أشرت في مقالتين سابقتين الى الاسراف الملحوظ في استخدام مصطلح العولمة (على عواهنه ,,!),, واستعرضت كذلك أسبابا اقتصادية وعلمية وتاريخية مفادها استحالة عولمة العالم,.
وهنا اختتم ما أوردته سابقا من شواهد على ذلك والتي سوف استهلها بالتساؤل عن حقائق لا مراء فيها لأقول: ألا ترون في سنن التباين الإنساني:
وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا وسنن الدفع: ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض وسنن (استحالة) التماثل:
ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة دلائل لا مراء فيها على أن العولمة - بواقعها ومأمولها - ليست سوى منعطف مؤقت (أو فلنقل تقليعة تكنولوجية وكردة فعل مؤقت وخيال يعوزه التطبيق لثورة الاتصالات ,,!)، وعليه فهي ليست امتدادا للمراحل التاريخية (الطبيعية) التي مرت بها الانسانية (والتي لها - وأعني المراحل التاريخية - من المنعطفات مالها على الرغم من طبيعتها التراكمية), هنا يمكن القول ان العولمة (المأمولة ,,!) سوف تأفل كما أفل ما (تخيله) الغرب وأمّله من الحروب الصليبية وعصور التنوير والنهضة الأوروبية والثورة الصناعية وما تلاها من ثورات فكرية وعسكرية، وصولا الى تبرمهم من واقعهم واقتحامهم (أسوار) الغير فعليا (استعماريا) بعد ان أعياهم ذلك فكريا، بل وارتداد نتاج ثوراتهم تلك الى نحورهم متمثلا بحروبهم الشعواء فيما بينهم حتى إفاقتهم ووعيهم (الدرس ,,!) حفاظا على وجودهم ومكاسبهم في أعقاب كابوسي النازية والفاشية (واللتين بالطبع تعتبران ضيغتين من صيغ العولمة او السيطرة على العالم، لافرق ,,!).
اخيرا، التاريخ تصنعه المصلحة والمصلحة تتطلب التفاعل والتفاعل لايتأتي سوى بين طرفين أو أكثر ولذا فمن الممكن القول أن لكل عولمته لتسويق ما يجيد صنعه - فكرا كان أم سلعة - بل ومحاولة فرضها على الآخر:
تأملوا معي ما خطه يراع قسيس قرونهم الوسطى (عصور الظلام ,,,!) متحسرا على العولمة الاسلامية في عصره وقارنوه بتباكينا وتحسرنا في زمننا هذا (بل وانتظارنا لقطار العولمة!) ولاحظوا كيف نجح الغربيون - كما أثبت التاريخ المعاصر - في التكيف مع ما أخذوه من عولمتنا وصياغته الصياغة التي تناسب قيمهم وثقافاتهم, يقول هذا القسيس المكلوم (والترجمة من لدني):أين هو الانسان الذي لديه القدرة على قراءة انجيله بلغته اللاتينية ,,,؟!
بل لعمري أي شر حل بشباب المسيحية المبدعين؟! لماذا ينكبون على كتب اللغة العربية بحماس لانظير له ,,,؟!
لماذا كلهم استعداد ورغبة عارمة باقتناء كل ماهو مكتوب باللغة العربية ولو كلفتهم تلك الكتب من المبالغ الطائلة ما كلفتهم,,,؟!
بل لماذا ينظرون الى آداب المسيحية وعلومها نظرة كلها دونية واستخفاف الى الدرجة التي نسوا من خلالها لغتهم وآدابها ,,,؟! ياللهول ويالخزي ماذا دهانا,, ؟!
إنك في الوقت الذي بالكاد تجد شخصا واحدا لديه القدرة على صياغة رسالة الى صديقه باللغة اللاتينية لتجد في المقابل ألفا ممن يستطيعون التعبير بكل حذاقة باللغة العربية ولكأنها لغتهم الأصلية ,,,!
(انظر كتاب Savory, R. (باللغة الانجليزية),Introd uction to Islamic Civilization, 1976, ص 128).
حقا,, الأيام دول وعليه فالعولمة وهم ,,!
الدكتور , فارس الغزي