الوسواس القهري من أصعب الأمراض النفسية د, جمال القرشي استشاري الأمراض النفسية |
الوسواس القهري هو مرض نفسي يؤدي إلى القلق والاكتئاب ويمكن تقسيمه إلى نوعين
الأفكار الوسواسية
هي أفكار واحاسيس وشعور تظل على ذهن المريض بصفة مستمرة فيحاول المريض ان يتخلص منها ولكن دون جدوى ولشدة تأثرها عليه يصير اسيراً لها وتتملكه لدرجة التفكير فيها باستمرار مما يساعد على تكرارها بصورة مزعجة رغم انها افكار تافهة ولا تستحق.
كما ان محاولة المريض طرد هذه الافكار (الوسواس) والفشل في ذلك يؤدي الى القلق النفسي والاكتئاب وانشغال المريض حتى تتأثر حالته العامة ويتأثر افراد اسرته والاقربون من حوله، فمثلاً احد المرضى صار مهووساً بحاصل جمع نمر السيارات وحين صارت السيارات تحمل ارقامها احرفا صار مهووسا بتكوين كلمة مفيدة او غير مفيدة من الاحرف الثلاثة مما ادى الى انشغاله طول اليوم في مثل هذا السخف يحول حياة المريض الى جحيم بل وحياة من حوله اذ يقل استيعابه واهتمامه بجوانب الحياة الاخرى نظرا لانشغاله بتلك الافكار التافهة.
الأفكار والتصرفات الوسواسية
تبدأ الفكرة مثل سابقتها الا ان الافعال تعقب الافكار فمثلا يظن الشخص انه نسى ان يغسل يديه اثناء الوضوء فيعيد الوضوء مرة اخرى يحس بأنه نسى ان يمسح على رأسه ويستمر التكرار وآخر يخرج من المنزل يأتيه فكرة ان الغاز غير مؤمن، فيعود بعد ان خرج من المنزل ليتأكد ثم يترك الغاز ويشك في قفل الباب وهكذا.
وكلا النوعين السابقين يسببان عدم الأمان والاطمئنان للمريض مما يدفع الى درجة بالغة من القلق والعصبية فيختل توازن حياة المريض.
أسباب المرض
اسباب هذا المرض كثيرة منها النفسية والشخصية والسلوكية المستقاة من التجارب السابقة للمريض فمثلا الشخص الذي يتوضأ للنظافة وينزعج لرؤية الاوساخ او ان تلطخ يداه مثلا بالمصافحة للناس هنا تتحرك في نفسه آلية دفاعية او للدفاع عن نفسه بقيامه بغسل يديه خوفا من الامراض المعدية، وهذا المرض الاكثر من اللازم ينبع من شخصية المريض التي تبحث عن الكمال في الصحة والاداء ولكل مريض خصوصياته في الاسباب ولذا يأخذ الطب النفسي وقتاً كافياً لتاريخ المريض حتى يقف على الاسباب.
الأمراض العضوية
ليس لها علاقة بالوسواس بأي من نوعيه لكن اصابة مريض بسرطان مثلا ربما يحدث افكارا وسواسية حول الحياة والموت حتى يصاب المريض بالوسواس من جراء ذلك وكذلك الرابط بين العضوية والنفسية هي شخصية المريض واستعداده النفسي والوسواس القهري من اكثر الامراض النفسية صعوبة في العلاج ولكنه غير مستحيل، وهناك عدة طرق لعلاج المريض سواء الذين يصابون بالوسواس الفكري او القهري او الوسواس القسري والذي ينتج عنه الافعال.
العلاج
العلاج السلوكي والذي يقوم به خبراء علم النفس الاكلينيكي لتغيير سلوك المريض وتقليل استجابته للافكار والتركيز على الافعال وسلوكيات المريض بمساعدة التركيز الذهني لجذور الافكار والافعال وكذلك مساعدة المريض على وقف الافكار والتعامل معها بواقعية املا في ان تقل حساسية المريض المفرطة للاهتمام بالافكار وهكذا.
العلاج بالعقاقير وخاصة العقاقير المضادة للاكتئاب الجديدة تساعد كثيراً الا ان المريض يحتاج لعدة شهور ولجرعات عالية ومواظبة على الطبيب المعالج وفي بعض الاحيان يعود المرض الى المريض مرة اخرى بعد ايقاف العلاج، اما اذا كان العلاج السلوكي ناجحا وعلى ايدي مدربة فهو بالتأكيد افضل من العلاج بالعقاقير.
العلاج على ايدي (القراء)، فضل القرآن في علاج مثل هذه الامراض النفسية لا ينكر، والتي غالبا ما يكون سببها عدم الاطمئنان الروحي، ولكن بعض الناس يذهب الى المشعوذين والدجالين والذين يستغلون ضعف المريض النفسي وحاجته للتخلص من المرض مما يجعله عرضة للابتزاز وسوء المعاملة كالعلاج بالضرب او الكي او غيره.
واغلب الاطباء النفسيين لا يمانعون ان يذهب مرضاهم ليعالجوا بالرقي الشرعية على ايدي قراء ملتزمين معروفين بل ان بعض المرضى يحسون بالتحسن وربما يساعد العلاج بالرقية العلاج الاكلينيكي.
بعض الأمراض
الأفكار: يمشي المريض ويعد البلاط امامه ويأخذ حذره بحيث يضع رجله اليمنى على البلاطة الثالثة في كل خطوة ويفكر انه لو وضع رجله على المسافات بين البلاط او على البلاطة الرابعة مثلا ربما يتسبب هذا في وفاة امه، وهذه الحالة تجد تشابها في كل الحضارات والثقافات والسبب في ذلك أن الفكر الإنساني لا حدود له عبر الجغرافيا والزمان والمكان.
حالة تردد أفعال
حيث يعيد الشخص الصلاة اكثر من مرة لانه يعتقد او شك في انه لم يقرأ الفاتحة، وهذا النوع من الحرص مبالغ فيه اتخذ شكلاً نفسياً.
بالنسبة للوسواس عند الاطفال قبل البلوغ يمكن ان يكون شيئاً عادياً وليس مرضيا، مثلا الذهاب للبقالة بطريقة معينة ومس الحيطان والاصرار على لون معين ولذلك يجب عدم الخوف اللهم اذا جاءت الافعال غير محتملة.
والجدير بالذكر ان الوسواس بدرجة معقولة شيء مفيد للانسان واغلب ارباب الاعمال والمديرين الناجحين فيهم صفات الوسواسية الايجابية او بالاحرى الحرص الشديد على العمل و تكملة الواجبات المناطة بهم بدقة على درجة من الكمال والا اصابهم التقاعس اذا كانوا لا يهتمون وبالتالي الفشل، وبالمناسبة اغلب الاطباء وبالذات اخواني الجراحون لديهم درجة من الوسواس غالباً ما يكون سببا في نجاحهم المهني متمثلا في حرصهم الفائق على الاشياء والتأكد من وجودها (مثلا عد المقصات والشاش) قبل قفل العمليات وبعدها, واخيرا نعوذ بالله من شر الوسواس الخناس سائلين الله العفو والرضا والطمأنينة.
|
|
|