بحلول عام 2000 ميلادي سيكون العالم اجمع متحررا من مرض شلل الاطفال والهدف من هذا الشعار هو القضاء على هذا المرض من جميع انحاء العالم, ومنظمة الصحة العالمية لم تعلن عن هذا الشعار الا بعد دراسات واحصائيات اثبتت ان نسبة الاصابة بهذا المرض قد تدنت الى مستوى قليل جدا في عشر السنوات الاخيرة واصبح مرض شلل الاطفال من الامراض النادرة في معظم الدول المتقدمة التي طبقت نظام التحصين على جميع الاطفال خلال الاشهر الاول من حياتهم, اضافة الى انه لم تحدث اي اصابات جديدة بهذا المرض طوال السنوات الخمس الماضية في دول العالم المتقدمة.
شلل الأطفال:
هو التهاب فيروسي معد يصيب الجهاز العصبي وينتج عنه ضمور وضعف في العضلات.
وتتم الاصابة بهذا الفيروس عن طريق الفم وذلك بأكل او شرب طعام ملوث بالفيروس الناقل للمرض او عن طريق الجهاز التنفسي, عادة يصيب الاطفال دون سن الخامسة لعدم وجود المناعة الكافية لديهم ولعدم وعيهم باساليب النظافة فينتقل الفيروس من طفل الى اخر وقد يصيب الفيروس الكبار ايضا اذا لم يكن عندهم المناعة الكافية, يدخل الفيروس جسم الانسان عن طريق الفم او الجهاز التنفسي ومن ثم الى البلعوم حيث يتكاثر في الخلايا المبطنة له ومن ثم ينتقل الى الغدد اللمفاوية وفي اليوم الثالث من الاصابة يصل الفيروس الى الدم في هذه المرحلة يصاب المريض بحرارة وارهاق واستفراغ واسهال ووجع في الرأس والبطن, بعد هذه المرحلة اي في اليوم الثالث الى السابع ينتقل الفيروس من الدم الى الخلايا العصبية الامامية في النخاع الشوكي حيث يستوطن هناك ويتكاثر ونتيجة لهذا التكاثر تموت الخلايا العصبية وتضمر وتبعا لذلك تضمر العضلات ويصاب المريض بالشلل الذي قد يشمل عضوا واحدا او اكثر.
بعض الاطفال يصابون بالشلل مباشرة بعد الاعراض الاولية والبعض الآخر قد يصاب بالتدريج بحيث تظهر عليه اعراض الشلل بعد 4-6 اسابيع من الاصابة.
عندما يتكاثر الفيروس في الجهاز العصبي ممكن ان يسبب شللا في مجموعة معينة من العضلات مثل عضلات الارجل فقط، عضلات الارجل واليدين,, الخ وبالتالي يسبب ضمورا وتكلسات بالعضلات نتيجة لقلة الحركة, في بعض الاحيان قد يصيب الشلل عضلات الصدر وينتج عنه ضعف بالتنفس وعدم قدرة المريض على التخلص من الافرازات التنفسية وينتج عنه التهابات متكررة في الجهاز التنفسي مما قد يودي بحياة المصاب, في احيان اخرى قد يصيب الشلل المثانة البولية وعضلات الامعاء ويترتب عليه حصول حصر او افلات في البول والبراز, وفي احيان نادرة الاحبال الصوتية قد تصاب بشلل وينتج عنه اختناق او صعوبة في التنفس وعدم القدرة على الكلام.
تشخيص المرض:
في المراحل الاولية من الصعب جدا تشخيص المرض لانه يشابه اي التهاب فيروسي بسيط وعادة يشخص المرض بعد ظهور علامات الشلل وضعف العضلات خاصة اذا عرفنا ان المصاب لم يأخذ التطعيمات اللازمة لشلل الاطفال.
الوقاية:
كما اشرت مسبقاً ان دول العالم المتقدم قد قضوا نهائيا على المرض ولم تظهر عندهم اي اصابات في عشر السنوات الاخيرة حيث ان اخر اصابة اعلن عنها في الولايات المتحدة الامريكية كانت عام 1979م الموافق 1399هجرية, على الرغم ان حالات شلل الاطفال اصبحت شبه معدومة في الدول المتقدمة الا انه مازال عدة حالات يعلن عنها سنويا من الهند، والشرق الاوسط، افريقيا وامريكا الجنوبية, وان التقديرات في البلاد النامية تدل على ان هناك حوالي ربع مليون حالة سنويا وكل هذا يرجع لقلة وعدم كفاءة برنامج التطعيم بهذه البلدان، مع ان التطعيم ضد شلل الاطفال اثبت كفاءته منذ اكتشافه في عام 1953م.
التطعيم:
يوجد نوعان من التطعيم ضد شلل الاطفال, النوع الاول ويعطى عن طريق الفم وهو الشائع الاستعمال ويعطى عادة في الشهر الثاني والثالث والخامس من عمر الطفل وجرعة منشطة اولى في سن 18 شهرا وجرعة منشطة ثانية في سن 4-6 سنوات.
النوع الثاني ويعطى بالعضل ويستخدم في حالات معينة مثل الاطفال الذين عندهم امراض في جهاز المناعة ولا يستطيعون تحمل الطعم الاول او عند الكبار في السن, بعد استكمال الجرعات يكون الطفل عنده مناعة كافية ضد هذا المرض العضال وبهذا نكون قد حمينا اطفالنا من مرض هم في غنى عنه.
العلاج:
الوقاية خير من العلاج، لان العلاج الوحيد الذي يمنع حصول الاصابة ضد هذا المرض هو التطعيم, واذا اصيب الطفل بهذا الفيروس وهو غير محصن لا يوجد علاج يمنع الفيروس من التكاثر واتلاف الخلايا العصبية, العلاج الوحيد في هذه الحالة هو بعد ان يصاب المريض بالشلل الا وهو تهيئته نفسيا لتقبل الاعاقة وتزويده ببعض الاجهزة التي تعينه على الحركة وكذلك التمارين الرياضية والعلاج الطبيعي للتقليل من ضمور العضلات والتشوهات, يوجد بعض العمليات الجراحية المحدودة لتحسين الحركة او لتحسين وظائف المثانة والامعاء اذا اصيبوا بالشلل وهذا طبعا يعتمد على حالة المريض ومدى الاصابة.
تعنى المملكة العربية السعودية ممثلة في حكومة خادم الحرمين الشريفين الرشيدة بتوفير الرعاية الصحية الاولية لجميع المواطنين مجانا في مستشفيات ومراكز صحية انشأتها الدولة في جميع انحاء المملكة, وتبعا لسياسة المملكة البناءة فقط صدر امر ملكي بتطعيم جميع اطفال المملكة مجانا وعدم اصدار بطاقات شهادة الميلاد الا بعد حصول الطفل على جميع التطعيمات اللازمة.
وبناء على هذا الامر الكريم فقد زادت نسبة تحصين الاطفال اقل من سنة من 81% في سنة 1405ه هجرية الى 95% في سنة 1414 هجرية كما ان عدد حالات شلل الاطفال تناقصت على مدى السنوات العشر الماضية من 28 حالة في عام 1405 هجرية الى حالتين في عام 1413ه هجرية وبهذا تكون المملكة قد بلغت درجة ممتازة في القضاء على هذا المرض قد تفوق بعض الدول المتقدمة اذ ان حالات الاصابة اصبحت شبه معدومة في المملكة, وهدفنا من هذا اليوم هو منع حدوث اي اصابة في المملكة ورفع نسبة تحصين الاطفال من مرض شلل الاطفال الى 100% وبذلك نكون قد شاركنا في تحقيق هدف منظمة الصحة العالمية ان عام 2000م عالم متحرر من شلل الاطفال, اننا كمجتمع واع واباء وامهات تقع علينا مسئولية كبيرة في المساهمة بالقضاء على هذا المرض وذلك بتحمل مسؤوليتنا بتطعيم فلذات اكبادنا في الوقت المحدد وعدم اهمال ذلك او التأخر او التهاون به مطلقا, وبذلك نكون حصلنا على اطفال اصحاء يتمتعون بالحصانة من هذا المرض.
*استشاري الأمراض المعدية - قسم الأطفال بمستشفى الملك فهد للحرس الوطني