إن أمسية يكون الشاعر أحمد الصالح طرفا فيها لن أتوانى في تلبية دعوة الحضور إليها,, وسآتيها ولو حبواً,.
لقد كانت تلك الليلة المعطرة بنشر الدفق الشعري الذي ضمخ أجواءنا فيه الصديق الصدوق أبو محمد احمد بن صالح الصالح,, ذلك الشاعر الذي امتطت الفكرة جناحي شعره,, المسافر أبداً إلى عالم الابداع والخيال الخصب فيصحب احبابه وأصحابه في اعماق رحلاته التائهة في مفاوز التهويمات الانتقائية الالتقائية,, تنتقي ارق الالفاظ لتلتقي ابرع المعاني,, وتنتقي اوفى الاصحاب لتلتقي انقى القلوب,,هو في رحلة سفره الابدي,, ليس وحيداً,, إن أغار وإن أنجد,, لقد استطاع ان يختطف من يروقه,, وينتهب من يريده,, اختطف معجبيه وانتهب محبيه,.
ليرسو بقاربه - كل حين - عند شاطئ الاعراف,, يصغي لدقات المجهول وهو يعزف انشودة الحب والحرية والحياة,, كما يصفه الاستاذ جلال العشري.
إن أعراف الصالح تعمقت فيها المبادئ والمثل النبيلة ورسخت في طياتها جذور النبل والفضيلة, لذلك جاءت اعرافا محددة المصير معلومة المنتهى.
وأنا ألوك اصابعي ندماً
وفي شفتي تنتحر الذنوب بتوبتي
ألف انتحار
من فضفضات العراف,.
ومن انتفاضات المليحة,.
ومن أوراق السفر,.
ومن تجليات الوطن في العينين,.
ومن خزائن المكتبة الرهينة,, تتحدد الاعراف,, وتتحقق الاعراف,, فمن بيديا,, حكيم الهند,, إلى قتيلة أبي لهب,.
,,, ,,, ,,, فربتما
أن يبلغ الحرف أمرا ليس تبلغه
أمضى السهام,, ونعم الشعر محتكما
أن تأخذ الثأر كف بعدما عرفت
إثم القطيعة ما أهفت لها ذمما
,,, إن جراح الغدر موجعة
وأوجع الغدر عند الأقربين حمى
ينتصب هاهنا طرفة والبحتري وابو الطيب وأبو العلاء,, ويظاهرهم محدثو هذا العصر عندما تتثاءب الشاعرة لتلهم ابا محمد فيعتذر,, وتستفزه الساعات والاهداب,, وتبلغ منه همسة الشفاه,, مثلما يبلغ منه روح نسمة,, طرية شميمها العرار.
هكذا يبدو لنا الشاعر الصالح,, لقد قرأه الدكتور حمد السويلم قراءة متأنية فبدا عميق الدلالة اللغوية في النص الشعري فلديه القدرة على استدعاء الشخصيات التراثية لكي تكون اقنعة يتوارى خلفها في رؤيته ازاء الواقع وما يستشرفه لأمته الاسلامية,, ثم استخدامه التقنية المعاصرة التي اكثر الشعراء المعاصرون من توظيفها لكي تضفي على العمل الشعري عراقة وأصالة وتمنحه نوعا من امتداد الماضي في الحاضر,, ويمنح الرؤية نوعا من الشمول والكلية بحيث يجعلها تتخطى حدود الزمان والمكان ويتعانق في إطارها الماضي والحاضر.
إن الملامح التفاعلية التي بدت جلية تتفتح اسارير مبهجة لحضور تلك الامسية اكدت بصدق شاعرية الصالح ومناجاته للشعور في ذات سامعه,, ولا أدل على ذلك من المداخلات التي عبر بها المقتدرون على الابانة ابان الامسية.
ما أروعه حين يقول:
حلم أنت والمحاسن تلقي
سحرها في حوار تلك العيون
والمساءات تستزيد حديثا
ورغاب تخشى اجتراح السكون
وما أعظم ابداعه حينما يشدو:
هذا الأوان:
تموت فيه النفس واقفة
أفقت :
فما وجدت سوى الدقن
وأقفت ثانية:
فقيل يباع في الشرق الوطن
وأفقت ثالثة :
ولكن,, بعدما قبضوا الثمن
إنما الشعر هزة من شعور
غار في النفس فانتضته الشجون
صالح بن إبراهيم العوض
الرس