيرة,.
فالاغنية في السابق كانت عبارة عن كلام عذب جميل نتج عن معاناة صادقة وموسيقى معبرة عن احاسيس فياضة وفي النهاية تطريب والذي اصبح مفقوداً في هذا العصر,, فلم نعد نسمع تطريباً بل اصبحنا نسمع نعيقاً ادى لتلوث البيئة بجميع اشكالها وانواعها,,؟!
الفنان الكبير عبدالكريم عبدالقادر التقيته من خلال فعاليات مهرجان التلفزيون للدول الخليج العربية الذي انعقد مؤخراً في دولة البحرين الشقيقة حيث كان مكرماً وكالعادة عندما تشاهده للوهلة الاولى تشعر بأنه يحمل جبالاً من الحزن والهموم والمعاناة ناهيك عن حساسيته وخجله وادبه الشديد,.
وقد دار الحديث معه عن العديد من الامور الفنية وكنا نركز في حديثنا عن الاسفاف فيما يقدم من اعمال هابطة عديدة نشاهدها في كل ساعة ويوم عبر الفضائيات وغيرها,,؟!
وقد طرحنا قضية مهمة اثناء حديثنا تتلخص في كيفية المحافظة على الاصالة في الكلام واللحن والاداء وقد كان ابو خالد متشائما الى ابعد درجة في التزام الفنانين بالمحافظة على تلك الاصالة حيث علق بقوله من يسير مثلنا في هذا التوجه يشعر ان الدنيا تجاوزته وانه اصبح يعيش وحيداً بل معزولاً عن الآخرين ناهيك ان العديد من الفنانين الذين يسيرون على هذا النهج ليس لهم من مصدر رزق سوى هذا المجال فان لم يقدموا تنازلات ويسيرون مع التيار صاروا نسياً منسيا,,؟!
وفي ظل هذه المتغيرات التي حدثت خلال نهاية هذا القرن بالنسبة للاغنية سوف يكون مآلهم وبدون ادنى شك للنسيان والحرمان,, وعند هذا الحد توقف حديثي مع الصوت الجريح عبدالكريم عبدالقادر وانا اشعر بحسرة والم للحال الذي وصلنا له,, وهنا تكمن اهمية وجود جمعيات فنية وثقافية تساعد وتؤازر مثل هؤلاء الفنانين في المحافظة على فنهم الاصيل كأن يضمن لهم دخلاً شهرياً يغنيهم عن التنازلات والتي سوف تسيء بدون ادنى شك لتراثنا ومورثنا والذي يعتبر مخزوناً اصيلاً تستنير به الاجيال القادمة.
فحضارة الشعوب ايها السادة تقاس من خلال فنها وفكرها وثقافتها وليس من خلال حفنة من الشباب الراقص,,؟!
الساهر بين الحظ والنجومية
اذا تحدثنا عن الغناء العراقي الجميل يتبادر للاذهان مباشرة تلك الاصوات الدافئة المليئة بالحزن والشجن امثال ناظم الغزالي وخضيري ابو عزيز والياس خضر وغيرهم كثيرون,.
ولعل الذي ميز الاغنية العراقية محافظتها الشديدة على اقليميتها وعدم الهرولة خلف تغريب اصالتها بين الآلات الموسيقية او بين ما يجود به كتاب الاغنية الراقصة في هذا العصر,,؟!
وكذلك احتفاظها بعنصري الشجن والحزن والذي يمتزج برائحة دجلة والفرات وابو الخصيب كذلك معرفة تلك الاصوات بقوالب الغناء العراقي المختلفة,, وفي ظل انحلال الاغنية وهبوط مستواها في الوقت الراهن ظهرت لنا اصوات عراقية ليس لها علاقة البتة بلغة التطريب وعلى رأسهم كاظم الساهر الذي ساعدته الظروف وحسن الطالع اضافة لتدني مستوى الذوق العام وذلك في بروزه,.
يقول الناقد العراقي المعروف الاستاذ- عادل الهاشمي في تصريحه لاحدى الصحف حول هذا الموضوع بأن من اسباب بروز نجم الساهر ارهاصات وافرازات نفسية اضافة لغياب عمالقة الغناء العراقي ، كما يوضح الهاشمي ان الساهر لا يعرف قوالب الغناء العراقي ولا يستطيع ان يغني المقام والاطوار وحتى الابوذيه اضافة لمحدودية صوته وامكانياته الفنية المتواضعة ,,؟!
وللاسف الشديد، العديد من الناس يعتقدون بأن الساهر حالة خاصة في عالم الغناء بينما الواقع يقول ان اطلاقهم لتلك الاحكام يأتي بكل تأكيد جزافاً اذ ان هذا الفنان قد يملك بعض الاحاسيس ولكنه لا يملك العنصر الاساسي في اركان الاغنية الاصيلة الا وهو التطريب وكذلك يفتقد كثيراً لعنصر الحضور,,.
ولكنه استطاع وبجدارة استغلال ذكائه حيث استطاع ان ينتقل للقاهرة ويتصل بالعديد من المتعهدين ويحاول جاهداً ان يشارك بفقرة بسيطة من فقرات اي حفل يقام وكانت له الفرصة حيث استطاع ان يشارك ولاول مرة جماهيراً من خلال مسرح اضواء المدينة وكانت مشاركة باهتة ليس فيها من الفن شيء يذكر ولم يعر الحضور هذه الفقرة اي اهتمام,, وانصرف الساهر للبحث عن الدعم والمؤازرة حتى تعرف على الفنانة لطيفة التونسية والتي تعتبر نفسها من ضمن الاقلية من الفنانين المقيمين في القاهرة والساهر كذلك,,؟!
لذلك دعمت الساهر بكل امكانياتها واتاحت له الفرصة لان يشاركها حفلاتها وسخرت بعض الاقلام الصحفية للكتابة عنه باستمرار حتى استطاع من خلال الدعم المذكور ان يتواجد على الساحة الفنية المصرية,,وباعتبار الصوت والاحاسيس والامكانيات للاسف الشديد لم تعد مقياساً لقوة الفنان في هذا العصر,, فالنجاح حليف كل من له رصيد من العلاقات والاموال وفي النهاية الدنيا حظوظ كما يقول طيب الذكر,,؟!
سامي عبدالعزيز العثمان

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
منوعــات
القوى العاملة
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
ملحق تحلية المياة
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved