عزيزتي الجزيرة
تحية طيبة
في العام قبل الماضي، ما بين فصل الشتاء والربيع كانت الامطار منهمرة مستمرة، فكان لايمر ايام قليلة الا وبها اكتنزت الغيوم وتلبدت السماء حتى تبللت الارض بما فيها، من جراء هذا القطر، نتج عن ذلك الربيع بألوانه واحياء الوديان وو,, ، مما جعل الناس ينصبون على هذه المناطق ويملؤون هذه الاجواء، ولعل من بين هؤلاء عائلة كانت تجلس قريباً من جال السيل الذي كان متواصل المسير، هذه العائلة نظرا لهذا الجو الذي كانوا يعيشونه انشغلوا بعضهم عن بعض، فالكل يمرح ويجول، ومن بينهم طفل في العاشرة من عمره كان يلعب بكرة لديه الى ان سقطت في حافة السيل، فتبعها منزلاً يديه للإمساك بها فزلقت رجلاه حتى اخذته المياه، فأخذ يصرخ وهو يغرق، لم يستطع اهله فعل شيء سوى طلب النجدة في الوقت الذي كان الطفل يغرق صادف وجود شاب على جال السيل الآخر يحمل آلة تصوير ، قام هذا الشاب بالتقاط صورة لهذا الطفل وهو في عز غرقانه، هذه الصورة (تحكي حال اللغة العربية اليوم).
لو نظرنا الى مجتمعنا الصغير بالنسبة للمجتمعات الاوروبية الغربية والشعوب الشرقية، بداية بالشوارع،ثم المساكن، فالمدارس، الدوائر الحكومية، الشركات، الفنادق، وسائل الاعلام المختلفة,, نجد انحسار اللغة العربية الفصحى حتى بلغ الامر الى السخرية من المتحدث بها، بينما نجد العكس للمتحدث باللغة الانجليزية او الفرنسية فانه يقابل بالاحترام والاعجاب وامور شبيهة بهذا.
حقيقة اللغة العربية ملت البكاء والدموع، ملت الانين والحنين من هول ما اصابها من صد وهجران، وممن؟ من ابنائها وحفدة اكبادها.
اخواني واخواتي ان الغيرة على اللغة غيرة على القرآن وغيرة على الدين الإسلامي.
ان الاحساس الذي لابد ان يحس، هو احساسنا بأننا ولغتنا وجهان لعملة واحدة، بحيث يتم الخلل والفشل لو افترق واحد عن الآخر، فالمشاهد للغات الاجنبية يجد انه لشدة الحرص على اللغة الانجليزية مثلاً ان التلميذ عندما يخطىء في كلمة وهو في دروس غير متخصصة في اللغة كالعلوم مثلاً نجده يتمعّر وجهه من عظم الخطأ الذي وقع به، كل هذا وهم بلا تاريخ عريق فضلاً عن ما هو اعظم وهو الدين الذي شرفنا الله به متى تمسكنا بكتابه وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، اذن كيف لنا ان نتمسك بهما ونحن لانعي ما فيهما بسبب انعزالنا عن اللغة التي تحدثا بها، فالله سبحانه وتعالى تكلف بحفظ كتابه مستغنياً عنا، قال تعالى:(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، أفلا يجب ان نحاسب انفسنا ونحافظ على هذه الجوهرة العظيمة وهذا الرونق وهذا البهاء اللذين عرفت بهما اللغة العربية، قال الشاعر بلسان اللغة العربية:
انا البحر في احشائه الدر كامن فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي |
وللحد من خطورة (الضعف اللغوي) يجب على معلمي اللغة العربية وخاصة في الصفوف المبكرة، معالجة هذا الضعف بجعل المادة منوعة مشوقة، محفزة، دافعة للطلاب، وافهام الطلاب بأن اللغة العربية هي وسيلة لغاية، وهي فهم القرآن الكريم، ومن ثم فهم الدين الإسلامي، وكذلك جعل اللغة واقعاً ملموساً غير مقتصرة على دروس جافة، من حيث ربطهم بالمكتبات العربية، وبالنسبة للاسرة فهي تعتبر شركة بين المدرسة والبيت، فعليها تقع مسؤولية ايضا، سواء كان بالوسائل التعليمية السمعية ام البصرية.
وفي الأخير ، يجب وعي الامة كلها بنهج التحدث باللغة العربية الفصحى حتى لو وقع الخطأ ، فانه يقوّم ومن ثم يتمهد السبيل الى انعدامه، وعدم الاتكالية على المسؤولين في مختلف المجالات.
محمد بن سالم العمر
الرياض