بدأت منذ سنوات قليلة ملامح النظام الاقتصادي العالمي الجديد في التبلور ومازالت الصورة النهائية لهذا النظام لما تستقر بعد, ومن المتفق عليه ان احد ابرز ملامح هذا النظام قيام منظمة التجارة العالمية والتي تسعى الى الغاء كافة اشكال الحواجز والقيود امام حركة السلع والخدمات بين الدول، والمنظمة من خلال سعيها لتحقيق هدفها اصبحت احدى وسائل نقل ونشر العولمة وخاصة في الجانب الاقتصادي, ومن الواضح ان العولمة اضحت علامة مميزة للنظام الجديد.
ولاشك ان مجموعة عديدة من العوامل قد تضافرت وساعدت على هيمنة اقتصاد السوق وبخاصة الاقتصاد الرلسمالي على الواقع الاقتصادي فانتشرت موضة التخصيص حتى ان البعض اصبح يرغب في تخصيص كل شيء دونما تفرقة بينما هو قابل للتخصيص من عدمه ودون مراعاة للاعتبارات والظروف الاجتماعية او مستوى التقدم الفني او مستوى المعيشة، واصبح التخصيص هدفاً لاوسيلة,ماسبق من الظواهر والسمات المصاحبة للنظام الاقتصادي الجديد ساهم في ايجاد موجة الاندماجات بين الشركات والمنشآت الاقتصادية العملاقة في معظم الانشطة والتي ربما اخذت شكل الظاهرة, الامر الذي ساعد على قيام احتكارات عالمية تسيطر على الاقتصاد العالمي وتتوافر على قوة احتكارية تمكنها من مزاولة ابشع صور الاستغلال, ولاتقتصر موجة الاندماجات على الشركات والمنشآت الخاصة بل شمل الامر الدول فظهرت تكتلات اقتصادية فاعلة ومؤثرة لعل ابرزها منطقة اليورو والتي شكلت مع الولايات المتحدة الامريكية واليابان الركائز الثلاث التي يقوم عليها النظام الجديد والتي توفر له الدعم بكافة اشكاله, ومن الجدير بالملاحظة ان غالبية الشركات المؤثرة المندمجة لاتخرج عن اطار هذه القوى الاقتصادية الكبرى, يضاف الى هذه السمات والتي تشكل صورة النظام الجديد سمة على قدر بالغ من الاهمية هي تفجر المعلومات وسرعة انتقالها من مكان الى آخر، الشيء الذي يجعل الكثير من المتغيرات الاقتصادية بالغة الحساسية والتأثر باقل حدث وربما بمجرد اشاعة تنتشر في العالم باسره في دقائق معدودة، حتى اضحى العالم وكأنه سوق واحدة صغيرة فما يحدث في احد اطراف السوق يؤثر في نفس الوقت على مايجري في الطرف الآخر, والمتأمل للاثار المترتبة علىظاهرة تفجر المعلومات يجد انها مصحوبة بتقدم تقني متسارع جداً غير معهود،حتى ان انماط الانتاج التقليدية ربما تتغير بالكلية في فترة زمنية ليست بالطويلة، وكذا نوعية المنتجات, وبالطبع ستتأثر مستويات المعيشة الحالية والمأمولة بكل هذه المتغيرات.
بقراءة سريعة لهذه السمات وغيرها يمكن الاستنتاج ان النظام الاقتصادي القادم سيكون مختلفاً اختلافاً جذرياً عن السائد في فترة زمنية مازلنا نعيش ماتبقى منها, والسؤال الذي يبحث عن اجابة هو ما موقع الدول النامية بشكل عام ومجتمعنا بشكل خاص من هذه التغيرات والمستجدات والتي ستؤثر حتماً على واقعها؟
* قسم الاقتصاد الإسلامي- جامعة الإمام محمد بن سعود