* كتب - المحرر الاداري
كل قائد اداري يستطيع ان يكون مديراً ناجحاً,, ولكن لايستطيع كل مدير أن يكون قائداً إدارياً ناجحاً.
هذه هي احدى الحقائق البدهية في علم الادارة وممارستها , فالقيادة هي مرحلة متقدمة في سلسلة التدرج الاداري ومؤسساتنا الادارية تعج بالكثيرمن المديرين المبتدئين والمتوسطين والمتقدمين,, فكيف نصنع من هؤلاء قياديين,؟! وماهي عوامل نجاح القياديين وماهي صفات المبدعين منهم؟!
هذا ما نحاول الاجابة عليه في تحقيقنا التالي،الذي استضفنا فيه عدداً من المتخصصين والممارسين في الادارة.
ففي البداية تحدث الدكتور فهد معيقل العلي استاذ الادارة العامة المساعد بمعهد الادارة العامة عن عوامل نجاح القائد الاداري فقال هي تختلف من بيئة ادارية الى اخرى, إلا ان هناك عوامل مشتركة لنجاح القائد الاداري كقدرة القائد في التأثير على مرؤوسيه ايجابيا وكذلك مدى معرفته بطبيعة وصفات الاعمال التي تقوم بها ادارته، وما مدى مايتمتع به من قدرات على معرفة مستوى التطور لدى موظفيه، وتحليل كفاءتهم بالنسبة للمهام التي يؤدونها.
واشار الدكتور العلي إلى ان القيادة الموقفية هي افضل الاساليب القيادية في عصرنا الحالي والتي تمنح القائد الاداري حرية اختيار الاسلوب القيادي المناسب بحسب الموقف, كأن يتبع الاسلوب التوجيهي او الاستشاري او المساند او التفويضي, وهنا يكمن فن القيادة في استخدام الاسلوب القيادي الأمثل، وقد يستخدم القائد عدة اساليب قيادية في وقت واحد حسب حالة كل موظف، فقد يكون هناك موظف يحتاج الى توجيه وموظف آخر يحتاج الى تفويض لأن قدرته وكفاءته عالية, كما ان هناك موظفا ذا رأي سديد يمكن أخذ الاستشارة منه وموظفا آخر يتحمل المسئولية يمكن ان يستفيد منه القائد الاداري كمساند,, وهكذا.
أما مدير إدارة توليد الطاقة الكهربائية بالمنطقة الوسطى سعد محمد الدخيل فقال ان المشاركة في الرأي والتفويض هي من افضل اساليب القيادة الادارية الناجحة وذلك لأن المشاركة في الرأي ينتج عنها خلاصة لعدة آراء تكون في الغالب افضل من كل الآراء التي طرحت في المشاركة, لأن المشاركة في الرأي تجعل المشارك يحس بأهمية رأيه في الادارة التي يعمل فيها, وهذا حافز ودافع له انعكاسات ايجابية في نفس المشارك, وكذلك بالنسبة لأسلوب التفويض يجعل المرؤوس يشعر بأنه قادر وكفؤ في عين القائد للقيام بالعمل المعني في الموقف, والتفويض في مثل هذا الموقف حافز للتفويض في المواقف الأخرى وبالتالي نجد الموظف يعمل ويراقب مرؤوسيه بما يضمن تفويضه في المواقف القادمة.
وحول مدى وجوب قناعة المرؤوسين في قائدهم الاداري ليتحقق له النجاح أكد ابراهيم محمد بوخمسين رئيس إدارة الرقابة المالية والتخطيط في البنك السعودي للاستثمار اهمية ذلك مشيرا إلى ان قناعة المرؤوسين بقائدهم صفة مهمة لتحقيق نسبة عالية من النجاح، وحمَّل المسئولية في ذلك للقائد نفسه إذ يجب عليه أن يقنع مرؤوسيه بامكاناته وقدراته القيادية من خلال اعماله ومبادراته وتصرفاته وإظهاره للمميزات والصفات القيادية.
وفي جانب اهمية قناعة المرؤوسين بقائدهم قال الدكتور فهد العلي ان القائد لايمكن له ان يكون مؤثراً في مرؤوسيه ما لم يكن مقنعاً لهم, وإذا لم يؤثر في مرؤوسيه فإنه عندئذ لايكون قائداً، لأن من صفات القيادة القدرة على التأثير في سلوك الآخرين لتحقيق اهداف محددة.
والقدرة على التأثير هي التي تفرق بين المدير الاداري والقائد الاداري, فإذا لم يكن القائد مؤثراً فإنه يصبح مديراً ينفذ المرؤوسون مايطلبه منهم بلا رغبة ولا قناعة وإنما بحكم موقعه كمدير.
وحدد المهندس حسين عبد الله آل مخفور مدير ادارة العمارة والتنسيق بالمديرية العامة للبلديات بعسير الصفات الواجب توافرها في القائد الاداري الناجح ووضع الذكاء وسرعة البديهة والنظرة العميقة للأمور على رأس تلك الصفات والتي من ضمنها كما قال الشخصية الجذابة والنصح العقلي، والعاطفي، والقدرة على التحمل والامانة والاستقامة وحسن الخلق والتهذيب وكذلك الايمان بالهدف والحماس للعمل والقدرة على التعبير والاقناع وفهم حقائق المواقف وإدراك ابعادها المختلفة بالاضافة الى تحمل المسئولية والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة في الاوقات المناسبة.
ومثلما هناك فوارق بين القائد الاداري والمدير، فان هناك فوارق بين القائد العادي والقائد المبدع تتمثل في اربعة متطلبات يجب توافرها في القائد ليكون مبدعاً وأولها الفضول,, كما حدد ذلك الدكتور فهد العلي وشرح متطلب الفضول بقوله ان يتساءل القائد لماذا تعمل هذا الشيء بهذه الطريقة باستمرار,, أليس من الافضل ان نغير هذه الطريقة, لأن هذه التساؤلات تؤدي الى الابتكار,, اما المتطلب الثاني فهو الشجاعة في تطبيق الاساليب المبتكرة في العمل,, والمتطلب الثالث هو الوقت الذي يجب أن يمنحه القائد لنفسه لكي يدرس ويحلل الافكار لمعرفة مدى الاستفادة منها وإمكانية تطبيقها,, والمتطلب الرابع هو الرغبة لدى القائد ان يكون مبدعاً.
فالقائد المبدع يجب ان يبحث عن التغيير وعن ماهو مختلف وان يفكر بشكل متحرر عن قيود العمل او ألا يكون عدم توفر الامكانات أو اللوائح اوغيرها حائلاً دون ابداعه, كذلك يجب ألا يعتمد على التفكير المنطقي المتسلسل المعتمد على ربط العلاقات مع بعضها بل يجب عليه ان يبحث عن الفكرة الجديدة لا الفكرة الجيدة.
ونفى اسعد الدخيل ان يكون مجتمعنا الاداري السعودي يعاني من وجود القائد الاداري المبدع, وقال من الواجب ان نكون جميعا قادة اداريين مبدعين وذلك لأن هناك ضوابط دينية إلاهية تضبطنا, ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة في ذلك حيث كان خلقه القرآن، وديننا الاسلامي يأمرنا بالقراءة والجد في العمل والصدق في المعاملة والامانة وحسن الخلق والمشورة والشجاعة وأمور كثيرة لو التزمنا بها فسنكون قادة إداريين مبدعين.
واستفاض سعد الدخيل في ذكر أبرز عوامل نجاح القائد الاداري فقال: يجب ان يكون عنده دافع المبادرة وان يكون مستجيباً لذلك الدافع في الوقت المناسب وان يعمل لسياسة الاهداف وترتيب اولوياتها وان يحرص على انجاز الأعمال باسم الادارة وان يشرك مرؤوسيه حسب علاقتهم بذلك الانجاز وان يكون جيد الاستماع لآراء الآخرين وجيد الاسلوب للاقناع وان يكون عنده روح الاستمرارية في التطوير ومطلعاًً على التطورات التي تتم في الادارات المماثلة وان يكون مقتنعاً ومطبقاً للبرامج التعليمة والتدريبية الخاصة بطبيعة العمل في ادارته وان يكون واضحاً وصريحأ في تعامله مع رؤسائه ومرؤوسيه وان يبعد التخوف عن مرؤسيه في المبادرات والتصرفات وألا تكون الحواجز الادارية بين اقسام ادارته مانعاً له من التطوير وان يكون مدركاً للأنماط القيادية وان ينتقل نمط لآخر حسب كل موقف وان يكون ملتزما بعمله في إطار الضوابط الدينية والاخلاقية والاجتماعية بما يجعله مثالاً وقدوة.
وأكد الدكتور فهد العلي صعوبة صنع القائد الاداري الناجح, فالقائد الاداري الناجح لايمكن صناعته ولكنه موجود في محيطنا الاداري فكيف نكتشفه,,؟! اذ هناك صفات موجودة في القائد الاداري الذي نتوسم فيه ان يكون ناجحاً ومؤثراً ومبدعاً ومن أجل ذلك يجب ان ننمي مهارات القيادة لديه ويجب ان يتعلم الأساليب القيادية المختلفة, إذ ان دراسة القيادة تطرقت الى اربعة مداخل رئيسية هي السمات التي تعتمد على ان القائد هو الرجل العظيم الذي تتوفر فيه الخصائص والقدرات الخارقة, ومدخل القوة سواء كانت شخصية او وظيفية, والمدخل السلوكي والمدخل الموقفي.
وركز حسين عبد الله ال مخفور على التدريب في صنع القائد الاداري الذي تتوفر لديه بعض الصفات والمهارات الاساسية كالمهارة الفنية في مجال العمل والمهارة الانسانية والمهارة الفكرية.
واتفق الدكتور فهد العلي وحسين آل مخفور في ان هناك فئة من مسئولي الصف الثاني في العالم الاداري تخشى القيادة وتفضل ان تبقى الرجل الثاني دائماً حيث قال الدكتور فهد العلي: لا أحد ينكر وجود هذه الفئة التي تخشى تحمل المسئولية انطلاقا من عدم ثقتهم في انفسهم وفي قدراتهم، وقد لا يكون وصولهم لموقع الرجل الثاني عائدا لكفاءتهم وإنما في كثير من الحالات يعود ذلك للقائد الاداري الرجل الاول الذي جاء بهم لهذا الموقع لكي ينفذوا ما يريد دون مخالفة أو اعتراض, وهذا ينتقص من نجاح القائد الاداري الذي يجب ان يتحلى بالأمانة والعدل مع العاملين معه وان يحرص على مصلحة المنظمة الادارية والتوازن بين مصالحه الشخصية ومصالح العمل.
وحول اختيار بعض القادة الاداريين مساعدين لهم لاتتوفر فيهم الصفات القيادية قال ابراهيم بوخمسين ان ذلك يحدث في ظل القيادة المركزية عندما تنهج القيادة مبدأ التسلط وحب البروز الفردي, وهذا النوع يكون عادة في نمط القيادة التوجيهية.
ووافق الدكتور فهد العلي ذلك التفسير, واكد ان القائد الناجح هو الذي يعد غيره للقيادة فيختار مساعديه ذوي قدرات وكفاءات عالية, ليكون الاتصال في اتجاهين بدلاً من ان يكون في اتجاه واحد من القائد فقط.
وقال الدكتور العلي ان هناك ظروفاً كأوقات الازمات والطوارىء تحتاج الى اتخاذ قرارات سريعة ومن هنا فمن حق القائد الاداري ان ينفرد بالقرار لعدم توفر الوقت الكافي لسماع آراء مختلفة وقال ابراهيم بوخمسين ان هذا النوع من انماط القيادة يسمى النمط التوجيهي وهو مشروع بل ومفضل في الاوقات الصعبة والازمات.
|