شلل الاطفال داء فيروسي ينتقل بملامسة الاشياء او الاطعمة او المياه الملوثة، وفي قلة من الحالات يؤدي المرض الى درجات متفاوتة من الكساح واحياناً يقود الى الموت، كلما كان الطفل المصاب اكبر سنا ازداد احتمال كون العواقب وخيمة، وبفضل استخدام اللقاح في العشرين سنة الماضية استطاعت معظم الدول المتقدمة ان تقضي عليه بينما تبين في الدول النامية وفي الاحصاءات الصادرة عن منظمة الامم المتحدة للاطفال يونيسيف ان التلقيح قد ابعد الوفاة عن قرابة مليون طفل في العالم النامي عام 1985م.
حول هذا الموضوع الهام والحيوي التقينا بالدكتورة امال حامد الحربي الطبيبة بمستشفى الملك فهد للحرس الوطني التي حدثتنا عن هذا الداء فقالت:
كان شلل الاطفال وحتى وقت قريب من الامراض الخطيرة وان كانت خطورته مازالت تهدد كثيرا من الدول ومصدر الخطورة في عدم توفر علاج يشفي من الاصابة به بالاضافة الى ما يسببه من اعاقات مستديمة نتيجة الاصابة به، ولعل لقاح الدكتور سولك الذي تم الاعتراف به عام 1955م ساعد على انخفاض نسبة الاصابة به لدرجة ان اخر حالة اعلن عنها في الولايات المتحدة الامريكية كانت عام 1979م الذي يوافق عام 1399ه ورغم ان هذا الداء انتهى في الدول المتقدمة الا ان خطره مازال يهدد دول العالم الثالث، فهناك ربع مليون حالة يتم اكتشافها سنويا.
ويرجع ذلك لقلة وعدم كفاءة برنامج التطعيم بهذه البلدان مع ان التطعيم ضد شلل الاطفال اثبت كفاءته منذ اكتشافه، ونسبة لهذا النجاح اتخذت منظمة الصحة العالمية في العام الماضي شعارا لها وهو التحرر من شلل الاطفال واوصت بتطعيم جميع الاطفال في الدول النامية للقضاء على هذا المرض في جميع انحاء العالم.
اما عن كيفية الاصابة بهذا المرض فتقول الدكتور امال تتم الاصابة بهذا الفيروس عن طريق الفم بأكل او شرب الطعام الملوث وعادة يصيب الأطفال دون سن الخامسة لعدم وجود المناعة الكافية لديهم ولعدم وعيهم بأساليب النظافة وقد يصيب الكبار ايضا اذا لم يكن لديهم المناعة الكافية.
وعندما يصاب المريض بهذا الفيروس فانه ينتقل عن طريق الفم الى البلعوم حيث يتكاثر في الخلايا المبطنة له، ثم ينتقل الى الغدد اللمفاوية وفي اليوم الثالث من الاصابة يصل الفيروس الى الدم فيشعر المريض بحرارة وارهاق وقيء واسهال والم في الرأس والبطن وبعد ذلك ينتقل الفيروس من الدم الى الخلايا العصبية الامامية في النخاع الشوكي حيث يستوطن ويتكاثر والنتيجة الحتمية هي موت الخلايا العصبية وتبعا لذلك تضمر العضلات ويصاب المريض بالشلل الذي قد يكون لعضو او اكثر.
وتكون الاصابة بالشلل مباشرة بعد الاعراض الاولية او تكون بالتدريج بحيث يظهر عليه اعراض الشلل بعد 4 - 6 اسابيع من الاصابة والبعض يتوفاهم الله اذا ما اصيبت عضلات التنفس بالشلل وقلة تنجو وتشفى تماما والبعض الآخر تصيبه عاهة دائمة.
وفي المراحل الاولية من الصعب جدا تشخيص المرض لانه يشابه أي التهاب فيروسي وعادة يشخص المرض بعد ظهور علامات الشلل وضعف التطعيمات خاصة اذا عرفنا ان المصاب لم يأخذ التطعيمات اللازمة لشلل الاطفال وتكون طريقة الوقاية منه عن طريق التطعيم لانه هو العلاج الوحيد الذي يمنع حدوث الاصابة به وهو نوعان:
1- يعطى عن طريق الفم: وهو شائع الاستعمال ويعطى عادة في الشهر الثاني والثالث والخامس من عمر الطفل وجرعة منشطة ثانية في سن 4-6 سنوات,ب- يعطى بالعضل ويستخدم في حالات معينة مثل الاطفال الذين عندهم امراض في جهاز المناعة وبعد استكمال الجرعات يكون الطفل عنده مناعة كافية ضد هذا المرض العضال, ونكون قد حمينا اطفالنا من هذا المرض.
اما اذا ما اصيب الطفل بالشلل ففي هذه الحالة لا يوجد علاج له سوى تهيئته نفسيا لتقبل الاعاقة والتعامل معها وتزويده ببعض الاجهزة التي تعينه على الحركة وكذلك بعض التمارين الرياضية والعلاج الطبيعي للتقليل من ضمور العضلات والتشوهات وهناك بعض الحالات نقوم باجراء عملية جراحية لها لتحسين الحركة, ومن هذا المنطلق تعنى حكومة المملكة العربية السعودية بتوفير الرعاية الصحية المتكاملة لجميع المواطنين والمقيمين على هذه الارض الطاهرة بالمجان وفي مستشفيات متخصصة ومراكز الرعاية الاولية التي انشأتها الدولة في جميع المدن والقرى والهجر الصغيرة، وتبعا لسياسة الدولة الواعية والبناءة فقد صدر امر ملكي بتطعيم جميع اطفال المملكة مجانا وكذلك كان للقرار الذي يمنع استخراج شهادة الميلاد قبل انهاء التطعيمات اللازمة نتائجه الطيبة فقد تناقص عدد المصابين على مدى السنوات الماضية بشكل كبير وبهذا تكون المملكة قد بلغت درجة ممتازة في القضاء على هذا المرض.